12-12-2023 04:49 PM
بقلم : م. أنس معابرة
كثيرة هي المقالات والكتابات التي تتحدث عن القلوب، بعضها يختص بما يُسعد القلوب ويُدخل الفرح اليها، والبعض الآخر يتناول ما يفطر القلوب ويُشقيها.
اليوم سأتحدث عن القلوب، ولكن من زاوية مختلفة، فحديثي سيكون عن أنواع القلوب. وحسبما علمتُ وقرأتُ وبحثت؛ يمكن تقسيم القلوب إلى أربعة أنواع:
أولاً: القلب القوي؛ وهو القلب القادر على مواجهة المصاعب والتحديات، لا يتردد في مواجهة الخصم مباشرة، ولا يتوانى عن مكاشفة الناس وعدم المداراة والنفاق معهم.
القلب القوي هو الذي تجده في الصفوف الأولى من المعركة، يعمل في المهن والوظائف التي تحتاج قلبه القوي، وقدرته على اتخاذ القرار الحازم، كالجندي في المعركة، أو رجل الإسعاف ومكافحة الحرائق وغيرها.
وتأتي قوة القلب من الثقة بالله عز وجل أولاً، حيث أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطئك لم يكن ليصيبك. كما يمكن تنمية قوة القلب من خلال خوض التجارب واكتساب الخبرات من التجارب الشخصية أو من تجارب الآخرين.
ثانياً: القلب الضعيف؛ وهو القلب الذي يختبئ بين الناس ولا يرغب في الظهور، يخاف من مواجهة الآخرين، ويتذرع بذرائع مختلفة لتغيبه.
يهاب هذا القلب اتخاذ القرارات، فلا تجده في مواقع الإدارة والمسؤولية التي تحتاج إلى قرارات، كما انه لا يحب المغامرة، فتراه بعيداً عن الأسواق المالية مثلاً، والاعمال التي تحتاج إلى المجازفة وخوض غمار التجربة كالقلب القوي.
قد يكون صاحب القلب الضعيف شخصاً مازوشياً (مازوخياً)، يحب سيطرة الآخرين عليه، يتباهى بتحمّله لضغوطات الآخرين واهانتهم له وتعديهم على حقه، كما أنه يُعزي استسلامه وتسليمه لسيطرة الآخرين بأنه طيبة قلب منه فقط، ولكن ذلك غير صحيح، فهو غير قادر على المطالبة بحقه لضعف قلبه، وعدم قدرته على المواجهة.
ثالثاً: القلب القاسي؛ وهو أبغض أنواع القلوب، ووصف الله به بنو إسرائيل في القرآن الكريم لشدة بشاعة هذا النوع، قال الله عز وجل: "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً".
هذا القلب لا يعرف الرحمة واللين في التعامل، يتعامل بخشونة مع الجميع، تراه قاسياً على أهل بيته، لا يعرف الحوار الهادئ والكلام الطيب، وتراه قاسياً في عمله مع زملاءه؛ فلا يتقن لغة التخاطب، وتبادل كلمات الثناء والاطراء.
كما تراه صلباً في التعامل مع جيرانه، وبالتالي هو لا يميل إلى تكون العلاقات الاجتماعية، وإذا ما تكونت علاقة اجتماعية لسبب قرابة أو نسب؛ فسرعان ما ينسفها بغلظة قلبه وقساوته.
صاحب القلب القاسي هو انسان نرجسيّ، لا يفكر إلا بنفسه، لا يولي أهمية لمشاعر الآخرين عواطفهم ومتطلباتهم.
رابعاً: القلب الرقيق؛ يمكن وصف صاحب القلب الرقيق بأنه انسان ناجح في إدارة العواطف، أو شخص يمتلك مهارات الذكاء العاطفي.
القلب الرقيق هو قلب يعرف مشاعره جيداً، ويعرف كيف يسيطر عليها ويتحكم بها، كما أنه قادر على معرفة مشاعر الآخرين، ويتفاعل معها بإيجابية دوماً.
رقة القلب درجات، بعضها حسن والآخر يحتاج إلى تحسين وسيطرة، فلا افراط ولا تفريط، فمن الممكن أن يبكي صاحب القلب الرقيق عند رؤيته لحادث دهس قطة، أو لمشهد عاطفيّ في التلفاز، أو عند سماعه لآيات من كتاب الله عز وجل، وهذا سبب التباين في ردة فعل الناس عند مشاهدتهم لمشاهد القتل والدمار التي تحصل حالياً في غزة الأبية.
الإنسان الناجح السليم نفسياً هو الذي يمتلك قلباً قوياً ورقيقاً في آن واحد، جاد وحازم وصارم في أوقات الجد، قادر على التحكم بعواطفه وقراراته، يصعُب على الآخرين استفزازه واخراجه عن عادته، ورقيقاً متعاطفاً مع الآخرين، يقدر مشاعرهم ويتجاوب معها بإيجابية سواء أكانت مشاعر فرح او حزن.
والمفتاح للوصول إلى هذه المرحلة الرائدة من امتلاك قلب قوي ورقيق، تحتاج إلى أن تمتلك الذكاء العاطفي، والذي كنت قد أشرت له في مقال سابق يمكنك الرجوع إليه نظراً لأهمية المعلومات فيه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-12-2023 04:49 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |