بقلم : عوني الداوود
من المفترض أن هذا اليوم والذي يصادف 29 تشرين الثاني(من كل عام) هو «يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني».. ولكن اليوم وفي هذا الظرف الاستثنائي الذي تتعرض فيه غزة العزّة وفلسطين كلها لأبشع صور العدوان الوحشي أمام أنظارالعالم كلّه.. نتساءل: «أين العالم، وأين هذا التضامن؟» هذا العالم لم يستطع حتى الآن وقف قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.. فعن أي تضامن نتحدث؟؟.. العالم لم يستطع ادخال مساعدات كافية لقطاع غزة.. بل لم يستطع اجبار اسرائيل على ايصال عناصر الحياة الرئيسة من ماء وغذاء ودواء وكهرباء.. فعن اي تضامن عالمي مع الشعب الفلسطيني نتحدث؟؟.. حتى في أيام الهدنة وتبادل الأسرى، انظروا كيف يتم التعامل مع الأسرى الفلسطينيين من أطفال ونساء بكل قسوة وعدوانية ووحشية.. ألم يشاهد العالم كل هذه الصور؟؟.. فعن أي تضامن نتحدث؟!
العدوان على غزة كشف قضية كبرى كنا نسمع عنها ولكن لم نتوقعها بهذه البشاعة من الاجرام تجاه الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والذين يزيد عددهم على 10 آلاف أسير منهم نحو 3200 تم أسرهم وسجنهم بعد «طوفان الاقصى» في السابع من أكتوبر الماضي.. أي خلال نحو 50 يوما تم أسر 3200 أسير بلا تهم.. وجميع الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية من أطفال ونساء ومدنيين ومن كافة مناطق فلسطين غزة والقدس والضفة الغربية وحتى من المنطقة الخضراء تهمتهم جميعا انهم «يحبون فلسطين.. وطنهم»!.
لذلك فقضية تبادل الاسرى- رغم أهميتها لحرية الاسرى الفلسطينيين- لكنها «مضحكة مبكية».. فالعدو الاسرائيلي يأسر الفلسطينيين متى يشاء.. فتقوم المقاومة بأسر اسرائيليين.. فتندلع حرب ثم تعقد صفقات لتبادل أسرى.. يخرجون ثم تعود اسرائيل لسجن المزيد.. وتعود الكرّة مرّة أخرى ؟؟!!.. هل يعقل هذا؟!.. قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون مهزلة وجريمة يراها اليوم بكل وضوح المجتمع العالمي.. فما هو فاعل؟!
لطالما ناشد الأردن العالم ومنذ 75عاما لحل مأساة الاشقاء الفلسطينيين، ومحذرا من أن القضية الفلسطينية هي لبّ الصراع، وأن لا أمن ولا أمان الا بسلام حقيقي عادل وشامل يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة.. ولكن المجتمع الدولي لا يسمع!
جلالة الملك عبدالله الثاني وجّه بمناسبة «يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني» الذي يصادف اليوم رسالة لرئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني شيخ نيانغ، قائلا: إن «يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يأتي في ظروف استثنائية تستدعي من العالم بأسره التحرك لوقف الحرب على غزة وحماية المدنيين العزّل، والمستشفيات، وإلزام إسرائيل بفك الحصار وفتح المجال الكامل لعمل المنظمات الإنسانية، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والطبية الكافية دون انقطاع».
جلالته وصف حرمان أهل غزة من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، بأنه «جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها، واستمرارها يعني مضاعفة تدهور الوضع الإنساني هناك».
.. داعيا جلالته «المجتمع الدولي» لتعزيز الدعم المقدم لـ «الاونروا» كي تستمر بأداء واجبها وفقا للتكليف الأممي.
الأردن، ولأكثر من سبعة عقود، التصق بالقضية الفلسطينية، واعتبرها قضيته المركزية، فبوصلة الأردن فلسطين وتاجها القدس -كما قال جلالة الملك- ودفاع الأردن عن فلسطين وشعبها لم يبدأ من السابع من تشرين أول الماضي.
عربيا واسلاميا وعالميا.. أعتقد بأن العدوان على غزّة كشف جميع المواقف على حقيقتها، وأظهرها بوجهها القميء جدا، خصوصا دول بعينها لم تخجل من تعاطفها مع المجرم ضد الضحية، وروّجت، ولا زالت تروّج أكاذيبه بحجج الدفاع عن النفس.. وهناك دول قليلة كانت مواقفها متقدمة، وأخرى انفضحت بعد أن كانت تشبعنا شعارات وتنظيرات.
الشعب الفلسطيني اليوم في غزة والضفة وجميع فلسطين بحاجة إلى تضامن عالمي حقيقي مع الشعب الفلسطيني، بعد أن شاهد العالم وانكشفت أمامه الحقائق عن بشاعة الاجرام الاسرائيلي.
على المجتمع العالمي اليوم أن يقول كلمته، وأن يترجم المسيرات التي طافت عواصم العالم، في لندن والمانيا وفرنسا وحتى امريكا.. وكافة دول العالم، عليه أن يترجم كل ذلك إلى مزيد من الضغوطات على حكوماته لاجبار اسرائيل فقط على الانصياع للقانون الدولي وإلى مبادئ الانسانية وتنهي احتلالها وعدوانها على الابرياء.
المجتمع العالمي مطالب اليوم أن يتضامن مع الشعب الفلسطيني عموما والغزيّين خصوصا، ليمنع ما يحاك ضدّه، ويرفضه رفضا قاطعا، تماما كما جدّد رفضه جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالته لرئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني بهذه المناسبة لأي سيناريو أو تفكير تحاك ضد غزّة وبلاءات ثلاث:
1 - (لا) لإعادة احتلال أجزاء من غزة.
2 - (لا) لإقامة مناطق عازلة فيها.
3 - (لا) لأية محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.