12-12-2023 11:35 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لو سُجِّيَت شعوب العالم العربي والاسلامي من اوله الى آخره امام شعوب وانظمة العالم شرقيه وغربيه
واستُجدِيَ على جثامينهم شربة ماء لرضيع باقٍ من هذه الامة لما سَقَوه اياها ، وهل بَعدَ رأي العين أين ؟؟لا تصل قطرة ماء الى غزة إلا بإذن العدو ،
إن لغة الاستجداء التي استمرأها العرب لم تعد لغة مفهومة او بصورة ادق لم تعد مسموعة .
كنتُ شاهداً كالملايين من العرب على حصار العراق الظالم ، الحصار الذي مُنِع فيه الغذاء والدواء ومعظم مقوِّمات الحياة عن النساء والأطفال وعن الشيوخ والشباب فمات الملايين منهم نتيجة هذا الحصار الظالم ، وإني إذ أنقل حرفياً ما سَمِعَته أُذني ورأته عيني يوم كانت الأُسرَة العراقية تُطبّق ذلك البرنامج المؤلم الصادم على ابنائها حيث مَن كان يتناول الفطور منهم ليس له غداء ومن يتغدى ليس له عَشاء ويقول رب ذلك البيت وتلك الاسرة ما أشدّ إيلامها من كلمات كان يقولها ابنه الصغير متسائلاً ببراءة متى استطيع ان آكل بيضةً لوحدي " دون شراكة مع احد "
كل هذا حدَثَ والعالم وقتها يعج بالمظاهرات الشعبية في مشارق الارض ومغاربها ولكن لم تستطع كل تلك المظاهرات ان تسقي طفلاً عراقياً رضيعاً جرعة حليب ولم توصِل له حبة دواء .
لا سَلَّمَ الله السلام المورِثِ للذُل والاستسلام ،
ما اشبه اليوم بالبارحه ،
فأي سلام هذا الذي تطلبه اليوم الامة العاجزه !!
لقد جعلنا كلمة السلام التي هي العزة والسؤدد التي يحيا بظِلها الأنام وتقر بها الأعيُن وتنام جعلناها مبعثاً ِلليأس والقنوط وعنوان المذلة والهوان ،
أيُها الخَيَار الاستراتيجي الذي اتخَذَته امة العرب خياراً لها وهي في هذا الوضع المزري فاختاروا لك اسماً سموه ظلماً (( سلام )) نعتذرُ اليك أيها الخَيَار ، فربما نجدُ عذراً ونقول انها زلة لسان ، فنحن الان في زمن كل ما فيه وهمٌ وخذلان وكما قال شاعرنا ؛
أنَّ السَّلامَ حَقيقةٌ مَكْذوبةٌ***والعَدْلَ فَلْسَفةُ اللّهيبِ الخابي
«لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا***رأيُ القويِّ، وفكرةُ الغَلاّبِ!»
لا رأي للحقِّ الضعيف، ولا صدّى ***الرَّأيُ، رأيُ القاهر الغلاّبِ
ما تجرأ اراذل الناس على هذه الامة إلا بعد ان تجردت من عزّتها وقوتها وتناست عقيدتها التي فيها عصمة امرها وارتهنت نفسها لأمر عدوها فطغى وبغى وتكبر عليها حتى صارت نظرته لها وتعامله معها نظرةً فرعونيةً مُستعليةً كما قال شاعرنا :
إنِّي إلهٌ طالما عَبَدَ الوَرَى ***
ظِلِّي وخافوا لعنَتي وعقابي ***
وتقدّموا لي بالضَّحايا منهُمُ ***
فَرحينَ شأنَ العابدِ الأوّابِ .
قل ما شئت ، فنحن أُمة لنا تاريخنا ، ولنا في جاهليتنا شعلة لم تنطفئ من المروءة والقوة ولا نقبلُ الضَيمَ وإن طال الزمن ، حملناها كابراً عن كابر
وفرسان أُمتنا مشاعل لا يُطفِئُها الزمن ، فلا يَغُرَنَّك اليومَ فينا هذا الوهن ،
فلا زال يُشجينا ويُطرِبُنا ويَستَثيرُ هِمَّتنا ويبعث في صدور الشباب الحَميَّة. قول عنترةَ ؛
ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ ***
وجيوشها قد ضاق عنها البيد ***
وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها ***
لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد ***
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا ***
فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود ***
يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ ***
والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ .
ها هي طائفة من النموذج العابر للزمن في تاريخ امتنا الزاخر بالسمُوِّ والعلُوِّ قلوبهم كقلوب الأُسد هم أُسود هذه الامة وهم ابطالها تُسطِّرُ ملحمةً عزَّ نظيرها في العالمين آمنوا بأن السلام لا يُستَجدى وأن الارهاب لا يلجمه إلا ارهاب ، فتسلحوا بالقوة المليئة بالعزيمة والارادة والاباء وبعقيدة ويقين أن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد ، قذفوا في قلوب اعدائهم رعبا بعزم وحزم شديد ، فَصَدَقَ فيهم قول الشاعر ؛
ألا هكذا في الله تمضى العزائم ***وتُنضى لدى الحربِ السيوفُ الصوارمُ
ويُستنْزلُ الأعداء من طَوْد عِزّهم ***وليسَ سوى سُمْر الرماحِ سَلالمُ
وتُغزى جيوشُ الكفرِ في عقرِ دارها *** ويوطأ حِماها والأُنوف رواغِمُ
ويوفي الكرام الناذرون بنذرِهم *** وإن بُذِلَت فيها النفوس الكرائمُ .
آمنوا بانه لا يَفُلُّ الحديدَ إلاّ الحديدُ وهذا الذي يسمونه اعدائهم ارهاب .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-12-2023 11:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |