21-01-2024 08:42 AM
بقلم : د. عدلي قندح
تحت شعار «إعادة بناء الثقة» انعقد المؤتمر السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)، على مدى خمسة أيام، في الفترة من 15 إلى 19 يناير/ كانون الثاني 2024 في دافوس بسويسرا، وذلك في عام كان يأمل العالم فيه تجاوز تداعيات الجائحة وصدمات الطاقة، وكان من المتوقع أن يرسم المنتدى الاقتصادي العالمي ملامح لفترة زمنية أكثر استقرارًا بعد ثلاث سنوات مضطربة. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط قد حطمت هذه التوقعات، كاشفة عن أن العالم لا يزال عالقًا في أزمات غير منحلة. وقد واجه هذا الاجتماع السنوي لزعماء العالم، المعروف بتشكيله الخطاب الدبلوماسي، تحديات جديدة في عصر التحولات الجيوسياسية والأزمات الناشئة.
شارك في المنتدى لهذا العام أكثر من 300 شخصية عامة، بما في ذلك أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة، ناقشوا مجموعة متنوعة من القضايا تراوحت ما بين الانتخابات العالمية وتأثيراتها المحتملة على التحالفات الدولية، والتحديات المناخية، والتباين الاقتصادي بين الدول، والذكاء الصناعي وتأثيراته على الانتاجية وأسواق العمل، علاوة على التوترات الجيوسياسية التي تجاوز عددها 90 توتراً على المستوى العالمي، تجاوزت كلفها على الاقتصاد الكلي العالمي 17.5 تريليون دولار.
ويمكن تفسير تدهور مستوى الثقة في هذا السياق من خلال العشرة تحديات التي تم مناقشتها في المنتدى، حيث تصدرت هذه التحديات مشكلة الأخبار المضللة والمضللة، تلتها الظروف الجوية القاسية، والانقسام الاجتماعي المتزايد المعروف بظاهرة الشعبوية، ونقص الأمان السيبراني، والنزاعات المسلحة بين الدول، وتقلبات الفرص الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، والتهجير القسري، والانكماش الاقتصادي، والتلوث.
فمن الواضح أن أجندة أعمال منتدى دافوس هذا العام ليست اقتصادية بحتة، وإنما عكست إلى حد بعيد التطورات الجيوسياسية على مستوى العالم، وما ارتبط بها من تبعات مالية ونقدية واقتصادية كبرى. وهو الأمر الذي قد يجعل من المنتدى في هذا العام، فرصة للتقارب وإيجاد الحلول للعديد من المخاطر والقضايا العالمية.
فعلى صعيد التوترات الجيوسياسية الإقليمية ناقش المجتمعون قضايا جيوسياسية رئيسية مثل التوترات في مناطق معينة مثل أوروبا والشرق الأوسط، والتأثير المحتمل على الاستقرار العالمي. وتحدثوا عن حالة عدم اليقين في العلاقات الدولية، وكيفية التعامل مع التحولات في العلاقات الدولية، خاصةً في ظل تنامي التوترات بين الولايات المتحدة والصين وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي.
أما فيا يختص تأثير نتائج الانتخابات التي ستجري هذا العام في العديد من الدول ودورها فأن التحدّي الرئيسي هو في كيفية تأثير نتائج الانتخابات في مختلف الدول على التحالفات والعلاقات الدولية. فقد يؤدي فوز أو خسارة زعماء جدد إلى إجراء تعديلات جوهرية في السياسات والتحالفات الدولية. كما وناقش المجتمعون في المنتدى تأثير نتائج الانتخابات على السياسات الاقتصادية، مع التركيز على استقرار الأسواق وجودة السياسات التنموية.
وتطرق المجتمعون للتحديات المناخية، وضرورة الموازنة بين النمو الاقتصادي والاستدامة ويشمل ذلك استكشاف سبل تعزيز الاقتصاد الأخضر والابتعاد عن السياسات التي قد تسهم في التلوث، مع التركيز على اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع آثار التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الضارة.
وناقش المجتمعون موضوع التباين الاقتصادي وتأثير الجائحة، وتعافي الاقتصاد العالمي، وتم التركيز بشكل كبير حول التحديات والفرص المتعلقة بتعافي الاقتصاد العالمي بعد الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19 وبحثوا الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتعزيز النمو وتحسين الاستقرار الاقتصادي. وركزوا على الكيفية التي يمكن من خلالها تقليل التفاوت في الدخل بين الطبقات الاجتماعية، مع التفكير في السياسات التي تعزز المساواة الاقتصادية.
ولم يغفل المجتمعون عن مناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف وسوق العمل وكيفية تحسين فرص العمل وتعزيز مهارات العمال للتأقلم مع هذه التحولات. وتطرقوا للجوانب الأخلاقية لتطوير التكنولوجيا وتبنيها، مع التركيز على الحفاظ على حقوق العمال وضمان التنمية الشاملة.
وقد حذر المحللون من أن الاقتصاد العالمي في طريقه لإنهاء عام 2024 كأبطأ نصف عقد من نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ 30 عامًا. و من القضايا الأخرى التي هيمنت أيضًا على جدول الأعمال، المستويات الهائلة من الديون التي تراكمت على الاقتصادات النامية خلال السنوات الأخيرة للتعامل مع أزمات متعددة، مثل جائحة كوفيد-19 ونقص الطاقة وتغير المناخ. فاليوم، يعيش 3.3 مليار شخص في بلدان تنفق على مدفوعات الفائدة أكثر مما تنفقه على التعليم أو الصحة، وفقًا للأمم المتحدة. وتقرّ العديد من البلدان النامية بأن خزائنها المالية تتعرض لضغوط وسط ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة وارتفاع تكاليف الاقتراض.
من الواضح أن حجم ونطاق وصعوبة وتشابك القضايا التي تمت مناقشتها في دافوس قبل أيام تفوق قدرة المشاركين في الاجتماع السنوي للمنتدى على إيجاد الحلول والتسويات المطلوبة للتعامل مع هذه المخاطر وتلك النزاعات، ويقع على عاتق المسؤولين في الدول إيجاد الحلول الخلاقة واستغلال الطاقات الكامنة لأخذ الاجراءات اللازمة وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات المناسبة لانقاذ اقتصاداتها قبل أن تصل لاوضاع لا يفيد فيها عض أصابع الندم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-01-2024 08:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |