16-01-2024 05:20 PM
بقلم : الدكتورة هبه عجلوني
الأعور هو الذي لا يرى الا بعين واحدة فينشأ عنده ازدواجية المعايير في الحكم، والدجال لانه يكذب ويصدق الكذب لكثرته .
اننا نعيش في عصر الكذب والدجل الوقح وازدواجية المعايير والنفاق لاجل المناصب ولاجل الوصول ولاجل الحفاظ على الماديات الفانية. انه من الصعب التفكير بأننا نعيش ما بعد عام 1948 حيث اتفقت الشعوب على تطبيق كل القوانين والمبادئ والمواثيق المتعلقة بحقوق الانسان من الحفاظ على حياته مرورا بحريته وحرية التعبير وغيرها مما يضمن الحفاظ على إنسانية الانسان؛ خاصة تلك الفئات المستضعفة والاقليات والنساء والاطفال . كما انه من الصعب اننا لا نستنكر استخدام ما اتفقنا على عدم استخدامه من الأسلحة المحرمة دوليا لأضرارها المرتدة ليس على الانسان وحسب بل على المياه والاسماك والاشجار والهواء المتنقل في كل مكان. أين تخاطب الشعوب التي زعمت الليبرالية برموزها وحاملي راياتها منذ البدايات كرولز وغيرهم في الغرب بأن الشعوب لا بد لها من التحاور وتجاوز الشرور والظلم. اين ضمائر البشر اين الافواه التي خلقها الله لتنطق بالحقيقة المدعمة للرحمة التي كتبها الله على نفسه وطالب بها بني البشر. هل ما يزال من يعتقد في عصرنا الحديث وبعد كل تجارب التاريخ انه من الممكن لإنسان ان يفني انسان او يتحكم بنسله وخلقه ظانا منه انه ليس كباقي المخلوقات. فهل فنى نوح او فنى ادم وقد كان وحده مع حواء!!! انها لحظات عجيبة تستوقف العقل البشري ليطرح السؤال الواقعي البديهي باننا ربما نعيش عصر الروبوتات البشرية التي لا صلة لها بالعواطف والضمير والمشاعر الانسانية لا من قريب ولا من بعيد. هل يعقل بان الطغيان والإجرام يريد الحفاظ على فكرة نهاية التاريخ التي جاء بها فوكوياما حتى ولو كان ذلك على حساب الاطفال والنساء والمستضعفين في الارض من الاشجار والمياه والبيئة التي تأوينا وتعطينا ولا تاخذ منا. إننا بحاجة لوقفة حاسمة تبني لبدايات جديدة مختلفة وسياسات أكثر عدلا وحكمة ورحمة، كما اننا بحاجة لإدراك حقيقة ان الحجر لا يهزمه الا حجر مثله ، اما الاستقواء على الفئات المستضعفة والاغتيالات والحركة في الخفاء فهذا لا يمس للنصر والخلود والسمو بصلة.وإن لم يتحرك العالم كله بشعوبه الصادقة نحو تغيير جذري لانظمة عالمية جديدة قادرة على حمل راية الرحمة والحفاظ على النوع البشري وعدم المساس بجيناته وفطرته وتحقيق المساواة والعدالة؛ فإن العالم سيتحول الى غابه يأكل القوي الضعيف ويقتل البصير الاعمى ولا يقدر الفرد المشي للامام لما يحويه الخلف من مجرمين ومتربصين لا يمسون للرحمة ولا للإنسانية بصلة. عندها نعود لما قبل البشرية وهذا ليس من مصلحة احد لا الظالم ولا المظلوم، لأن الجميع مدان امام المهازل التي تحدث في العالم اليوم. والشعوب إن لم تتحرك وتتخاطب فيما بينها بقوة العولمة والتكنولوجيا والمصالح المشتركة ومنطق الحجة وقوة العقل فإن العالم كله بلا استثناء سيجر الى حرب عالمية شاملة يتحدى فيها المتمسكون بالماضي وكثيرا من خزعبلاته المتأملين بالمستقبل ليرينا الله عز وجل في النهاية أن إرادته وحده هي التي ستنتصر.