03-01-2024 02:10 PM
سمير عبدالصمد - عَمَّانُ عاصمتُنا الأنيقةُ، فيها تلتقي الأصالةُ مع الحداثةِ، في ائتلافٍ مُتناغمٍ. تمتازُ بعضُ مبانيها بالقدمِ، والتصميمِ المعماريِّ التقليديِّ، حيثُ بُنيت مع بدءِ قيامِ الدولةِ الأردنيةِ الحديثةِ، وما زالت على حالها، وكأنها تقفُ شاهدةً على زمنٍ جميلٍ مضى، أما الجزءُ الآخرُ من عَمَّانَ فهو نِتاجُ ثورةٍ حضاريةٍ معماريةٍ حديثةٍ تمتازُ بالأبنيةِ العاليةِ التي شُيِّدَت بأشكالٍ مَبنيةٍ على أرقى المعاييرِ الهندسيةِ.
عَمَّانُ هي قلبُ الأردنِ النابضُ، ومقرُّ الحكمِ، ومباني الوزاراتِ والدوائرِ الحكوميةِ. فيها المدينةُ الرياضيةُ، وصرحُ الشهيدِ الذي بُنِيَ تخليدًا لشهداءِ الوطنِ الأبرارِ، وفيها المتحفُ الأردنيُّ، حيث من الممكن الاستمتاعُ بالفنِ والتاريخِ من الفترةِ النبطيةِ إلى العصرِ الحديثِ، وذلك من خلالِ اللوحاتِ والمنحوتاتِ المحليةِ والدوليةِ، وفيها متحفُ السياراتِ الملكي، الذي يضُمُّ عددًا من السياراتِ الكلاسيكيةِ والدراجاتِ الناريةِ العائدةِ (للملك حسين بن طلال)، ويُمكنُ مُشاهدةُ طائرةٍ تربضُ بسلامٍ خارجَ المتحفِ.
في عَمَّان تتجلَّى معالمُ المدينةِ التاريخيةِ، مثل: قلعة عمَّان الموجودةِ على تلٍّ مرتفعٍ الذي يُمكِّنُ زوارَها من رؤيةِ مناطقَ واسعةٍ من المدينةِ، بالإضافةِ إلى المُدرَّجِ الرومانيِّ في وسطَ البلدِ.
أما (المسجدُ الحسينيُّ الكبيرُ) فهو من أقدمِ مساجدِ عَمَّان، وأولُ مشروعٍ عمرانيٍّ فيها، أسَّسه (الأمير عبد الله بن الحسين) سنة 1923م، وسُمّي بهذا الاسم نسبةً إلى (الشريف الحسين بن علي) قائدِ الثورةِ العربيةِ الكبرى.
في عَمَّانُ تتجلَّى المدَنَيِّةُ والحداثةُ، فهي مركزُ عصبِ الاقتصادِ الأردنيِّ والشركاتِ والأسواقِ، والمدارسِ الحديثةِ والمستشفياتِ الحكوميةِ والخاصةِ، والفنادقِ المتعددةِ التي تتنوَّعُ أسعارُها وخدماتُها، بما يتناسبُ مع دَخلِ زائريها وضيوفِها، وهدفِهم من الزيارةِ، كما أنَّ تَعدُّدَ الأسواقِ التجاريةِ والمطاعمِ والمقاهي وأماكنِ الترفيهِ والتسليةِ والمُتعةِ يجعلُ من عَمَّانَ مَقصِدًا لا يمكنُ منافستُه لكلِّ الأذواقِ والأعمارِ والجنسياتِ.
عَمَّانُ الناعمةُ تستيقظُ، كعادتِها، مُبكِّرةً، تتوضأُ بأشِّعةِ شمسِها الأولى، لِتدبَّ الحياةُ في شرايينها، وتنهضُ تستقبلُ يومًا جديدًا، حركةٌ دؤوبةٌ مُتواصلةٌ. الناسُ في عَمَّانَ يَفِدونَ من كلِّ بقاعِ المملكةِ، ولكلٍّ غاياتُه ومَقاصدُه، تتقاطعُ حياتُهم هنا، بينَ أبواقِ السياراتِ، وازدحاماتِ المارةِ، ترتفعُ شمسُها، فتَرتفَعُ وتيرةُ النشاطِ، في جوٍّ من الأُلفَةِ والودِّ، تُلَوِّنُ عينيك مناظرُ ناسِها وضيوفِها وعابري طرقاتِها، ملابسُ مختلفةُ الألوانِ والأشكالِ والتصاميمِ.
عَمَّانُ مَعشوقةٌ تتحدثُ مع عُشَّاقِها بألسنةِ ناسِها ومبانيها وطيورِها وأشجارِها، تحاورُهم فينجذبون إليها، لكلٍّ منهم حُجَّةٌ مُقنِعَةٌ للعشقِ.
تصدحُ دكاكينُ عمَّانَ الوادعةِ بأغنياتٍ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ وقُطرٍ، مرةً فيروز وسميرة توفيق وصباح وسلوى العاص، ومرةً وديع الصافي ونصري شمس الدين وجوزيف عازار، ومرةً توفيق النمري وفؤاد حجازي وعمر العبداللات، وهناك طلال مداح ومحمد عبده وأنغام، وغيرُ بعيدٍ تَستمعُ إلى أغاني بكلِّ لُغاتِ العالمِ، وهنا تَلتفِتُ لصوتِ (نجاة) تغنِّي (لشيخِ عُشَّاقِ عَمَّانَ الشاعر حيدر محمود):
أرخت عَمَّانُ جدائلَها فوقَ الكتفين
فاهتزَّ المجدُ وقبَّلَها بين العينين
بارِك يا مجدُ منازلَها والأحبابا
وازرع بالوردِ مَداخلَها بابًا بابا.
يأتي المساءُ الجميلُ، فترى طيورَها تؤوبُ راجِعةً إلى وُكُناتِها، تُشيِّعُها نُسيماتُ الغروبِ المبللةِ بالشَّذى، تُوَدِّعُ شمسَها الراحلةَ قبلَ أن تطبعَ أشعةُ أصيلِها دافئَ قُبلاتِها على وَجَناتِ أهليها، فينطلقونَ لمساجدِها وكنائسِها وحدائقِها وساحاتِها.
كلُّ هذا وسواه، يجعلُ من عَمَّانَ مدينةً هادئةً، يقضي السائحُ والزائرُ فيها أوقاتًا لا يشعرُ بالمللِ، بل إنَّ تَنوُّعَ معالِـمِها يظلُّ مَدعاةً لقضاءِ وقتٍ أطولَ في استكشافِ أوجهِ الجمالِ فيها.
ألفُ سببٍ وسببٍ يجعلُ عَمَّانَ الحُلوةَ تَشغَفُكَ حُبًّا.
...............
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-01-2024 02:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |