28-12-2023 10:20 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
نحو ثلاثة شهورٍ من العدوان المتواصل على قطاع غزة، كشفت الكثير، وأبلغ ما كشفته أنّ لا أخلاق لدى المحتل، وأنّ ما يتحدث عنه العالم اليوم، من قيمٍ ومن مبادئ خلقية ليست سوى مفاهيم مزدوجة تطبق حيناً، أو ترفع وبحسب الحاجة.
قبل الحديث عن غزة، فإنه وجب التذكير لمن نسيّ بأنّ هذا العالم انتصر فيه أصحاب القيم والخُلق، وهكذا أثبت التاريخ لمن يتأمله، والأمثلة كثيرة، بدءاً من نشوء الحضارة وحتى اليوم.
فحين نشر العرب الإسلام، أخذوا معهم قيماً وأخلاقاً، فانتصرت هناك، وتأسست على هذا الحضارة العربية الإسلامية، ومن بين الأمثلة الأخرى الحديثة، قيم وأخلاق اليابانيين حين هزموا في الحرب العالمية الثانية، فإنهم عادوا إلى مسرح الفعل الإنساني بأخلاقهم.
ولو أردنا التأمل أكثر، فإن الغرب حين انتشرت حضارته، فإن قيمه سبقت أدواته، ودعواته الأخلاقية، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، وقبل هذه الحرب، هي ما كان يؤسس لخطابه الحضاري.
اليوم، وأمام كل ما يجري في غزة، من أزمةٍ إنسانيةٍ عميقة وغير مسبوقة بشكلها، حيث يجري التحكم بالناس هناك من قبل جيشِ محتل، بتنا نرى أخلاقه بامتهان الناس، والعبث ببيوتهم حتى بعد تدميرها، والرقص على حسراتهم، مقابل صمتٍ مطبق من المدنيات الغربية، وصناع القرار، فإننا نتساءل، عن قيم وأخلاق عالم اليوم، وعن الحرب على غزة، والتي هي حرب دون أخلاق.
قد يرى البعض هذا الحديث بأنه ترف في ظل عمق المأساة التي يعيشها القطاع، ولكنه حديث لازم وضروري لأن العالم وعلى مدار تاريخه، كان يدخل في الظلام حين يفقد قيمه وأخلاقه وحين يصبح عالماً يسوده منطق القوة، لا قوة القيم والحق، والحياة.
فهذه الحرب اليوم، وأمام ما نراه من مشاهد إنسانيةٍ من حصار مستشفيات، وتدمير مساجد وكنائس، ترسم لوحة سوداء في عالمٍ يبدو أنه فقد قيمه منذ أصبح الكثير من سياسييه، وبخاصة في الغرب رهيني رغبات جماعات الضغط والرغبات السلطوية، بغض النظر عن آلام الناس في غزة.
أما بالنسبة لإسرائيل، فهي اليوم أمام مرحلة سقوط أخلاقي غير مسبوقة، وقوة السلاح وآلة الحرب والدمار التي تنكل بأهلنا في غزة، لا تعطيها اليوم أيّ قيمة.. بل إنها تجعل من صورتها كقوة محتلة أوضح، وهي اليوم، وبعد هذه الحرب ليست سوى قوة مرخصة دولياً، ومحمية من جماعات غربية، فكأنها اليوم تعبر عن صورتها التي لم يراها فيها العالم منذ عام 1948م، خاصة وأن الإعلام المفتوح ووسائل التواصل الاجتماعي، قد كشفت عن وجهها، وعن غياب الضمير الإنساني.
إننا اليوم، أمام عالم آخر، تغيب عن جوانبه أدنى درجات الأخلاق السياسية والحضارية، وهذا أمر يؤسس لعالم أكثر إرهاقاً، وقد بدأت معالمه تتشكل في غزة، وما جرى فيها من جرائم.. ويبدو أن على منظري السياسة وقيمها الأخلاقية أن يعيدوا النظر في كل ما كتب، قياساَ إلى ما يجري في غزة اليوم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-12-2023 10:20 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |