25-11-2023 09:05 AM
بقلم : زكريا محمد إبراهيم الخطيب
" تتسرب السموم إلى القلوب فتُصاب مرآة العقول بشيءٍ من التفكير الامنطقي الخفي، ومن تُصاب مرآة عقله لا يرى صورته الحقيقية بل ربما يرى صورةً تُسمي نفسها صاحبةَ المنطق القويم وهي بالحقيقة أصل الخراب المقيم في زمانٍ انقلبت فيه الأدوار ليغدو الصادق مُكذبًا والمُخَلِصُ الفقيه مذنبًا والمجرم مُعلماً مُتحدثًا، ويبقى الشرفاء والأخيار هم صناع الأمل".
وتظهر القلوب المسمومة جلياً ضمن صناع القرار في الكثير من الشخصيات الدولية التي تَعِد ضحايا غزة مجرد رقم يُشكك به متناسين مفهوم الانسانية الذي يُصدعون به رؤوسنا صباح مساء؛ ليغدو اطارًا يُدفع به فقط لساحة الحوار والخطاب عندما تشاء المصالح وليس بما يمليه عليه ما تبقى من ضمائرهم، وصدق الله حين قال في محكم التنزيل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46الحج) فغدا مغتصب الأرض والتاريخ ضحية في نظرهم وفي رؤية قلوبهم المسمومة، وأصبح المناضل الذي ينشد الحرية لوطنه وأرضه أكبر مجرم وارهابي، إذن هي القلوب عندما تمرض أو ربما تصل علتها لدرجة السواد فلا تحق حقًا ولا تنكر باطلاً.
لا بد أن يكون لنا موقفٌ متفاعل حاسم تجاه ما يحدث حولنا من نفاق، لا بد أن نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع لا بد أن نحافظ على وحدة أمتنا ووطننا تحت ظل مبادئ العزة والكرامة التي يتميز بها المسلم الإنسان ويزهو بها غير المسلم المنصف المحق للحق الناصر للمظلوم مهما كان دينه أو عرقه والحجة بالجهل الآن ليس عذراً مع انتشار الشبكة العنكبوتية في العالم بل إن كتب تاريخ المجازر بحق الأبرياء تتكلم بل إن رائحة الأرض المباركة فواحة لمن لا يعرف القراءة.
إن كل مسلم يرتكب الأخطاء في مجتمعه ولا يحاول اصلاح نفسه حتى ولو كان يرمي شيئًا من النفايات في الشارع متعمدًا -على سبيل المثال- هو معول هدم للأمة وتاريخها ولربما فعل الكثير من الأخطاء إن حانت له الفرصة لِيُخطأ فتسقطُ منه نفسه بعد أن مَرِض قلبه؛ ليفعل الكثير من السوء من أفعال الشياطين فكم من فقير مقتصد بالعبادة أساء وبغى بالفحش بعد أن صار غنياً وكم من غني استثمر ماله في مرضاة الله وتعلم غنى النفس وعزتها من الفقير.
لا بد أن نعيش كالجسد الواحد إذا مرض عضوٌ تداعت له الأعضاء بالسهر والحمى – كما قال رسول الله- لكن ماذا فعل الاستعمار البغيض بأمتنا؟ لقد جعلنا جسدًا لا تشبه أعضاؤه بعضها البعض فرسم لنا الحدود وتركنا نبني التكبر والطبقية والتبعية ونعيش فيها إلا من رحم الله بل بعضنا بنى أبراجًا من الخراب فتراه يتكلم كثيرًا ويفعل قليلًا ويساهم بالسوء قولاً وفعلا فيكون معول هدم للأمة ومصدر اساءة لا يمثل الإسلام والإنسانية وربما لنا وقفة هنا مع رواية "برج من الخراب" التي اقتبست منها مقدمة مقالتي.
إن نصرة أهل فلسطين الأقوياء بإيمانهم المستضعفين بتكالب الأمم عليهم إلا من رحم الله هي بالامتثال إلى أوامر الله ورسالة نبيه وإلى اصلاح أنفسنا لنكون صورة مشرفة للإسلام وتاريخه لا معول هدم يصنع الخراب ولو رأى فينا أهل الارهاب والظلم غِلظة ومنعة واستغناء عنهم ما تكالبوا علينا وعلى إخواننا في العقيدة والدين ولا حول ولا قوة إلا بالله، عاش الأردن قيادة وشعباً حراً أبيا وعاشت أمتنا الإسلامية شامخة عائدة إلى الله وكل الدعاء بالهداية والتوفيق لأحرار هذا العالم حتى من غير المسلمين المنصفين للحق.