05-02-2024 08:53 AM
سرايا - ما تزال الأكياس البلاستيكية السوداء تنتشر في محال تجارية بالأسواق المحلية، برغم منع وزارة البيئة تداولها وإنتاجها منذ أكثر من 8 أعوام.
ووفق النظام الصادر في الجريدة الرسمية في آذار (مارس) 2017، منعت بنوده إنتاج واستيراد وتداول الأكياس البلاستيكية السوداء، باستثناء المستخدمة لجمع النفايات، والأشتال الزراعية، كما منع استيراد وإنتاج وتداول أكياس التسوق البلاستيكية غير القابلة للتحلل.
وأرجعت الوزارة وغرفة صناعة الأردن هذا الانتشار لـ"وجود مصانع مجهولة الهوية، ما تزال تصنع هذه الأكياس البلاستيكية السوداء، وهو ما يحد من قدرتها على تطبيق النظام بالشكل المطلوب".
وتلقي غرفة تجارة الأردن "المسؤولية بالدرجة الأولى على المصانع التي تخضع لرغبة المواطنين بوجود مثل هذه الأكياس السوداء في محال التجزئة".
ولكن عدم قدرة الجهات المعنية على ضبط انتشار هذه الأكياس بحسب خبراء، يهدد "البيئة والمياه والثروة الحيوانية في الأردن، في ضوء أن هذه الأكياس تُصنع من البولي إيثيلين، وهي مادة مشتقة من تكرير النفط الخام ومعالجة الغاز الطبيعي".
يأتي ذلك في وقت تدرس فيه حالياً لجنة متخصصة شكلتها المؤسسة العامة للغذاء والدواء "وضع بنود لمواصفات تفصيلية للمواد المراد إعادة تدويرها، من بينها الأكياس البلاستيكية، وإن كانت آمنة للاستخدام في تعبأة المواد الغذائية وتغليفها"، وفق مديرها العام د. نزار مهيدات.
ولكن، وبحسب تأكيداته "لا يوجد لغاية هذه اللحظة أي توصية أو قرار بهذا الشأن، لكنها ستكون متوائمة مع الأنظمة والتعليمات والتشريعات المعمول بها حاليا، لضمان عدم تعارضها مع أي من بنودها".
ووفق الدراسات الدولية فإن "غالبية الأكياس البلاستيكية تُصنع من البولي إيثيلين، وهي مادة مشتقة من تكرير النفط الخام ومعالجة الغاز الطبيعي"، في وقت يتم "استخدام 12 مليون برميل من النفط كل عام لإنتاج أكياس البلاستيك".
وأشارت إلى أن "كمية النفط التي يتطلبها إنتاج كيس بلاستيكي واحد يمكن أن تقود سيارة 11 متراً (36 قدماً)، وهو بذلك يسهم كثيراً باستنزاف هذا المورد الثمين ويسبب ارتفاع أسعاره".
وينتهي الجزء الأكبر من الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل في مكبات النفايات، ما يؤدي لترشح مواد قد تكون سامة في التربة والمياه، وفق الخبيرة في نوعية المياه د. منى هندية.
وأشارت الى أن "باحثين حذروا من أن تلوث التربة بالبلاستيك المتناهي الصغر، يقدر بـ4 إلى 23 مرة من ذلك الذي يصيب البحار في العالم، نتيجة تلوثه بالمادة البلاستيكية نفسها".
وشددت على أن" تحلل جسيمات البلاستيك يكسبها خواص فيزيائية وكيميائية جديدة، ما يزيد من مخاطر تأثيراتها السامة على الكائنات الحية". كما أن "وجود المضافات كالفثالات وغيرها، والمعروفة بتأثيراتها الهرمونية، يمكنها تعطيل نظام الهرمون من الفقاريات واللافقاريات على حد سواء".
ولفتت إلى أن "التفاف أكياس البلاستيك حول الشعاب المرجانية، قد يحرمها من ضوء الشمس، ومن التيارات المائية المتجددة الداخلة والخارجة منها وإليها، والتي تحمل لها الغذاء والأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى تدهورها وموتها".
وأكدت "ضرورة أن تبذل الجهود في تقليل أنتاج واستعمال أكياس البلاستيك، وفرض ضريبة على هذه العملية، مع استمرارية توعية المواطنين بخطورة استخدامها، وإيجاد القوانين للحد من تداولها".
ونظراً لكونها خفيفة الوزن يتم انتزاع الأكياس البلاستيكية بسهولة بواسطة الرياح والسفر لمسافات طويلة عبر الرياح والمياه لتلويث الطبيعة.
وقد تسبب هذا في مشاكل كبيرة في بعض المناطق. على سبيل المثال تسد الأكياس البلاستيكية المهملة قنوات تصريف المياه والصرف الصحي والعبارات في بعض مناطق المملكة، مما تسبب بحدوث السيول، كما تشير إحداثيات وزارة الإدارة المحلية في تعاملها مع المنخفضات الجوية.
وتطال تأثيرات الأكياس البلاستيكية كذلك المواشي نتيجة تناثرها في أماكن الرعي، بحيث تتناولها الأغنام والماعز ما يتسبب في نفوق أعداد كبيرة منها، لكونها غير قابلة للهضم، وفق مدير عام اتحاد المزارعين، محمود العوران.
وهذه المشكلة، بحد قوله "ليست جديدة وإنما يعاني منها مربي الماشية في الأردن منذ أكثر من 15 عاماُ، ودون حلول لمواجهتها".
وتضاف هذه المعضلة لـ"مشكلات أخرى يعاني منها مربي الماشية من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وظهور الأوبئة"، بحسبه.
وشدد العوران على أن "هنالك حاجة ملحة لوجود تشريع يمنع استخدام الأكياس البلاستيكية في الأردن وبشكل نهائي، أو استبدالها بأخرى قابلة للتحلل، وصديقة للبيئة".
ولا يتفق عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن، وممثل قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية فيها م. علاء أبو خزنه "مع التوجهات الحكومية بمنع الأكياس البلاستيكية السوداء المصنعة من مواد معاد تدويرها، لكونها تخالف مفاهيم الاقتصاد الدائري العالمية".
وشدد على أن "غالبية المصانع في الأردن ملتزمة بالنظام الصادر عن وزارة البيئية رغم انعكاساته السلبية على هذه الفئة، من ناحية فقدان قدرتها على تسويق الأكياس البلاستيكية المصنعة وفقاً لما ورد في بنود النظام".
ويقدر عدد المصانع التي تنتج الأكياس البلاستيكية في الأردن ما بين الـ150 مصنعاً و170، فيما تُشغل 8 آلاف عامل غالبيتهم أردنيون، وفق إحصائيات غرفة صناعة الأردن.
ولفت إلى أن "الثقافة السائدة بين أفراد المجتمع المحلي تذهب باتجاه تفضيل الأكياس البلاستيكية السوداء لتعبئة المنتجات الغذائية، التي يتم شراؤها من المحال التجارية المختلفة".
ذلك الأمر، بحسبه "أدى إلى وجود مصانع غير مرخصة في الأردن تقوم بإنتاج مثل هذه الأكياس البلاستيكية السوداء لتلبية احتياجات المواطنين".
ولكن "ثمة بعض المصانع وبعد اخذ موافقة وزارة البيئة تنتج الأكياس البلاستيكية السوداء، ومن مواد معاد تدويرها وبنسبة 100 %، ولغايات تصدريها إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبناء على طلب قدم منها ومنذ عامين في هذا الشأن"، كما ذكر.
ولفت إلى أن "التوجه العالمي يذهب باتجاه استخدام الأكياس المصنعة من مواد معاد تدويرها، لكونها تقع ضمن إطار الاقتصاد الدائري".
وبين أن "بعض الدول وجدت أن استخدام بدائل البلاستيك سينتج عنه أضرار أكثر بكثير، مثل الأكياس المصنعة من الورق التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، الى جانب التكلفة العالية لتصنيعها".
ودعا أبو خزنه "الحكومة إلى إعادة النظر في الأنظمة والتعليمات المتعلقة باستخدام المواد المعاد تدويرها لتصنيع منتجات جديدة، ووضع إعفاءات خاصة لها، لتشجيع المصنعين على استعمالها في صناعاتهم".
وعلى صعيد التزام المحال التجارية ببنود النظام أكد رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق على أن "هنالك بعض محلات التجزئة قد لا تكون ملتزمة بعدم استخدام الأكياس البلاستيكية السوداء".
ولكن، ومن وجهة نظره فإن "المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على المصانع في الأردن من ناحية إنتاج الأكياس البلاستيكية السوداء، بحيث أن توفرها يدفع بالتجار لاستخدامها في تعبأة المنتجات الغذائية المختلفة التي يبتاعها المواطنين".
وأيد توفيق "مسألة تفضيل المواطنين لاستخدام الأكياس السوداء في التسوق ما يحكم قضية تصنيعها من عدمه".
ولكن أكد على أن "المحلات التجارية الكبيرة اتجهت نحو استخدام الأكياس البلاستيكية الصديقة للبيئة، وخاصة الورقية، والذي يعد خطوة متقدمة، إذ أصبح العديد من المواطنين يقبلون على استعمالها".
وأعرب عن أمله في أن "يتم التشديد على المصانع بعدم إنتاج هذه الأكياس المضرة بالبيئة، رغم أن انتشارها أصبح شبه معدوم، في ظل الحملات التوعوية المكثفة التي شاركت فيها الغرفة مع وزارة البيئة".
لكنه دعا الى "استمرار تنفيذ هذه الحملات التوعوية وصولاُ الى تحقيق الهدف بمنع وجود الأكياس البلاستيكية السوداء، وبصورة نهائية في المملكة".
ورغم أن وزارة البيئة ضبطت ثمانية أطنان من الأكياس المخالفة العام الماضي، لكنها تؤكد وعلى لسان مساعد الأمين العام للشؤون الفنية فيها د. جهاد السواعير على "ارتطام تطبيق النظام بجملة من التحديات تتمثل في وجود عدد كبير من المصانع غير محددة الهوية لوزارة الصناعة والتجارة والتموين وغرف الصناعة، والتي تعمل على توريد أو إنتاج الأكياس المخالفة لأحكام هذا النظام للأسواق المحلية الكبرى".
يأتي ذلك في وقت " تقوم فيه وزارة البيئة بعمل جولات تفتيشية كل شهرين على المصانع والمحلات التجارية الكبرى، لمراقبة كمية وجودة الأكياس ومطابقتها لأحكام هذا النظام، بحيث ترسل المخالفة منها بعد ضبطها الى مركز معالجة النفايات الخطرة في سواقة"، بحسبه.
الغد