26-12-2023 04:11 PM
بقلم : السفير قيس شقير
عيد ميلادٍ مجيدٌ، وتهاني نتبادل اليوم، وكنائس الأرض المقدسة في فلسطين والأردن حيث ولد السيّد المسيح وتعمّد، تتوشح بالسواد حزنًا وألمًا على ذبح غزة.
لم يشفع لغزة أنها على مطلِّ قريبٍ من القدس وكنيسة القيامة، فلا وقفَ للقتل، ولا للتدمير، ونحن نحيي مولد من حمل شعلة السلام، وقيم التسامح من تلك الأرض إلى العالم، مذكّرا بالوصايا العشر، فيطغى ضجيج الميركافا والبلدوزر ليُمعن بالقتل ديدنًا للمعتدي، والهدم سبيلًا لمستعمرٍ بحلّةٍ جديدةٍ تناسب العصر؛ عصر التكنولوجيا لا عصر القيم، عصر النانو تكنولوجي غير المتصالح -للأسف- مع مشاعر لم نعد نقوى على حبسها لما نرى من قتلٍ وتدميرٍ للروح وللجسد.
هذه سبيلهم، ولا سبيل عندهم لروح الروح، ولا لأحبب عدوك، ولا لمن قتل نفسًا بغير نفسٍ فكأنما قتل الناس جميعًا".
ما أحوجنا ونحن نحيي الميلاد المجيد، أن نطلق دعوةً، ولعلها صرخةٌ تدوي في أرجاء العالم تذكّره بدرب الآلام الذي بات قدر أهلنا في غزة منذ ما يقرب من ثمانين يومًا، نستنهض بها إنسانيته، لتحثّه على القيام بأقل ما يجب، فلا يصمت، ولا يمتنع عن إدانة قتل مدنيٍ؛ طفلًا كان أم امرأة، أو عساه شيخٌ مسنٌ قضى عمره ينتظر بعضًا من انصافٍ، لا من عدلٍ.
فكيف لنا أن نتذكر ميلاد المسيح ودرب آلامه، ونُغفل ما يعانيه أهله في فلسطين، فلا نُفلح حتى في وقفٍ للمجازر اليومية التي أدمت القلوب، وأفسدت أجواء الفرح وأحالتها أتراحًا، ومآسيَ يطول أمدها، حتى بتنا لا نعرف لها نهاية.
أبت كنائس الأردن إلا أن تضمّد جرح "المهد والقيامة" فتتضامن معهما، وتعلن الحداد، وتُعلي الصوت: كلنا واحدٌ على ضفتي النهر؛ مسلمين ومسيحيين، حملنا معًا إرث حضارةٍ واحدةٍ توّجتها العهدة العمرية لأهل "إيلاء" القدس مدينةً للسلام.
نُمسك عن الفرح هذا العام، لعلّ عامّا قادمًا يحمل إلينا ما ننتظر من خمسٍ وسبعين عامًا وأكثر، لا فرحًا فحسب، بل إنسانيةً غائبةً، تكيل بمكيالين، وترى بعينٍ واحدةٍ ما تشاء، وتغضّ الأخرى عمّا لا تشاء.
عسى لصرختنا أن تلقى بعضًا من أذانٍ تُصغي، فلا بد لصوت الحق أن يعلو رغم الألم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-12-2023 04:11 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |