15-01-2024 09:12 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
أكثر من مئة يومٍ من الحرب على قطاع غزة، في فصلٍ كتب عنواناً جديداً من مأساة الفلسطينيين، بعدما بات معظم سكان القطاع لاجئين، وبعدما اكتشف العالم وجهاً آخر ليس لإسرائيل وحسب، بل ولشبكة حلفائها على امتداد عواصم قرار العالم.
وليس مفارقةً أن ترفع دولة جنوب أفريقيا، قضية غزة العدالة أمام أعلى هيئة أممية، بعد مئة يومٍ، فلقد جاءت هذه الدعوى من قبل دولةٍ مؤمنة بقيم الإنسانية والعدالة، وصاحبة إرث حقوقي، ومن غير الدول العربية، لتعطي للقضية الفلسطينية من جديد بعداً كنا أحوج ما نكون إليه، فهذا الأمر يعطي القضية الفلسطينية أبعادا أخرى غير إقليمية أو قومية أو سواها، بل يعطيها المعنى الإنساني، ويكسبها مزيداً من التعاطف، ويمنحها الزخم المطلوب كي يؤمن ضمير الإنسانية ألّا عالم أكثر سلاماً، أو عدلاً دون تحقيق العدالة لفلسطين وقضيتها.
وما يجري في غزة اليوم، ليس إلا جزءاً من مشهدٍ كبير عاشه الفلسطينيون لعقود مضت، ولكن، ما جرى من مأساةٍ في القطاع، هو الصورة الأكبر لمّا يجري بصمت منذ عقود، واليوم ملف هذه القضية ليس مودعاً بين أيدي قضاة المحكمة وحسب، بل هي في بريد الإنسانية، والحضارة وقيمها، ولكما أمعنت إسرائيل في محاولاتها للتمويه والضغط على ما يجري كلما كان انكشافها أكبر، في مفارقةٍ مختلفة عن كل أدوار مرّت بها القضية الفلسطينية.
فالإبادة الجماعية، في مفهوم القانون الدولي، وتحديده.. هو مفهوم أعادت إنتاجه إسرائيل اليوم، بوحشية آلتها العسكرية، ولتكشف فرط الفراغ الإنساني الذي تعيشه، حتى أنها باتت تثبت وهي في عقلية نتنياهو وسموتريتش، وبن غفير وأمثالهم.. أنها دولة عصية على السلام.
فإسرائيل بهذه العقلية لا تسجل سابقة بمستوى القتل والإجرام الذي ارتكبته في القطاع وحسب، بل إنها تسجل سابقة في سوء السمعة، وبسابقة قانونية كان العالم المعاصر يظن أنها لا تتكرر، ولكن كررتها عقليات حُكام إسرائيل اليوم، حتى أن مناصريها باتوا لا يجدون ذريعة دفاعٍ واحدةٍ عنها.
فتجربة الفصل العنصري التي مرت بها جنوب أفريقيا، وهذا الإرث الذي تملكه في الدفاع عن قيمها، هو زخم ومفاضلة سيذكرها العالم، وستؤرخ لمرحلة جديدة من فصول البحث عن العدالة لفلسطين وقضيتها، وهو جهد مدعوم بإسنادٍ عربيٍ وإنسانيٍ، بزخمٍ يمكن البناء عليه لإيجاد فضاءات جديدة لعدالة القضية الفلسطينية، فمهما كانت المأساة كبيرة في غزة، ومهما اعتصرت قلوبنا ألماً على ما يجري فيها، إلا أن من الواجب أنّ نذكر أنّ كل هذه الدماء يجب أن تؤسس لزمن جديدٍ لفلسطين وقضيتها عنوانه العدالة وتحقيق حل سياسي مستدام، مبني على احترام إنسانية القضية الفلسطينية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-01-2024 09:12 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |