23-12-2023 08:51 AM
سرايا - القدس المحتلة- "إقرار بالفشل" في تحقيق أهداف الحرب و"هزيمة" أمام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الفلسطينية أثناء التوغل البري، هكذا وصفت تقديرات لمحللين وكُتاب مقالات إعلان الجيش الصهيوني سحب قوات لواء "غولاني"، وما أعقبه من إخراج قوات المظليين والمدرعات من قطاع غزة.
وأتى سحب قوات النخب بالجيش الصهيوني من القطاع قبيل الإعلان رسميا عن بدء المرحلة الثالثة من الحرب، وإعادة انتشار القوات عند الشريط الأمني، مع الإبقاء على قوات محددة في منطقة خان يونس.
وعكس هذا الانسحاب للقوات خسائرها الفادحة في صفوف الجنود والضباط، حيث قتل من لواء غولاني 44 ضابطا وجنديا، إضافة إلى مئات الجرحى منذ بدء التوغل البري بغزة يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين بلغت الحصيلة المعلنة من عدد قتلى اللواء 71 خلال معركة "طوفان الأقصى".
يأتي سحب قوات لواء "غولاني" ومقاتلي ما تسمى "الكتيبة 13" بعد 9 أيام من المعارك الضارية والاشتباكات العنيفة التي شهدها حي الشجاعية، والتي قُتل فيها قائدهم المقدم تومر غرينبيرج و8 ضباط ومقاتلين آخرين. ويذكر أن المعارك في هذا الحي خلال حرب عام 2014 كبّدت لواء غولاني 70 قتيلا.
قوات لواء المظليين خلال عمليات عسكرية في شمالي القطاع. (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
قوات لواء المظليين خلال عمليات عسكرية في شمالي القطاع (الجيش الإسرائيلي)
بلغت حصيلة قتلى الجيش الصهيوني المعلن عنها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى صباح الجمعة 471 قتيلا، بينهم 144 منذ بدء التوغل البري بالقطاع، غالبيتهم العظمى من قوات النخب النظامية والاحتياط، وهي كالتالي:
لواء "غولاني": أُسس قبل النكبة الفلسطينية في فبراير/شباط 1948 من قبل العصابات الصهيونية، وشارك في جميع الحروب والحملات العسكرية الصهيونية، وهو أحد ألوية المشاة الخمسة في الجيش الصهيوني النظامي (الأخرى هي لواء المظليين ولواء "ناحال" ولواء "غيفعاتي" ولواء كفير)، ويتبع للفرقة 36 المدرعة، ويتكون من خمس كتائب، منها الكتيبتان 12 و13 اللتان احتفظ بهما منذ إنشائه، وكتيبة 51 المنقولة من لواء "غيفاتي".
لواء "المظليين" (اللواء 35): أُسس عام 1955، وهو لواء مظلي نظامي في الجيش، وجزء من المشاة ومكون من 4 كتائب، ويتحرك باستخدام طائرات مروحية وسفن مرنة ومركبات أخرى خاصة حسب طبيعة النشاط ومسار التضاريس، حيث يتم مراعاة الموقع والطريقة التي سيتم بها نشر قوات اللواء في الحرب أو النشاط العملياتي.
لواء المدرعات: أُسس بعد النكبة في عام 1948، وهو سلاح المناورة الرئيسي في الذراع البرية، وهو من بين كبرى القوات المدرعة في العالم، ويعتمد في قوته الرئيسية على الدبابات القتالية، ويعد السلاح الحاسم في مقر قيادة الجيش، فهو يتقدم جبهات القتال ويتولى مهمة تدمير قوات الطرف الآخر، وتعزيز سلاح المشاة أثناء قيامه بالمهام الأمنية.
وحدة "شيطت 13": وهي وحدة خاصة (كوماندوز) تابعة للبحرية الصهيونية.
وحدة "دوفدفان" (الوحدة 217): وهي وحدة النخبة التي تتخصص في مكافحة التنظيمات المسلحة.
قبل المرحلة الثالثة من الحرب وإعادة الانتشار وتسريح قوات الاحتياط رئيس الأركان هاليفي يشارك بإطلاق صندوق مالي لمساعدة قوات الاحتياط. (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
رئيس الأركان هاليفي (الثالث على اليمين) يشارك في إطلاق صندوق مالي لمساعدة قوات الاحتياط (الجيش الإسرائيلي)
سبق هذا الانسحاب لقوات النخب قيام الجيش الصهيوني، خلال المعارك الضارية والاشتباكات في محاور التوغل، بإخراج المئات من الجنود من مناطق القتال للمناطق الحدودية، حيث خصص لهم وحدات استشارة نفسية للحد من الصدمات التي تعرض لها الجنود أثناء القتال، في محاولة لتعزيز معنوياتهم، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس".
وقدرت الصحيفة أن سحب قوات النخب، وخصوصا قوات لواء "غولاني"، يعكس حجم "الخسائر" البشرية التي تكبدتها القوات، وكذلك عدم جدوى الاستشارة النفسية التي كانت تقدم للجنود خلال المعارك.
ولم تتمكن الاستشارة النفسية -وفق ما وثقته الصحيفة- من رفع المعنويات القتالية للجنود وإعادتهم للمعارك البرية، في حين يأمل الجيش "الإسرائيلي" في التمكن من الكشف المبكر عن الحالات التي قد تتطور إلى اضطراب ما بعد الصدمة المزمنة، والتي قد تؤدي إلى الاكتئاب والانتحار.
قوات لواء المظليين خلال عمليات عسكرية في شمالي القطاع. (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
محاضر في جامعة تل أبيب: ستجد "إسرائيل" نفسها بعد الحرب في وضع أصعب (الجيش الإسرائيلي)
"لن ننتصر"
وتحت عنوان "لنعترف بالهزيمة"، كتب المحاضر في جامعة تل أبيب هيليل شوكين مقالاً بصحيفة هآرتس، استعرض فيه سير وتطورات العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والخسائر التي تكبدها الجيش على مستوى القوات البشرية والمعدات والآليات العسكرية، وكذلك بنك الأهداف "الذي بقي بلا رصيد"، بحسب تعبيره.
وفي قراءة لمعاني ودلالات سحب قوات النخب من القطاع، والتطلع "الإسرائيلي" لبدء المرحلة الثالثة من الحرب وإعادة نشر القوات، كتب شوكين "لن ننتصر حتى لو كنا معا أيضا، لقد خسرنا بالفعل الحملة العسكرية الحالية على غزة من أجل حقنا في وطن قومي في أرض "إسرائيل"، وتجلت الخسارة في 7 أكتوبر"/تشرين الأول الماضي.
وأضاف المحاضر في جامعة تل أبيب "كل يوم إضافي من المناورة البرية يزيد من الفشل، وعندما تنتهي هذه الحملة العسكرية، كما هو متوقع في غضون أسابيع قليلة بسبب الضغوط الدولية، ستجد إسرائيل نفسها في وضع أصعب من ذلك الذي دخلت فيه".
واستذكر شوكين بنك الأهداف المعلنة من الحرب على غزة، قائلا "في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن مجلس الوزراء الحربي "الإسرائيلي" عن أهداف الحرب، متمثلة بالإطاحة بحكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية، وإزالة التهديد الإرهابي من قطاع غزة إلى الأراضي المحتلة، وبذل أقصى جهد لحل قضية الرهائن، وحماية حدود البلاد ومواطنيها، وفي نهاية الحملة لن نحقق أيا من هذه الأهداف".
رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي مع عند الشريط الأمني مع مجموعة من الضباط والقوات المنسحبة من غزة. (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي (يمين) مع مجموعة من الضباط والقوات المنسحبة من غزة (الجيش الإسرائيلي)
"علينا الاعتراف"
القراءة ذاتها تبناها الصحفي الاستقصائي والمختص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية رونين بيرغمان، الذي استعرض من خلال تقدير موقف نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الفشل في عدم تحقيق أهداف الحرب، وعدم الاعتراف الرسمي للمؤسستين السياسية والعسكرية باستحالة تحرير المختطفين والقضاء على حماس.
ويضيف بيرغمان "لا أحد يقول هذا علنا، لكن هذا هو الواقع، في الحقيقة حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل جديدة، فمن المحتمل أن يضطر الجيش "الإسرائيلي" إلى الانسحاب بشكل كلي من غزة قبل أن يكمل أهدافه العسكرية المعلنة، والتي لم تتحقق مع قرب انتهاء الشهر الثالث للحرب".
خلاصة القول لدى بيرغمان "لقد ألحقت إسرائيل الضرر بحماس، لكنها بعيدة كل البعد عن التغلب عليها، فهناك من يعتقد أن إسرائيل أصبحت فجأة مهتمة بالصفقة، لأنه بات واضحا للجميع أنها ستضطر خلال أسبوعين إلى التوقف عن المناورة تحت الضغط الأميركي، فالصفقة ستكون نهاية متفائلة للحرب، وأكثر متعة بكثير مما لو طلب الأميركيون من "إسرائيل" التوقف والانسحاب دون حتى تحرير المحتجزين".