23-11-2023 10:43 AM
بقلم : د.باسم عيسى تليلان
في اعقاب الحربين العالميتين الاولى و الثانية ادرك العالم الحاجة الى قانون دولي رادع يستطيع العالم فيه ضبط الديكتاتوريات الفردية او المنظمة وحماية الشعوب كافراد او جماعات كالدول و الاقليات من القوة المفرطة التي لا تحتكم الى اي معايير انسانية فجاءت فكرة عصبة الامم عقب الحرب العالمية الاولى كمحاولة اولى لتطبيق مفهوم احلال الامن و السلم الدوليين و التي امتنعت الولايات المتحدة عن المشاركة فيها و ما لبثت ان فشلت لعدم قدرتها منع وقوع الحرب العالمية الثانية و التي انتهت عام 1945 مخلفة دمارا عالميا شاملا طال معظم الدول و خصوصا اوروبا و اليابان .والتي تشكلت على اثرها هيئة الامم المتحدة بمؤسساتها بقيادة امريكا و الدول المنتصرة لتصاغ و تظهر على شكلها الحالي تضم مؤسسات ومنظمات مالية و صحية و حقوقية .. وبدأت تتطور مدعية المحاولة حماية حياة الافراد وفرض العدالة و المساواة ومنع الاحتلال و احترام سيادة الدول و افردت بندا سابعا من نظامها يفرض استخدام العقوبات الاقتصادية و السياسية و العسكرية على اي دولة تتجاوز الاعراف و القوانين الدولية وتمارس افعالا اجرامية او عنصرية او استيطانية وكل ما من شأنه انتقاص السيادة للدول او الاعتداء على حياة وحقوق الافراد بما ينسجم مع العهد الاول و الثاني لحقوق الانسان و اتفاقية الاسرى وحماية المنشآت العامة الخدمية بالحروب ومنع المساس بحياة الصحفيين والمؤسسات الطبية و الاغاثية ودور العبادة و البعثات الدبلوماسية و غيرها ..
الا ان كل هذه القوانين و المنظمات بقيت مطواعة للدول القوية والعظمى و اصبح مجلس الامن حاميا لبعض الديكاتوريات بدل من تطبيق البند السابع من ميثاق الامم المتحدة تماما كما يحصل مع الكيان الصهيوني الذي اعتاد على ضرب قرارات الامم المتحدة بعرض الحائط مستندا الى قوة الولايات المتحدة منذ عام 1967 وادى ذلك الى تبعات تجاوزت فيها الدول القوية ميثاق الامم المتحدة في فيتنام و افغانستان و العراق و سوريا و لبنان و السودان وليبيا و اخيرا غزة ....التي تعرت من خلال العدوان الهمجي العنصري الاسرائيلي عليها تماما و اظهرت عجزها و مطواعيتها لمعايير الولايات المتحدة المزدوجة و ثبت عجزها امام ابادة الاطفال و قصف المستشفيات و قتل الصحفيين وتدمير المدنيين وسط تأييد من القوى الغاشمة التي ادعت الديموقراطية و امتلأ خطابها كذبا في الدعوة لحقوق الانسان فقد احتلت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق وانهت تقدمه بحجة ثبت كذبها وكانت تخفي خلفها ثأرا للكيان الصهيوني و خوفا عليه من دولة متقدمة اطلقت صواريخها على المحتل الصهيوني في فلسطين فانهت النظام السياسي العراقي وسرحت الجيش باكمله و شردت الشعب و قتلت مئات الوف الاطفال و النساء بلا سبب و في سوريا اتيح المجال فيها من الامم المتحدة لابادة جماعية قادها رئيسها بصورة لم يشهد مثلها التاريخ واستمرت لسنوات تدعمها روسيا و ايران و ميلشياتها فمورست فيها ابشع صور الديكتاتورية على شعب اعزل لضمان امن الكيان الصهيوني ... و اليوم وبعد ممارسة اجزاء من البند السابع على روسيا المحتلة ايضا لتضارب مصالحها مع الولايات المتحدة كان معظمها يتعلق بالحصار الاقتصادي و التعزيز العسكري لاوكرانيا تنطلق امريكا وبريطانيا و المانيا و فرنسا لدعم ابادة الشعب الفلسطيني و استخدام معايير مزدوجة في العدوان على غزة و تبرير قيام المتطرفين الارهابيين في الكيان الصهيوني لقصف المستشفيات و ابادة الاطفال و النساء و تهديم البنية التحتية وممارسة ابشع ما شهدته البشرية من تطرف وسط صمت رسمي دولي لم يتجاوز حدود الادانة المخجلة ...
كل هذا يظهر للعالم مخاوف جسيمة و خطيرة تؤكد ان الامن و السلم الدوليين مهددين بالقوة احادية القطبية و باعمالها و ان الاساس الذي نشأت عليه منظمات حقوق الانسان والطفل و المرأة قد فشلت تماما و حتى ميثاق الامم المتحدة لم يعد له وجود في ظل ضرب مقار الامم المتحدة في غزة وقتل العزل فيها و بالضفة الغربية ومنع كل اشكال الحياة في غزة والحكم بالاعدام الجماعي على كل المواطنين فيها
كل هذا يشير الى قصور واضح في هذه المنظمات الذي ادى الى فقدانها الثقة العالمية الشعبية و اصبحت المخاوف من الابادة و الاحتلال و التسلط امر متاح للجميع و الشاهد الذي سيحاكم اهل الارض جميعا "غزة" يشهد على تخلي العالم عن حماية جرحاها و موتاها واطفالها وارضها وسمائها ......و تشهد على عجز هذه المنظمات تماما عن احلال الامن و السلم الدوليين او منع الحروب الكبرى و الابادة العرقية او الدينية الجماعية كما من الممكن ان تكون غزة العزة محطة انعطاف في مستقبل وديمومة هذه المنظمات التي يمكن ان يعاد ترتيب انظمتها من جديد او يجري عليها ما جرى على عصبة الامم وولادة منظمة دولية جديدة اكثر عدل وقدرة على ضبط النظام الدولي ضمن نسق الحفاظ على حياة الافراد وسيادة الدول .
د . باسم تليلان
عضو اللجنة الاكاديمية
لدعم حقوق الشعب الفلسطيني
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-11-2023 10:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |