28-12-2023 05:04 PM
بقلم : سيف منور
لم يكن يحلم العرب بان تستنزف اسرائيل بهذه الطريقة المرهقة من قبل ، وذلك على يد حفنة من المقاتلين العرب ، بحيث تدخل في دوامة الاضطراب السياسي والعسكري . حيث كان يُنظر لاسرائيل على انها العقل المدبر والمخطط الحكيم لكل الحروب العربية ، وان لها جيش لا يهزم ، وذلك باعتمادها دائما على عقول غربية تقود المعارك من وراء البحار ، وتعد الخطط الحربية التي ليس من الممكن هزيمتها ، علاوة على جسر الامدادات العسكرية التي تصلها عبر السفن والطائرات ، الا ان حسابات البيدر اختلفت عن حسابات الحقل ، فكانت اسرائيل واميركا دائما تضع الخطط لجيوش عربية هي تخبرها ، وهي من مولتها ، وامدتها بالسلاح وقامت بتدريب اغلب جيوشها ، ولذلك كان من السهل على اميركا معرفة الجندي العربي التي قامت بتدريبه في دورات تعقد في اميركا وبريطانيا وغيرها .
الا ان المقاتلين العرب الجدد في قطاع غزة ، لم تدربهم الايدي الغربية ، ولم تسلحهم اميركا ، ولم تعلم اجهزة الاستخبارات الغربية شيئا عن ادمغتهم ، ولا عن طريقة تفكيرهم ، ولا معنوياتهم ، ولا شدة بأسهم ، فكانوا المفاجأة بالنسبة للغرب المخطط ، ولاسرائيل المنفذة ، وهذا الذي جعل من داعش صنيعة الغرب فريسة سهلة للقضاء عليه ، وجعل من تنظيم القاعدة تنظيما ضرب عمق اميركا دون تشعر ، واصابها في العمق بال11 من سبتمبر عام 2001 ، كما فعلت المقاومة في غزة يوم 7 اكتوبر 2023 ، ونحن هنا في هذا المقال لا نمجد القاعدة او داعش وما شابهها من التنظيمات الراديكالية ، ولكننا نصنع مقاربة ما بين ما هو معلوم للغرب وما بين ما هو مجهول لهم ، فالاستخبارات الغربية المتمركزة في كل العواصم العربية وداخل الجيوش ، والتي تعمل على شكل مستشارين ومدربين وخبراء ، هم هؤلاء الذين استطاعوا ان يهزموا العرب داخل جيوشهم ، لان من يدربك ويسلحك يعرف قدراتك ، فمن السهل عليه ان يسيطر عليك ، اذن سبب قوة المقاومة في غزة فقط انها سلحت نفسها بنفسها ، ودربت عناصرها بذاتها ، وخلقت لنفسها معدات عسكرية مشابها لما هي موجودة في القوات النظامية ، فاصبحت قوتها في سرها ، وما يواجهه الاسرائيلي من تعتيم استخباراتي على مدار قرابة 3 شهور ، لمعرفة اين يختبئ الاسرى والمخطوفين ، الا خير دلالة على ذلك ، فبرغم تجريف غزة وتدميرها ، وحرث ارضها ، فوق الارض وتحت الارض ، الا ان الاسرائيلي ما زال معمياً عن الوصول الى اسراه في بقعة صغيرة من الارض ، اجتاحتها الطائرات والدبابات والجنود المشاه .
من هنا نستطيع ان نستخلص العبر كعرب ، اننا نحتاج الى تصنيع عسكري خاص بنا ، ولا ينقصنا الخبرة او المال او العقول ، فقط ينقصنا الارادة ، وينقصنا ان نقلل من تدخل الغرب في شؤوننا العسكرية ، والاشراف علينا ، كي نكون مجهولون بالنسبة لهم ، والقوة تكمن في جهل ما لا تعرف ، اذن نستطيع ان نستخلص من حرب غزة ، ان العرب محتاجون الى اخذ العبر والدروس المستفادة من اننا امة ذات ارادة وقوة وعزم وبأس شديد ، ولا ينقصنا سوى ارادة الرجال والتفكير السليم والهدف السديد للوصول الى غايتنا ، ليكون للعرب موقع تحت الشمس ، كي يرانا الاخرين قوة عظمى توازي بامكانياتها الامم الاخرى ، كما كنا في سالف الايام عندما وصلت خيول العرب الى مشارف الصين والى جنوب فرنسا .
والله من وراء القصد
سيف منور
باحث سياسي وقانوني
Saifmenwer0@gmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-12-2023 05:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |