24-01-2024 08:30 AM
بقلم : د. صلاح جرّار
يشنّ المسؤولون الإسرائيليون منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي حملةً شعواء على الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة مثل الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة ومحكمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان ومنظمة اليونسكو ومنظمة اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) وغيرها، وقد تولى هذه الحملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بذيء اللسان بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته إيلي كوهين وسفير دولة الكيان في الأمم المتحدة جلعاد إردان، وغيرهم.
ولم يكتف هؤلاء المسؤولين بالنيل من الأمم المتحدة وهيئاتها بل تعدّى نيلهم منها إلى النيل من القائمين على تلك الهيئات، فتطاولوا على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، وعلى المفوّضة العامّة لحقوق الإنسان كاثرين راسل وغيرهما.
ولما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تفعيل المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في غزّة لم يتورّع وزير الخارجية الصهيوني عن اتهام غوتيرش بدعم الإرهاب، كما لم يتورّع جلعاد إردان سفير دولة الاحتلال لدى الأمم المتحدة عن وصف غوتيرش بالانحراف الأخلاقي وأنه «فاقد لبوصلة الأخلاقية»، واستخدم إردان عبارة «التعفّن الأخلاقي» في وصف غوتيرش.
واتهم إيلي كوهين، وزير خارجية الاحتلال، الأمم المتحدة بالنفاق قائلاً: «لن نبقى صامتين بعد الآن في وجه نفاق الأمم المتحدة، إنّ سلوكها منذ 7 أكتوبر يشكل وصمة عار في جبين المنطمة والمجتمع الدولي».
أما نتيناهو رئيس وزراء الاحتلال فقد دأب على التطاول على الجمعية العامّة للأمم المتحدة فوصفها بأنّها بيت الأكاذيب، ووصف أحد قراراتها الأخيرة بالقرار «الحقير».
وعندما قدمت جنوب إفريقيا شكواها على الكيان المحتل إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب حرب إبادة في غزة، تعرضت المحكمة لهجوم كلامي بشع من المسؤولين الصهاينة، فوصفوها بانحطاط القيم والنفاق والكذب واتهموها باللاسامية.
ولو قام أحد الباحثين بتوثيق حالات التطاول الإسرائيلي على الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها المختلفة منذ إنشاء هذا الكيان في فلسطين لاجتمع له ملفٌ ضخم من هذه التطاولات، وبما يؤكّد الرفض الصهيوني لهذه المنظمة الدولية وقراراتها، وقد بلغ الأمر بالمسؤولين الإسرائيليين أن شككوا بشرعية هذه المنظمة، فعندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً غير ملزم بهدنة إنسانية فورية في غزّة وهو القرار الذي أعدته المملكة الأردنية الهاشمية باسم المجموعة العربية يوم 28/ 10/ 2023 قال السفير الصهيوني في الأمم المتحدة جلعاد إردان: «اليوم هو يومٌ مُشين، شهدنا جميعاً أنّ الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرّة واحدة من الشرعية أو الأهمية... عارٌ عليكم».
إنّ وراء هذه الحملات ضدّ الأمم المتحدة ومحاولات إضعافها والتشكيك في شرعيتها أهدافاً صهيونية غير خفيّة، غير أنّ أهمّها هو أنّ استقامة هذه المنظمة أو صلاحها واستقرارها يعني الدفاع عن الشرعيّات وعن العدل والمحافظة على حقوق أصحاب الحقوق، ومتى كانت الأمم المتحدة كذلك فإنّها سوف تكتشف عدم شرعيّة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مهما كانت حجج الصهاينة وذرائعهم ومزاعمهم وادّعاءاتهم، ومتى كانت الأمم المتحدة ذات صلاحيات قابلة للتنفيذ فإنّ ذلك لن يكون في صالح دولة الاحتلال، ومتى كانت الأمم المتحدة لا تكيل إلاّ بمكيال واحد ولديها من قوّة الموقف والكلمة ما يجعل قراراتها ملزمة فإنّ ذلك لن يخدم الأطماع التوسعيّة الصهيونية.
وما دام وجود منظمة دولية كالأمم المتحدة بمواصفات مثالية ورسالة سامية بشكّل تهديداً للكيان المحتلّ، فمن الطبيعي أن تعمل دولة الاحتلال على التآمر عليها ومحاولة تقويضها وعدم تمكينها من أداء مهامّها ورسالتها الدولية، وهذا ما يفسّر مناصبتها العداء وشنّ حروب عليها بكلّ الوسائل الممكنة. وما هذاالضعف والوهن الذي تعاني منه الأمم المتحدة إلاّ نتيجة من نتائج هذا التآمر الصهيوني عليها ومحاولات الاستحواذ على قراراتها.
Salahjarrar@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-01-2024 08:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |