14-01-2024 08:26 AM
بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
... ذات يوم ستتباهى صبية في يوم زفافها بالقول: أن الشال الذي ترتديه جاء من غزة...ذات يوم وبعد انتهاء الحرب أيضا، ستتباهى المطاعم الكبيرة في عمان بالقول لزبائنها أن الشطة التي وضعت على المائدة (صنعت في غزة)...
حتما سيأتي اليوم...الذي سيفتخر به أحد طلبة الجامعات في القاهرة أو بغداد أو تطوان بالقول لرفاقه بأن أصل أمه من غزة..أيضا، وربما سيعرض فنان لوحاته في أحد معارض عمان..لكن لوحة ستعلق في منتصف صالة الصالة، وستكون الأغلى ثمنا..لأن الإطار صنع من خشب بيت قديم في غزة دمره الإحتلال، وسيتوافد الجميع على تلك اللوحة فقط لأجل لمسها..والتبرك بها.
الحرب في غزة..هي حرب تاريخية، فمن خاضها حتما سيدخل التاريخ وسيسجل اسمه فيه ليس بأحرف من الذهب..بل بأحرف من النار والشرف والكرامة، وحتما سيخرج البعض بعدها من التاريخ..ربما سيقفون على قارعته وستمر الأجيال عنهم دون حتى أن ترمقهم بنصف نظرة.
قلت لكم ذات يوم ستتباهى صبية يوم عرسها بالقول لرفيقاتها بأن الشال الذي ارتدته تمت حياكته في غزة، ذات يوم أيضا...سيقفز أحدهم من الفرح وربما سيذرف دمعة حرى أمام الأهل والخلان، لأنه حصل على تذكرة تخوله أن يرسو في ميناء غزة..ويزورها، هل سيفتح ميناء غزة؟....نعم سيفتح وسيفتح فيها المطار..وبيوت الناس هناك ستفتح أبوابها كي يأتي الزوار ويتعلموا معاني الصبر..وكيف تنبت المباديء مثل النخيل..وكيف يزهر الورد على قبور الشهداء، وكيف يبلل المطر تراب غزة..ويقترب الغيم كثيرا من التراب..حتى الغيمات هي الأخرى ستتعطر بالشرف إن لامست ولو لبرهة بعضا من رمل الشاطيء أو طرف نخلة.
ذات يوم ستعبر الطائرات من فوق غزة، وسيعلن الطيار للركاب عن ذلك، سيقول: (المسافرون الأعزاء نحن الان فوق غزة)..وجميعهم سيذهبون لنوافذ الطائرة كي يشاهدوا أنوارها...وربما ستتمنى عجوز في اخر العمر أن تقف الطائرة ولا تتحرك، كي يتسنى لها أن تقرأ الفاتحة على قبر كل شهيد...
غزة لن تكون المدينة التي دمرت، غزة ستكون مدرسة التاريخ...هي من سيكتب التاريخ في هذا العالم، وستقوم بفرز الأحداث والأشخاص والأوطان...غزة ستخرج من التاريخ كل من خذلها، لكنها حتما لن تنسى أحبابها..لن تنسى الشهداء، وستبقى هي الذاكرة ومخزن الأسرار...غزة صنعت من نفسها وحدة قياس الشرف...وحدة قياس للبطولة والأخلاق والصبر..
جنوب إفريقيا، انتصرت لغزة..لأنها دولة تعرف كيف تدخل التاريخ وكيف تستعيد زمن (نيلسون مانديلا)، في حين أن الكثيرين قرروا الخروج منه....
Abdelhadi18@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-01-2024 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |