07-01-2024 08:36 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
استهل رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بداية العام الجديد بالحديث المبكر عن الانتخابات النيابية القادمة التي ستجري كاستحقاق دستوري في العام الحالي، مبينا دور كل من جلالة الملك والهيئة المستقلة في هذا الإطار، وذلك بالاستناد إلى النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة.
إن نقطة البداية في العملية الانتخابية تكون من خلال صدور الإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات وذلك استنادا لأحكام المادة (34/1) من الدستور التي تنص على أن «الملك هو الذي يصدر الأوامر بإجراء اﻻنتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون»، ليأتي بعد ذلك دور الهيئة المستقلة للانتخاب، حيث ألزمتها المادة (4/أ) من قانون الانتخاب رقم (4) لسنة 2022 بتحديد تاريخ الاقتراع ونشره في الجريدة الرسمية خلال عشرة أيام من صدور الأمر الملكي بإجراء الانتخابات.
إن حق جلالة الملك بالأمر بإجراء الانتخابات النيابية يمارسه باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية وكمظهر من مظاهر التعاون مع السلطة التشريعية في حدود مبدأ الفصل المرن بين السلطات، الذي تبناه المشرع الدستوري ضمن إطار نظام الحكم النيابي البرلماني الكامل في الأردن.
ولا يخضع حق جلالة الملك في الأمر بإجراء الانتخابات إلى أية قيود موضوعية أو تراتبية معينة، باستثناء ضرورة مراعاة المدد الزمنية المتعلقة بالعمر الدستوري لمجلس النواب. فلا يُشترط لإصدار الأمر بإجراء الانتخابات أن يسبقه حل مجلس النواب، إذ يمكن أن تصدر الإرادة الملكية السامية بالدعوة إلى الانتخابات النيابية ومجلس النواب قائم وموجود.
وهذا ما حصل مسبقا في عام 2020، حيث صدر الأمر الملكي بإجراء الانتخابات النيابية في شهر تموز من ذلك العام، قبل أن تصدر الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب الثامن عشر في نهاية شهر أيلول من العام ذاته.
وتكمن إيجابيات الدعوة الملكية للانتخابات قبل حل مجلس النواب في تفادي تطبيق أحكام المادة (73/1) من الدستور التي توجب إجراء الانتخابات النيابية بعد حل مجلس النواب بأربعة أشهر على الأكثر وإلا عاد مجلس النواب المنحل بحكم الدستور.
وبعد صدور الأمر الملكي بإجراء الانتخابات، تقوم الهيئة المستقلة للانتخاب بتحديد موعد الاقتراع ضمن المدة الزمنية المشار إليها في القانون. وقد أحسن المشرع الأردني عندما أناط بالهيئة المستقلة هذا الاختصاص ولم يسنده إلى السلطة التنفيذية، وذلك تأكيدا على ولايتها الدستورية الكاملة على العملية الانتخابية كما قررتها المادة (67/2) من الدستور. فسلطة الهيئة المستقلة للانتخاب يجب أن تبدأ من تحديد يوم الاقتراع، مرورا بمراحل إعداد جداول للناخبين والترشح والدعاية الانتخابية، وانتهاء بمرحلة الاقتراع والفرز وإعلان النتائج النهائية.
ويبقى الأطار الزمني الأهم الذي ستراعيه الهيئة المستقلة للانتخاب عند تحديد موعد الاقتراع للانتخابات النيابية القادمة أن مجلس النواب الحالي ستنتهي مدته الدستورية في منتصف شهر تشرين الثاني القادم، وأن المادة (68/2) من الدستور قد حددت الفترة الزمنية لإجراء الانتخابات، إذ أوجبت إجراء اﻻنتخابات خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس كقاعدة عامة، وأنه إذا حُل مجلس النواب فيجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد خلال أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ الحل.
إن الحديث المبكر عن الانتخابات النيابية القادمة فيما يخص الخطوات الدستورية لإجرائها والفترات الزمنية من العام الحالي المتوقع إجراؤها فيها من شأنه أن يهيئ الرأي العام والشارع الأردني إلى أهمية هذا الاستحقاق الدستوري القادم. فهو سيعد أولى مراحل التنفيذ العملي لخطة التحديث السياسي التي بدأها جلالة الملك في عام 2021 من خلال تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وما أفرزته من تشريعات وطنية مستحدثة، أهمها قانون انتخاب جديد سيكون أول تطبيق له في هذا العام لانتخاب مجلس النواب العشرين.
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق جامعة الزيتونة
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-01-2024 08:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |