14-12-2023 12:29 PM
بقلم : محمد يونس العبادي
تمّر المنطقة اليوم بتحولاتٍ متسارعة، والحرب على غزة فرضت معادلات جديدة في الإقليم، والعالم، ويبدو أنّ البرود الأميركي تجاه دعم أوكرانيا، وتحول هذا الدعم إلى أمر ثانويٍ مقابل ما يجري في غزة هو واحد من إشارات هذا التغير.
في خضم ما يجري، وهذه التحولات، هناك تساؤلات هامة تطرح أردنياً.. على رأسها مقارباتنا التي هي حتى اللحظة داعمة لصمود الأشقاء في فلسطين، وفي علاقتنا مع قوى الإقليم، والقوى الدولية.
تجد وأنت تتأمل المشهد أن المقاربات الخارجية، والدبلوماسية الأردنية تدرك جيداً كيف تتحرك، ونجحت في صياغة إجماعٍ عربي ذو وزن وثقل قادرين على التأثير خارجياً، فكان الحراك العربي والإسلامي، وكان الأردن جزءاً من هذا التحرك، ونجح في المساعدة على صياغة خطابٍ جامع.
نجحت هذه المقاربة في تحقيق اختراق أممي، يعبر عنه الحراك ضمن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحتى ضمن دول مجلس الأمن الدولي دائمة العضوية، باستثناء موقف واشنطن والفيتو الشهير والأخير لها بخصوص قرار وقف إطلاق النار.
ولكن، ماذا عن الداخل الأردني.. وما هي طبيعة التوجهات التي تديره، هناك تيارات عدة تطالب الأردن بالكثير وبانفعالية مفهومة، لحجم المأساة في غزة، ولصلف آلة القتل الإسرائيلية، وهذا موقف وجداني مقدر نعيشه ونشعر به تجاه أشقائنا وما يتعرضون له من تصفيةٍ لم يشهد مثلها العصر الحديث.
وهناك تساؤلات تطرح على صعيد الرسائل والدور الأردني ومدى تأثيره في الخارج، ونحن دولة كرست نموذجها ورصيدها في سبيل التصدي لأكبر دور يميني متطرف متحالف عبر تل أبيب وواشنطن، وهو تيار مصاب باللاعقلانية، ويريد أن يفرض معادلاته على المنطقة بمعزل عن سياقاتها الجغرافية والتاريخية.
والأردن دولة لها مصالح، ولها حضور وتأثير في دوائر صنع القرار الدولية، ونجح في تحقيق اختراقات هامة، خدمت ميدانياً الأشقاء الفلسطينيين وعززت من صمودهم على أرضهم.. وهنا يبرز السؤال التالي، لماذا لا تصل جهود الأردن إلى الداخل... نعم إلى الداخل، هل هناك قصور في إيضاح دور الأردن وقيادته ومؤسساته، إلى الأردنيين؟!.
ثمة مراجعات هامة مطلوبة على صعيد الأداء الإعلامي، وعلى صعيد تصدي النخبة لهذه المهمة، فالجبهة الداخلية هي أولوية اليوم.. وإذا ما كان الإعلام لدينا في بعض جوانبه انفعالي ويريد مسايرة الجمهور بعاطفة دون تقديم المعلومة وإيضاح الدور والرسالة والدلالات، فالأمر ينسحب أيضا على بعض النخبة التي تنكفي وتنزوي كلما احتجنا إليها للحديث إلى الناس.
فنحن دولة قادت جهوداً كبيرة، دبلوماسياً وميدانياً، وتضطلع بمهمة جسيمة في هذه المرحلة الدقيقة التي تحاك بها المخططات فوق الطاولة – لا تحتها- ودورنا على الصعيد الخارجي والدولي مفهوم ومؤثر، ويقوده جلالة الملك وحقق نجاحاً كبيراً.
ولكن، نريد من إعلامنا وإلى جانبه النخبة أن يكون أكثر جرأة ووضوحاً بشرح أدوارنا وتاثيرها، ودون انفعالية، فالأردن دولة عمرها أكثر من مئة عام وتعاطت مع أزمات وتحولاتٍ ونجحت في صون خطابها ومبادئها، وبقيت وفية لأمتها ومبادئها، واليوم نحتاج إلى انخراط وتعاطٍ واقعي يشرح الحالة الأردنية وكيف تتفاعل وتبذل لأجل فلسطين.. نريد الكثير من إعلامنا، ونريد أكثر من بعض نخبة تفهم وتدرك واقعية وتأثير دور الأردن، حتى لا يبقى البعض بين ظهرانينا يتهمنا بالتقصير، ونحن الباذلون وفي مقدمة الأدوار.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-12-2023 12:29 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |