04-02-2024 08:13 AM
سرايا - وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة على تشريع غير مسبوق على المستوى العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي بعد مفاوضات مكثفة بشأن التوازن بين حرية الابتكار والحفاظ على الأمن، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
فقد أعلن سفراء الدول السبع والعشرين "بالإجماع" عن الاتفاق الذي توصلوا إليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي بين الدول وأعضاء البرلمان الأوروبي، وفقا لما أعلنته الرئاسة البلجيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
وكانت المفوضية الأوروبية قدمت مشروعها الذي يحمل عنوان "قانون الذكاء الاصطناعي" في أبريل/نيسان2021، وأعطاها ظهور برنامج "شات جي بي تي" المطور من شركة "أوبن إيه آي" الناشئة في كاليفورنيا نهاية عام 2022، بعدا جديدا، مما ساهم في تسريع المناقشات.
وكشف هذا النظام -على غرار أنظمة أخرى قادرة على إنشاء الأصوات أو الصور أو النصوص- أمام عموم المستخدمين عن الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، لكن هذه التكنولوجيا تترافق أيضا مع مخاطر مختلفة، تشمل نشر صور زائفة تبدو واقعية للغاية، مما يثير مخاوف من الإمكانات الكبيرة للتلاعب بالرأي العام.
ورحب المفوض الأوروبي المسؤول عن هذا الملف تييري بريتون بالتشريع "التاريخي وغير المسبوق على مستوى العالم"، وقال: "لقد أثار قانون الذكاء الاصطناعي اهتماما كبيرا لأسباب محقة. اليوم وافقت الدول على الاتفاق السياسي الصادر في ديسمبر/كانون الأول، معترفة بالتوازن المثالي الذي وجده المفاوضون بين الابتكار والأمن".
وأبدت باريس وبرلين حرصا حتى النهاية على أن يحمي التشريع الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، حتى لا يمنع ظهور "أبطال أوروبيين" في هذا المجال في المستقبل. وقال دبلوماسيون لوكالة الأنباء الفرنسية إن المخاوف أُخذت في الاعتبار قبل وضع اللمسات النهائية على النص، وبذلك حصل البَلدان على توضيحات بشأن تطبيقه.
وأعرب وزير التكنولوجيا الرقمية الألماني فولكر فيسينغ عن سروره "لأننا حققنا تحسينات للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتجنبنا المتطلبات غير المتناسبة، وتمكنا من أن نضمن الحفاظ على القدرة التنافسية على المستوى الدولي".
واعتبر من جانبه وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن "هذا التشريع يتيح إمكان استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، مع أخذ المخاطر في الاعتبار. وفي تطبيقه سنؤكد على سهولة الابتكار والوضوح القانوني للشركات والحاجة إلى هياكل غير بيروقراطية".
غير أن أوساط عالم التكنولوجيا بدت أكثر حذرا، فقد قالت المسؤولة عن شؤون أوروبا في مجموعة الضغط "سي سي آي إيه" الناشطة في القطاع بونيفاس دو شامبري إن "الكثير من هذه القواعد الجديدة لا تزال غامضة ويمكن أن تبطئ تطوير التطبيقات المبتكرة ونشرها"، وحذرت من أن تنفيذ التشريع "بشكل جيد سيكون أمرا حاسما" حتى لا يفرض "عبئا" على القدرة التنافسية.
وقالت ماريان توردو بيتكر من جمعية "فرانس ديجيتال" الناشطة في القطاع الرقمي: إن التشريع "يُحدث التزامات كبيرة، على الرغم من بعض التعديلات على الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة"، وأعربت عن خشيتها من "حواجز تنظيمية إضافية ستفيد المنافسة الأميركية والصينية".
وفي ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ستُفرض قواعد على الجميع لضمان جودة البيانات المستخدمة في تطوير الخوارزميات والتحقق من أنها لا تنتهك تشريعات حقوق النشر، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وتفرض القواعد الأوروبية على المطورين التأكد من أن الأصوات والصور والنصوص المنتجة محددة بوضوح على أنها من نتاج الذكاء الاصطناعي، وستطبق قيود معززة على الأنظمة "عالية المخاطر" مرتبطة خصوصا بالبنى التحتية الحيوية والتعليم والموارد البشرية والحفاظ على النظام، إذ ستخضع لسلسلة من الالتزامات مثل توفير التحكم البشري في الآلة، أو التوثيق الفني للمؤسسة، أو تنفيذ المخاطر النظام الإداري.
وينص التشريع على إشراف محدد على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتفاعل مع البشر، مع واجب إعلام المستخدمين بذلك. وكالحال في القواعد الأوروبية الحالية بشأن سلامة المنتجات، يفرض النص ضوابط تعتمد في المقام الأول على الشركات. ويتضمن التشريع محظورات قليلة تتعلق بالتطبيقات المخالفة للقيم الأوروبية مثل تصنيف المواطنين، أو أنظمة المراقبة الجماعية المستخدمة في الصين، أو تحديد الهوية البيومترية عن بُعد للأشخاص في الأماكن العامة.
وفي ما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة، حصلت الدول على إعفاءات لبعض مهام إنفاذ القانون مثل مكافحة الإرهاب. وما زال يتعين على البرلمان الأوروبي أن يصادق بشكل نهائي على التسوية النهائية في الربيع والتي لم يعد من الممكن تعديلها، وستطبق قواعد معينة بعد ستة أشهر من اعتمادها، وبعد عامين بالنسبة للأحكام الأخرى.