08-01-2024 02:26 PM
سرايا - عادة ما يوصف حي الرمال بأنه من أقدم أحياء مدينة غزة وأكثرها نموا، وشريان أساسي للحياة التجارية في المنطقة.
ويتميز هذا الحي بالوجود السكاني الكثيف، نظرا لجماله الطبيعي، ولكونه مركزا تجاريا كبيرا، لكنه تعرض لتدمير كبير جراء قصف إسرائيلي على القطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
كان يعرف على أنه أرقى أحياء القطاع، مسحته الطائرات الحربية الإسرائيلية بشكل كامل وحولته إلى كومة من الركام والحديد. بعد أن كان يضم مختلف المرافق والمستلزمات الضرورية التي يمكن أن يزورها السكان وأهالي مدينة غزة نهارا، كذلك فإنه حي هادئ ليلا.
وسمي حي الرمال بهذا الاسم لأنه كان منطقة كثبان رملية لا حياة فيها أو عمل، وكان عبارة عن غابات من منطقة جباليا حتى منطقة الشيخ عجلين.
يتوسط الحي شارع عمر المختار، وهو شارع رئيسي يصل غرب المدينة بشرقها، فيما ينقسم الحي، إلى الرمال الشمالي، والرمال الجنوبي. وتبلغ مساحته نحو 5 آلاف دونم ويبعد عن مركز مدينة غزة 3 كيلومترات بمحاذاة الخط الساحلي.
ويحيط بالحي 20 حيا اعتمدها المجلس البلدي، منها: حي الدرج والتفاح والزيتون والشجاعية والشيخ رضوان والصبرة والشيخ عجلين وتل الهوا.
وبفضل شارع عمر المختار، صار حي الرمال مركزا تجاريا نشطا للقطاع، إذ تنتشر على امتداده مختلف أنواع المحال التجارية.
يعد حي الرمال من أغنى وأهدأ أحياء مدينة غزة وأكثرها كثافة سكانية، إذ يقطن فيه نحو 70 ألف نسمة، ويضم مقار معظم المؤسسات الدولية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني والأبراج والمدارس والمساجد والبنوك ومحلات الصرافة والاتصالات وشركات الإنترنت.
ويضم أيضا مقر المجلس التشريعي والشرطة والأمن، ومقر النيابة العامة والمقر الرئيسي لكبرى الجامعات الفلسطينية، ومقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة لأشهر معالم القطاع مثل متنزه الجندي المجهول ومركز رشاد الشوا الثقافي.
تعود بداية بنائه إلى أواخر العهد العثماني في بدايات القرن العشرين، فقد تأسس بعد الحرب العالمية الأولى عام 1920، وكان عبارة عن مناطق خالية، ولكن في عهد الإدارة المصرية في خمسينيات القرن الماضي أسكنت فيه السلطات الموظفين وفتحت شوارع امتدادا له، وبعد ذلك أصبح الحي الأكثر حيوية وازدهارا في قطاع غزة.
ومن معالم الحي ساحة الجندي المجهول التي شهدت عديدا من المظاهرات والاحتفالات، وتقام بالقرب منها كثير من النشاطات والفعاليات الوطنية وخيمات الاعتصام، كما أصبحت ساحة عامة ومتنفسا لآلاف الغزيين الذين يتوافدون إليها يوميا من مختلف مناطق القطاع.
يعود تاريخ الساحة إلى ما بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من غزة عقب عدوان عام 1956، حيث أقيم نصب تذكاري للجندي المجهول تكريما للشهداء والتضحيات الفلسطينية، فأصبحت للمنطقة بأكملها قيمة رمزية كبيرة عند سكانها.
وتوجد في الحي الجامعة الإسلامية التي تأسست عام 1978، يقع فرعها الرئيسي في حي الرمال الجنوبي بمدينة غزة، وللجامعة مواقع أخرى في قطاع غزة.
تعرضت أجزاء واسعة من مباني الجامعة لأضرار كبيرة وخسائر بالغة إثر قصف الاحتلال لغزة ، إذ تعرض كل من مبنى كلية تكنولوجيا المعلومات ومبنى عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر ومبنى كلية العلوم بالجامعة لأضرار كبيرة بكل ما فيه من تجهيزات ومختبرات وأثاث، إضافة لتكسر معظم زجاج وواجهات المباني.
وتوجد أيضا جامعة الأزهر التي أُسست عام 1991 بهدف تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني في مجال التعليم العالي. بدأت الجامعة بكليتين فقط وهما كلية الحقوق وكلية التربية، ثم توسعت لتشمل كليات أخرى مثل الصيدلة والزراعة والعلوم والآداب الإنسانية، وأُنشئت كليات إضافية مثل كلية العلوم الطبية التطبيقية وكلية الطب.
ويقع البنك الوطني الإسلامي في حي الرمال على امتداد شارع عمر المختار، تعرض في العدوان الحالي للاستهداف من قبل الطائرات الإسرائيلية مما أدى لتدميره بالكامل وتضرر المواقع المحيطة به.
فيما يعد برج فلسطين بحي الرمال من أهم المباني السكنية في قطاع غزة، وهو من أكبر الأبراج السكنية والتجارية في القطاع، يتكون من 14 طابقا، ويضم العديد من المؤسسات الإعلامية والعيادات والشقق السكنية.
استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي برج فلسطين بعدة غارات جوية مما أدى لتدميره بالكامل، وكانت طائرات الاحتلال استهدفت البرج في عام 2022، مما أدى إلى تضرر عدد كثير من الطوابق وشبكات المياه والكهرباء.
وبقي الحي لفترة طويلة أكثر المناطق هدوءا وأمانا حتى وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2021، بتعرض للقصف بأكثر من 200 غارة جوية خلال 9 أيام، فتضررت الطرق ولم يبق في الحي أثر للبنايات الشاهقة، ودمرت الاستراحات على طول شاطئ بحر المدينة.
وكان الحي ملاذا آمنا ومتنفسا إلى حد ما من ضغوط الحياة لكثير من سكان قطاع غزة، ولكن بين ليلة وضحاها، اختفت ملامحه في أثناء القصف الإسرائيلي إذ واجه الحي سلسلة غارات عنيفة استهدفت مباني سكنية ومكاتب شركات اتصالات وإدارات مختلفة.
واستمرت هذه الغارات ليلة كاملة، ولم تهدأ حتى فجر اليوم التالي، الأمر الذي أدى إلى تدمير الحي تدميرا شاملا، وتهجير سكانه، وقطع غالبية الطرق المؤدية له، ولم يتبق منه سوى اسمه. وإلى جانب تدمير المنازل والعمارات السكنية استهدف القصف أيضا مقرات ووزارات حكومية ومساجد ومدارس.
وتفاخر المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هغاري، بالدمار الذي أحدثه الاحتلال في حي الرمال، وأظهرت الصور التي التقطتها عدسات المصورين من داخل الحي مشاهد دمار هائلة لمبان وعمارات بأكملها تمت تسويتها بالأرض.
وقال بعض المواطنين الفلسطينيين ممن دمرت منازلهم إن ما تعرض له الحي "تسونامي إسرائيلي ضرب حي الرمال".