10-01-2024 11:43 AM
بقلم : علاء عواد
عندما يصبح الحلم كابوساً، يكون الأمل بعيد المنال. لكن مع العقيدة والإيمان والثبات على أن الحق سوف يعود لأصحابه يومًا، تتولد إرادة تحقيق المستحيل؛ كلمات بسيطة ربما تشكل جزءاً من الواقع المرير الذي يعيشه شباب غزة، ممن فرض عليهم الصراع الطويل بين جيش الاحتلال الإسرائيلي المغتصب والشعب الفلسطيني "صاحب الأرض". فمن الصعب أن يتحمل بشر ما يحدث وسط الصراع الدائر في غزة، بؤرة الأحداث التي لم تهدأ منذ السابع من أكتوبر، لتمثل أصعب مرحلة تمر على القطاع الفلسطيني منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في بداية القرن العشرين
وعلى مدار السنوات السابقة، دارت حروب كثيرة بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، لكنَّ حرب غزة الدائرة الآن ليست مثل كل الحروب السابقة ورغم الضغوط غير المسبوقة والأزمات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في تدبير كوب مياه نظيف يروي العطش أو قطعة خبز تسد جوع من لا زال على قيد الحياة وفي عمره بقية، ينتظر دوره في الشهادة، ورغم حملة الإبادة الجماعية التي يواصلها الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه المتواصل على القطاع منذ ٩٧ يوما تقريبا ، فإن العديد من سكان غزة يفضلون الموت في أرضهم، بدلاً من العيش في المنفى إلى أجل غير مسمى، وهو المصير الذي حل بأجيال من الفلسطينيين في أماكن أخرى
عند الاغريق هناك اسطورة تقوم على الكذب والحياة اسمها اسطورة هيرمس وهي أن هناك طفل اسمه هيرمس وهو في المهد قفز وسرق قطيعاً من الغنم، وحين استحضره القاضي تساءل الطفل الصغير قائلاً: كيف أسرق يا سيدي وأنا طفل في المهد، ومنذ تلك القصة جاءت أسطورة هيرمس الذي أصبح عند الإغريق إله البلاغة والتجارة، وهما معاً ينجحان في صناعة أمهر الكذبات
ولو عرف الإغريق عن مجلس الأمن لجعلوه انموذجاً آخر لهيرمس الأسطوري، وإله البلاغة والتجار والتي أصبحت فن (غير) الممكن وفن المستحيل، ومثالها مجلس الأمن، حيث يشهد العالم كله كيف تتجلى بلاغيات الكذب وتلعب مجازات اللغة وأجمل صيغها ألاعيب َ لم يبلغها الشعراء في تاريخ الشعر مذ كان حتى اليوم وما بعد اليوم
ما يحصل منذ السابع من أكتوبر يثبت أنّ الأرض ستعود إلى أصحابها الحقيقيّين. لا شيء مستحيل أمام شعب تغذّى في الرحم على الدفاع عن كلّ شبر من وطنه. يولد محتضِنًا أبجديّة المقاومة، ثمّ يشبّ مضيفًا إلى معجمها مجلّدات في فنون المواجهة والتصدّي، ولا يحلو له الموت إلّا شامخًا مناضلًا في سبيل قضيّته.