حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6179

إسقاطات ومفاهيم

إسقاطات ومفاهيم

إسقاطات ومفاهيم

27-12-2023 08:47 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. صلاح جرّار
الإسقاط هو أن يلصق الشخص عيوبه ونقائصه بالآخرين في ممارسة استباقية لتسويغ عيوبه وسلوكه، وينطبق على الجماعات والدول كما ينطبق على الأفراد. ومن أكثر من يلجأ إلى الإسقاط في هذه الأيّام هم الصهاينة ولا سيّما في تسويغ عدوانهم الوحشي على غزّة خصوصاً وعلى أهل فلسطين عموماً.

وقد دأب الصهاينة منذ احتلالهم أرض فلسطين وإلى اليوم على وصف حركات المقاومة الفلسطينية ضدّ الاحتلال بأوصاف شتّى تنطبق على المحتلّين وعصاباتهم الإجرامية وعلى الحكومات الصهيونية، وقد ازداد استخدامهم لهذه الأوصاف ضدّ الفلسطينيين بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأوّل وما أعقب ذلك من عدوان إجرامي متواصل على غزة.

ومن بين الأوصاف التي يطلقها الصهاينة على أبطال المقاومة الفلسطينية صفة مخرّبين، مع أن الحقيقة الدامغة أنّ المخرّبين الحقيقيين هم الصهاينة وجيشهم، يشهد على ذلك الخراب الهائل الذي ألحقوه بمنازل قطاع غزّة ومبانيها ومستشفياتها ومدارسها ومساجدها وشوارعها وأشجارها وكلّ ما وصلت إليه أيديهم وأسلحتهم، ويشهد على ذلك أيضاً ما يفعلونه في المخيّمات والمدن الفلسطينية عندما ترافقهم جرّافاتهم في كل حملة من حملات اقتحامهم لهذه المخيمات والمدن والقرى وما يقومون به من تجريف الشوارع والمنازل والبنى التحتيّة، فإذا لم يكن هذا ت?ريباً فما هو التخريب؟ فهم أولى الناس بصفة المخرّبين، ولم يقف سعيهم إلى التخريب على تخريب الممتلكات الماديّة، فقد حاولوا وما زالوا يحاولون تخريب الأخلاق والقيم والمفاهيم والمناهج.

ومن الأوصاف التي يطلقونها على المقاومة الفلسطينية صفة إرهابيين وهي صفة تنطبق على الصهاينة انطباقاً تاماً وتنطبق عليهم شروطها وأركانها، ولدولة الاحتلال تاريخ حافل بعمليات الاغتيال التي قام بها الموساد الصهيوني في فلسطين ولبنان وتونس ودول مختلفة، فضلاً عن تهديداتهم المتواصلة جهاراً ونهاراً وعلى ألسنة المسؤولين الصهاينة بأنهم يخططون لاغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية في قطر وتركيا وغيرهما. وما الذي يمكن أن يطلق على ما تقوم به القوات الصهيونية من تدمير البيوت على رؤوس أصحابها وحرق الأطفال والنساء بقنابل النابا?م والفوسفور الأبيض وقتل الأطباء والممرضين واستهداف سيّارات الإسعاف وملاحقة النازحين في المدارس وإبادتهم والسير بالجرافات والدبابات على المرضى وهم أحياء وإطلاق كلابهم المسعورة لتأكل أجساد المرضى وجثث الموتى واستئصال عائلات بأكملها، بالإضافة إلى ترويع الأطفال والنساء في الليل عند اعتقال آبائهم وإخوتهم وأبنائهم، والإعدامات الميدانية بدم بارد، واغتيال ما معدله 300 مدني فلسطيني في غزة يومياً بصواريخ الطائرات، وهذا هو الإرهاب والإجرام بعينه.

ومن الاتهامات التي يوجهونها لـ"لمقاومة» أنها تتخذ من المدنيين دروعاً بشريّة، والذي يتابع الممارسات التي يرتكبها الجيش الصهيوني في أحياء غزّة وفي مدن الضفّة ومخيماتها وقراها فإنّه يكتشف أنه لا يكاد يمرّ يوم واحد من غير أن يتخذ الجنود الصهاينة من المدنيين في المدارس والمستشفيات والمساجد دروعاً بشرية في أثناء مواجهتهم مع رجال المقاومة.

وأمّا اتهامهم للمقاومة بأنّ معاملتها للأسرى غير أخلاقية فهي من التهم التي تنطبق بصورة واضحة وصارخة على الاحتلال الصهيوني وممارساته الموغلة في اللا أخلاقية، وأبرز شاهد على ذلك اعتداءاتهم على المصلّين في المسجد الأقصى واعتداؤهم على النساء بالضرب والركل عند أبواب المسجد، وتركهم الجرحى والمصابين ينزفون حتّى الموت ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، وإطلاق النار بدم بارد على كلّ من يخطر على بالهم أن يقتلوه رجلاً كان أو امرأة أو طفلاً. وكيف للذاكرة البشرية أن تنسى اعتقال مئات المرضى والأطباء وإجبارهم على خلع مل?بسهم واقتيادهم معصوبي الأعين إلى أماكن مجهولة وتعذيبهم، فضلاً عن تعذيب الأسرى في المعتقلات الصهيونية. فإذا كانت هذه الممارسات ليست أخلافية فما هي اللا أخلاقية بعد ذلك؟!

ومما يصف به الصهاينة المقاومة الفلسطينية أنّهم حيوانات على هيئة بشر، وهنا يتساءل المرء: من الذي يطلق الكلاب المسعورة على الناس لتنهش لحومهم وهم أحياء؟! ومن الذي يحرم الأطفال الرضّع في غزة من الحليب والماء والدواء؟ ومن الذي يحرم غزة من الماء والكهرباء والوقود والغذاء ويقصف المخابز ويدمّرها عن بكرة أبيها؟ ومن الذي ينادي بحرق حوّارة ومسحها من الوجود؟ ومن الذي يطالب بقتل أهل غزّة جميعاً؟ أليسوا هم المسؤولين الصهاينة؟ وكيف لمثل هؤلاء الذين يرتكبون كلّ هذه الممارسات الوحشية وينادون بالإمعان فيها أن يتهموا غيرهم ?أنهم حيوانات في هيئة بشر؟!

وهذه الإسقاطات كلّها التي يصفون فيها المقاومين بأنهم مخرّبون وإرهابيّون ولا أخلاقيون وحيوانات وجبناء ويتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، كلّ هذه الإسقاطات يعززها الصهاينة بألوان مختلفة من الكذب والتزوير وتزييف الحقائق.

وبعد هذا كلّه يحضر السؤال مجدّداً: من هم المخرّبون والإرهابيون والمتوحّشون (الحيوانات حسب وصفهم) واللا أخلاقيون؟!

من الإجابة عن هذا السؤال تبدأ إعادة النظر في لغتنا ومفاهيمنا التي تشوّهت زمناً طويلاً.

Salahjarrar@hotmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 6179
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-12-2023 08:47 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم