03-12-2023 09:11 AM
سرايا - عادة ما تقام مراسم تتويج الملوك والأباطرة في أجواء تعمها البهجة والتفاؤل بالعهد الجديد، ولكن مراسم تتويج كارل الأول إمبراطور النمسا Charles I of Austria إمبراطور للنمسا والتي تضمن أيضا تتويج زوجته زيتا من بوربون بارما Zita of Bourbon-Parma بجانبه كإمبراطورة للنمسا، كانت أبعد ما تكون عن ذلك، حيث بدأ العهد الجديد للإمبراطور كارل الأول وزوجته الإمبراطورة زيتا في واحدة من أصعب الفترات الزمنية التي شهدتها النمسا، وجاء وصولهما إلى عرش النمسا، نتيجة لعملية اغتيال صدمت العالم، وكانت سبب في إشعال حرب عالمية، اجتاحت العالم لاحقا، أما عهدهما، فانتهى بعد فترة قصيرة من بدايته، لتجد الإمبراطورة زيتا نفسها مضطرة للفرار إلى المنفى بعد عام واحد من حصولها على لقب إمبراطورة النمسا، لتقضي بقية حياتها في القتال من أجل الحفاظ على إرثها الملكي حيا.
حياتها المبكرة :
ولدت زيتا من بوربون بارما واسمها بالكامل زيتا من بو بوربون بارما أو زيتا ماريا ديلي جراتسي أديلغوندا ميكايلا رافاييلا غابرييلا جيسيبينا أنطونيا لويزا أغنيسي Zita Maria delle Grazie Adelgonda Micaela Raffaela Gabriella Guiseppina Antonia Luisa Agnese في التاسع من مايو من عام 1892 ونشأت كجزء من أسرة ملكية كبيرة وغير تقليدية إلى حد كبير، فوالدها هو روبرت دوق بارما Robert, Duke of Parma المخلوع ووالدتها هي زوجته الثانية وتعرف باسم ماريا أنطونيا من البرتغالMaria Antonia of Portugal.
زيتا هي الطفلة السابعة عشرة لروبرت والخامسة لماريا أنطونيا، وأمضت السنوات الأولى من حياتها بين عدد كبير من الأخوة والأخوات الأشقاء وغير الأشقاء، في المنازل العديدة التي يمتلكها والدها، بما في ذلك قلعة شوارزو الشهيرة في النمسا، وهناك التقت بزوجها المستقبلي كارل والذي كان يعرف وقتها بكارل أرشيدوق النمسا Charles, Archduke of Austria، وكان ذلك أثناء خلال الفترات التي كان يقوم فيها بزيارة جدته، والذي كان يقع على مسافة قريبة من قلعة شوارزو.
كيف تزوجت من إمبراطور النمسا المستقبلي؟
زيتا وكارل أصبحا صديقي طفولة بفضل لقاءاتهما المتكررة خلال فترات إقامتها في قلعة شوارزو وفترات زيارته لمنزل جدته، بحلول عام 1909، كان كارل وزيتا، قد أصبحا صديقين مقربين، وبحلول ذلك الوقت أيضا كان ترتيب كارل في ولاية العرش النمساوي قد أصبح الثاني، خلفا لعمه الأرشيدوق فرانز فرديناند Archduke Franz Ferdinand، وبمرور الوقت أصبح كارل وزيتا أكثر ارتباطا وحبا لبعضهما البعض، وفي النهاية قررا الزواج بمباركة عائلتيهما، وتزوجا في احتفال زفاف أقيم في يوم 21 أكتوبر 1911 في قلعة شوارزو، في حضور فرانتس يوزف الأول إمبراطور للنمسا وملك للمجر Franz Joseph I of Austria
كيف أصبحت إمبراطورة للنمسا؟
بعد ما يزيد قليلا عن العام من زواجهما، أصبح كارل زيتا والدين للمرة الأولى، بمولد طفلهما أوتو Otto والذي ولد في نوفمبر 1912، وفي حين أن ولادته كانت موضع ترحيب كبير وقتها، من قبل العائلة الإمبراطورية النمساوية، لحصول العرش الإمبراطوري على وريث ذكر جديد للعرش، ولكن الأشهر التالية من مولد أوتو، شهد المزيد من الاضطرابات السياسية التي لم تهدد بقاء العائلة الإمبراطورية النمساوية فحسب، وإنما كانت تعصف بأوروبا، ووصلت إلى ذروتها بعد اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند في يوم 28 يونيو 1914، وبذلك أصبح كارل.
وريثا لعرش الإمبراطورية النمساوية، ولكن في غضون أسابيع، اندلعت الحرب العالمية، والتي القت عبء هائل على كارل والذي وجد نفسه مضطر للقيام أيضا بمهام إمبراطور النمسا، بالنيابة عن إمبراطور النمسا المسن، فرانز جوزيف، وفي تلك الأثناء تولت زوجته زيتا، رعاية فرانز جوزيف في قصر شونبرون، ووفقا للمؤرخين، فلقد قضت زيتا ساعات طويلة تجلس بجوار فرانز جوزيف، وهو على فراش الموت، بينما كان يتحدث عن ماضي ومستقبل الإمبراطورية النمساوية، حتى وفاة فرانز جوزيف في يوم 21 نوفمبر 1916، والتي جعلت كارل وزوجته زيتا يصبحا إمبراطورين للنمسا وملكين للمجر .
زيتا، إمبراطورة النمسا وملكة المجر
توج الزوجان الإمبراطوريان الجديدان كإمبراطورين للنمسا، وملكيين للمجر في احتفال كبير أقيم في يوم 30 نوفمبر 1916، لكن احتفالات التتويج كان يخيم عليها الوجوم والخوف من مستقبل مظلم، مع استمرار الحرب العالمية، وخلال الأشهر التالية بذل الزوجين قصار جهديهما لإيجاد حلول للأوضاع المتأزمة في البلاد، وكان لزيتا تأثير سياسي نشط حلف الكواليس، إلا أن الصراعات السياسية والحرب استهلكت جهودهما، ومع بدء مفاوضات النمسا والمجر مع ألمانيا، بشأن الاستسلام، انحسرت القوة الإمبراطورية النمساوية وفي النهاية، تم خلع كارل من منصبه كإمبراطور للنمسا في نوفمبر 1918، وتدخل الملك جورج الخامس وقتها لمساعدة كارل وزيتا على الذهاب إلى المنفى بأمان بصحبة أطفالهما، وبالفعل سافرا بصحبة أطفالهما إلى سويسرا، وهناك حاول كارل استعادة مملكته المجرية، دون جدوي، لينتهي الأمر بكارل وزيتا وأطفالهما السبعة بالاستقرار في جزر ماديرا في البرتغال.
نهاية القصة:
توفي كارل الأول، آخر أباطرة النمسا، في عام 1929، وكانت زوجته زيتا، حامل وقتها في طفلهما الثامن، وسافرت زيتا، عقب وفاته إلى إسبانيا بصحبة أطفالهما، وهناك أنجبت طفلتهما إليزابيث، وعاشت زيتا وأطفالها هناك لعدة سنوات ثم انتقلوا بعدها بلجيكا، وطوال ذلك الوقت، لم تتوقف محاولات زيتا لاستعادة الإمبراطورية النمساوية، ولكن جهودها باءت بالفشل مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، والتي اضطرت زيتا وأطفالها للهرب مرة أخرى من أوروبا، لتجنب ويلات الحرب، وواجهوا رحلة صعبة عبر فرنسا وإسبانيا، حتى وصلوا إلى البرتغال، ومن هناك حصلوا على تأشيرات للمغادرة إلى الولايات المتحدة.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، غادرت زيتا الولايات المتحدة لتستقر في لوكسمبورغ وأخيرا في سويسرا، وتوفيت في زيزر في 14 مارس 1989 ودفنت لاحقا في السرداب الإمبراطوري في فيينا.