15-01-2024 12:29 PM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لن يكون مُستَغرَباً ولا مُستَبعَداً أن ضباط البوارج البحرية الامريكية والروسية التي تتمركز الان جنباً الى جنب في المياه الاقليمية العربية السورية واللبنانية والفلسطينية والمصرية يشربون قهوتهم الصباحية على أنغام اصوات المدافع والصواريخ وأسراب الطائرات التي تُقلِع من على اسطُح تلك البوارج وانهم مساءً يشربون نخب الدماء لاولئك الابرياء من الاطفال والنساء وعلى منظر الاشلاء التي تتطاير امام ناظرهم فالاثنان قد ادمنا شرب هذه الدماء التي تُروى بها ارض بلاد الشام والرافدين اضف لهما دماء اهل اليمن .
لم نرى على الاطلاق صواريخ التوماهوك وهي تُحمَلُ على أجنحة طائرات ال إف ١٥ وما فوقها تُحلِّق بها من على البوارج الامريكية ولم نسمع انها انطلقت من الغواصات الامريكية متجهة الى الجبهة الروسية الاوكرانية التي كما يُقال انها حربٌ امريكية او على الاقل هي برعاية وتمويل ودعم عسكري امريكي
لم نرى تلك الطائرات ولا الصواريخ التي انطلقت يوم امس متجهة الى ارض اليمن تعيث فيها قتلاً وتدميرا بعد ان دمرت المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية في غزه وارتكبت فيها ابشع إبادة جماعية ، لم نراها إلا في سماء وارض العراق وافغانستان وفي اجواء فلسطين واليمن وكأنما صنعت خصيصا لهم .
من لم يكن يرى الوجود الروسي في سوريا بأنه تكليف امريكي مدفوع الاجر تقوم به روسيا مُجبَرة او طائعة فإنه ربما بحاجة الى اعادة النظر في رؤيته السياسية فهذا التكليف لا يحتاج الى تمحيص وتحليل واخْذٍ ورَدّ فالمشهد مقروء وشديد الوضوح لمن عنده ذرة من بُعدِ نظرٍ سياسيةٍ عاديةٍ غير متخصصة على الاطلاق وربما اقول هذا بهذه الحدَّةِ او الشفافية لانني إنما أُدافع عن وجهة النظر التي أُكررها منذ الوجود الروسي اللاشرعي في ارض سوريا كلها ، وها هي الاحداث الكبرى التي تجري الان قد كشفت عن طبيعة هذا الوجود الروسي " الجوكر " المرعب والذي سيدفع العرب اثماناً باهظة لا يعلم احد فداحتها اذا ما آن الاوان لاخراجه من ارض الشام الذي لن يكون خروجاً يسيرا ولا سهلا بل سيكون بالغ الصعوبة باهظ الثمن .
ليس من قبيل لفت الانتباه لرؤيةٍ سياسيةٍ مثيرة للجدل باحتمال ان تكون جهالة سياسية عقيمة عندما يتم طرح وجهة نظر بان اوروبا بكاملها عظيمها من الدول وصغيرها بكامل نسيجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بدءاً من لورداتها وجنرالاتها وإنتهاءً بصغار جنودها وبُسَطاء عُمَّالِها قد وقعت ضحيةَ سياسةِ الدولة العالمية العميقة وبتنفيذ امريكي روسي مشتَرَك تدفع اوروبا ثمن حرب ليس لها فيها ناقة ولا جمل فُرِضَت عليها ولولا الحبال التي تمتد اليهم من بلاد العرب لكانت اوروبا كلها تعاني اليوم من الزمهرير شتاء ولهيب الحر صيفاً ولضاقت معيشتهم بكل حال .
ايران التي حُمِلَت على الاكُف الامريكية البريطانية وأُنزِلَت في الاراضي العربية ومعها التفويض الكامل بالسيطرة عليها والتقلب فيها كيفما تشاء ولكن ضمن الإطار الذي حُدِّدَ لها دون الخروج عن طاعة هؤلاء ،
لن تنطلي علينا تصريحات وزير خارجيتها التي اطلقها في الأسابيع الاولى لهذه الملحمة البطولية التي سَتُغيِّرُ وجه التاريخ وتقلِبُه رأسا على عقب على يد اولئك الابطال اصحاب وصانعي هذه الملحمة ، وهي إنما استُخدِمَتْ كالجوكر في هذه المنطقة ( غبَّ الطلب ) ،
ها هي وبعد انقضاء مئة يوم على هذه الملحمة التي يَرتَكب فيها العدو إبادة جماعية ستكون الاولى في التاريخ موثقة باعتراف عالمي من اطراف الدنيا كلها لم تفعل شيئا سوى مزيد من التصريحات والتهديد ،
نعلم ويعلم الذين ادخلوها في حلفهم الشيطاني انها دولة باطنية لا يُؤتمَن جانبها وانها ذات تطلعات ايديولوجية بعيدة المدى وعميقة جداً وان لها اهداف تمتلك نَفَسَاً عميقاً وطويلًا من اجل تحقيقها وربما نجحت في تحقيق بعضها منذ ان عاد مُرشدها على متن الطائرة الفرنسية التي بهبوطها على ارضها بدأت رياح التغيير تعصف بالمنطقة وما زالت المنطقة تعيش في ظل شديدِ هبوبها وخطرها الداهم .
اليمن اصل العرب والايمان يمان والحكمة يمانية وفيها الرجال الرجال وإن التاريخ سيذكر لهم هذه الوقفة البطولية في هذه الملحمة كما سيذكر من رمى ولو عود ثقاب من شمال ارض فلسطين من ارض لبنان لتكون عوناً للابطال الذين يخوضون القتال في وقت تخلف فيه المتخلفون الذين لن ينفعهم في مقبل الايام الندم .
لن يطول بقاء روسيا في ارض العرب ولن تبقى أساطيل امريكا واروبا تمخر عباب بحارنا فارهاصات التغيير العظيم آتية وتُشتَمُّ الآن بكل وضوح رياحها
ولن يهنئا عما قريب من كانوا يشربون انخاب موتنا ولن تبقى ارضنا مستباحة ولن نكون مجرد ارقام ،
وما كانت يوماً دماؤنا رخيصة ولن تبقى مباحة حرماتنا
وتبَّاً لهم في كل وقتٍ وفي كل حين وتباً لهم اجمعين ، فذاك مازال بالبراميل يقتلنا
وهذا بالأساطيل الآن يقتلنا .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-01-2024 12:29 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |