حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12694

امريكا وفن صناعة الاعداء

امريكا وفن صناعة الاعداء

امريكا وفن صناعة الاعداء

16-12-2023 09:24 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سيف منور
لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية ان تعيش دون عدو رئيسي واعداء متفرقين ، وذلك بسياسة مدروسة بعمق لاهداف داخلية لا يفهمها الا من تبحر في التاريخ الامريكي الحديث . تحاول الولايات المتحدة ان تجد عدوا دائما ورئيسيا لها ، كي تردع به الداخل الامريكي وتسيطر على مجاميع البشر اللذين يعيشون بداخلها ، ولكون اميركا دولة مهاجرين ، فهي تحوي على ما يقرب 400 مليون انسان في اغلبهم لا ينتمون لبعضهم باي لون او عرق او دين او اصل مشترك ، فهم خلاصة هجرات متتالية جماعية او فردية جاءت من اجل الحلم الامريكي وتجمعت ، منها من نجح ومنها من فشل واتجه نحو الاجرام او المخدرات او الشذوذ الديني والفكري والجنسي ، واصبح مجتمعا خليطا هجينا لا يربطه خيط ولا تنظمه ناظمة الا سلطة القانون المفروضة على الجميع دون رحمة ، فكان لا بد من ان تعيش هذه القوة العظمى بتهديد دائم خارجي تُشعر به مواطنيها في الداخل من اجل ان يتوحدوا امام عدو يتربص بهم ، وحتى ولو لم يكن هنالك عدو حقيقي لخلقته هي بنفسها .


خرجت امريكا منتصرة بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث شاركت بالحرب على اراضي غيرها من الدول ، فانتهت الحرب بدمار شامل للبنية التحتية للدول المشاركة بالحرب ، وخرجت هي منتصرة وببنية تحتية سليمة ، فاستلمت زمام العالم ، عندذاك استشعرت امريكا بالخطر الداخلي ، وذلك بانها استطاعت ان تقضي على السكان الاصليين من الهنود الحمر بالابادة الجماعية ، ومن تبقى منهم وضعوا في منعزلات ريفية ، الا ان الخطر قد برز من هذا التنوع البشري الذي في اغلبه لا يجيد حتى اللغة الانجليزية ، فكان لابد من اختراع ذلك العدو الخارجي المهدد ، فخلقت العدو الرئيسي الاتحاد السوفيتي كقوة مهيمنة تريد البطش بالشعب الامريكي ، وصنعت ما سمي بالحرب الباردة بين الشرق والغرب ، وارادت ان تصنع اعداء تقليديين على حواف العدو الكبير مثل الصين الشيوعية وكوبا ،وللسيطرة على مقدرات الشعوب ونفط العالم دخلت حرب فيتنام ثم حرب افغانسان الاولى عندما غزا الاتحاد السوفيتي افغانسان واسقط ظاهر شاه ، فخلقت المجاهدين الافغان والعرب وسلحتهم ، والذي تفرخ عنهم تنظيم القاعدة ، ثم دخلت في سياسة فرّق تسد بين السنة والشيعة فكانت الحرب العراقية الايرانية ، وحرب الخليج الثانية التي دخل بها العراق الكويت بتشجيع من السفيرة الامريكية في بغداد ، فدمّر العراق على يد امريكا والتحالف الدولي ، مما ولّد احداث الحادي عشر من سبتمبر ، الذي كان مدخلا لتدمير العراق مرة ثانية وسقوط بغداد ، وصناعة الربيع العربي ، وتدمير الدول العربية واحدة تلو الاخرى ، ثم صناعة داعش ، ولا ننسى حروب الخليج المختلفة ، حتى وصلنا الى اللحظة التي قالت بها اميركا ، ان لو لم تكن اسرائيل موجودة لاوجدناها ، بمعنى ان لو لم تكن حماس موجودة وداعش والقاعدة لاوجدناهم ، لانها تريد دائما اشغال الراي الداخلي الامريكي بعدو خارجي يريد البطش بهم ، فهم دائما مستعدين للقتال ، وعندما لا تشغل اميركا الراي العام الداخلي الامريكي باي مهدد خارجي ، تكثر بها عمليات اطلاق النار الجماعي في الحفلات الراقصة والمدارس والجامعات والاماكن العامة ، وتكثر بها العنصرية بين السود والبيض ، وتزداد محاولات قتل السود على يد الشرطة ، وينعزل ( الهسبنك ) اللاتينيون في تجمعات سكانية فقيرة كتجمعات السود ، وتسيطر الطغمة الحاكمة من التيار المسيحي المتصهين ، ويزداد نفوذ اللوبيات اليهودية مثل حركة ( ايباك ) التي تستطيع من خلال المال والاعلام ان تسقط المرشحين الذين لا يسيرون لمصالح اليهود واسرائيل في العالم ، وتنجح وتقود حملات الفوز بالرئاسة الامريكية ، انها اميركا ذلك الخليط العجيب التي لا تستطيع حكومتها السيطرة على مواطنيها الغرباء الذين يشعرون دائما بالاغتراب في وطنهم الجديد اميركا .


مالم نفهم العقلية الامريكية ، وكيف تعمل وكيف تخطط ، لا يمكن لنا ان نفهم لماذا الى هذا اليوم لم تحل قضية فلسطين ، ولماذا يزداد الجفاء بين الغرب والشرق العربي ، وبين الاسلام المتسامح والغرب الذي ابتكر الاسلام فوبيا ,, والله من وراء القصد ..

سيف منور
باحث سياسي وقانوني
Saifmenwer0@gmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 12694
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-12-2023 09:24 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم