بقلم : يوسف رجا الرفاعي
قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الامن القومي الامريكي في مؤتمر صحفي له بالامس أن العدد الصحيح للضحايا في قطاع غزه هو ( صفر )؛ صدِّق او لا تصدّق ايها القارئ ايها السامع ايها المشاهد، هاذا ما قاله الوزير .

بما انك الصديق الوفي وانك الحليف وانك الوليف وانك الحامي وانك الراعي وانك قوي جداً جدأ كما يعتقد كل المؤمنين بك ( لستُ انا على الاطلاق ) بما انك كل هذا واكثر سأكون مثل باقي العرب نأخذ ونستوعب كل ( شيء ) دون تفصيل بعقل منفتح واعي ورزين واننا دائماً ننظر الى النصف المليء من الكأس العربي الذي هو في الحقيقة ( فارغ ) بالمطلق وحتى اننا عندما نُضرب باي شيء ، بالطائرات ، بالصواريخ ، بالبوارج ، فإن اقصى رد لنا يكون باننا سنرد في الزمان والمكان وفي الوقت المناسب ، اليس هذا استيعاب!!

وإثباتاً لحُسن استيعابنا سأقول اليوم عن بيانك وعن اعلانك ان عدد المدنيين الذين قُتلوا في غزة هو صفر ، ولا اعلم لماذا اخترت كلمة الصفر تحديداً ، واعتقد انك لو قلت لا احد ربما كان افضلُ لغةً ، إلا اذا لم يكن مسموحاً لك ، سوف اعتبر تصريحك وبيانك هذا انه كان كله شهادة للعرب بشكل صريح واضح لا يقبل التأويل بل وسأشكرك عليه عندما اعتبره اعترافاً منك للعرب بالفروسية والشجاعة والاقدام والبطولة والفداء واننا نحن العرب لا يدانينا في هذه الصفات احد ، تعلم معاليك ان الصفر كان موجوداً في العمليات الحسابية الهندية وان العرب هم الذين أوجدوا قيمة لهذا الصفر وأُعطيت من خلاله منازل العشرات والمئات والألوف ،
إن الصفر الذي تحدثتَ عنه وقلتَ انه لم يُقتل مدني في هذه الحرب التي تقودونها انتم بكل ما تملكون مِن قوة تَعْتَدُّونَ بها دون الابقاء على شيء منها انما هي وسام على صدور احرار العرب ،
فنحن نعلم والصين تعلم وروسيا واليابان والهند وإندونيسيا تعلم واوروبا كلها من اولها لاخرها تعلم وانتم تعلمون أن عدد ألأطفال والنساء الذين قتلتموهم أنتم يزيد عددهم عن العشرين الف بل ربما اكثر ثم تأتي تُصرِّح وتقول ان عدد القتلى المدنيين صفر !!
واسمح لي ان أفسّر لك لماذا اشكرك على هذا الصفر لانه في الحقيقة انما هو اعتراف منك بأن هؤلاء جميعاً كلهم على الاطلاق يولدون من بطون امهاتهم فرسان وان النساء اللواتي قتلتموهن كلهن فارسات وأنهن لا يشبهن النساء اللواتي تعرفونهن ، فاعتبرتَ انتَ ان هؤلاء ليسوا مدنيين على الاطلاق وانك عددتهم ضمن المقاتلين الابطال ( ومن وجهة نظرك جنود اعداء ) ودعني أُريحُكَ او اشرح وأُفَسِّر على لسانك ما اردتَ قوله ولكنك لم تستطع وخانك التعبير فكأني بك تقول وتعترف صراحة بما قاله شاعرنا العربي الجاهلي اذ يقول مُعرِّفَاً ومُذَكِّراً بصفاته لِمن يجهلها :
وَرِثْنا المَجْدَ قَدْ عَلِمْتَ مَعَدٌّ **نُطاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينا
ونَحْنُ إذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ **عَنِ الأَحْفاضِ نَمْنَعُ مَنْ يِلِينا
ألاَ لاَ يَجْهَلْنَ أَحَدٌ عَلَيْنا **فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينا
تَهَدَّدْنا وأوعِدْنا رُوَيْدا. **مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا
لنَا الدُّنْيَا ومَنْ أمْسَى عَلَيْها **ونَبْطِشُ حَيِنَ نَبْطِشُ قَادِرِينا
بُغَاةٌ ظَاِلَمينَ وَمَا ظُلِمْنَا ** وَلكِنَّا سَنَبْدَأُ ظَاِلِميِنَا
مَلأنَا البَرَّ حَتَّى ضاقَ عَنَّا **ونَحْنُ البَحْرُ نَمْلَؤُهُ سَفِينا
إذا بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطاماً **تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرُ ساجِدِينا
اليس هذا القول ترجمةً حرفيةً ( لِصِفرِكَ ) يا معالي الوزير ؟؟

وإني إذ أختار دوماً قول العزة والبطولة والفحولة والاباء والشجاعة والشمم مما قالت العرب في جاهليتها وأُجَمِّلُ بها مقالاتي ما هو إلا هروباً من هذا الواقع العربي المشين في ايامنا هذه لان ما وصلنا اليه من مهانة واستصغار وذُل حال يندى له الجبين .
يوسف رجا الرفاعي