05-02-2024 09:07 AM
بقلم : سهير بشناق
يقولون إن العمر لا يقاس بالأعوام بقدر ما يكون بروح الإنسان وكيف يرى الحياة.. تلك حقيقة نؤمن بها.. ولكننا لا نحياها في المجتمعات العربية.
تلك الأفكار التي نسقطها على كل امرأة أو رجل بعمر الخمسينات أو منتصف العمر كما بطلقون عليه.. لا نراهم إلا من خلال سنوات أعمارهم التي تفرض عليهم حياة هي أقرب إلى الانتهاء والمحاطة بـ «العيب» و"لا تتناسب مع أعماركم"وكأن هذا العمر بداية التوقف عن الحياة.
فلا يقدمون على العيش تفاصيل الحياة التي تحتاج فقط لروح جميلة لا تزال تحب أن تحيا كما تريد.. لا تعترف بالسنوات ما دام في قلبها القدرة على الحياة.. لا تحاول أن تقترب من عجز روحها كي تتمكن من أن تحيا ولو بشغف الانتظار.
الأعوام لها وله مجرد أرقام لا تعني شيئاً ما داموا قادرين على مواجهة «العجز» وتحدي السنوات بأرواح لا تستسبق النهايات قبل أوانها لأنها تدرك جيداً أن النهايات تبدأ حقاً بملل الأيام وروتين المشاعر واعتياد الوحدة.. وتقبل أن الحياة باتت لا معنى لها.
بالمجتمعات العربية لا يطلقون الحرية لسنوات الإنسان بل يقيدونها كما يريدون ويغتالون رغبة الإنسان بمنتصف العمر بأن يحيا بروح من لا يزال بمقتبل العمر..
هم لا يمنحون الآخرين الدعم النفسي لكي يحيا كما يريد.. بل يحاولون دوماً إعادة فكرة العمر عليه مراراً وتكراراً ليذكرونه بأن سنوات عمر الإنسان هي التي تحدد كيف يحيا.. لا كيف يرى هو الحياة وبأي روح يريد أن يحياها.
بالمجتمعات العربية «نُحرم» على من وصل لمنتصف العمر أو تجاوزها الحياة.. وننكر عليه حقه باختيار نمط الحياة التي يريد والبحث عن السعادة كما يراها هو لا كما تريدها الأعوام ويريدونها هم.
كل إنسان يتذكر عمره تماماً ويدرك معنى السنوات وتخزن ذاكرته كل لحظات الماضي التي تجلب له أمنيات بأن يعود العمر ليستعيد لحظات السعادة والطفولة والشباب.. لكنه لا يتمنى أبداً أن تكبر روحه وتصبح الحياة له انتظار النهايات.. فالنهايات لا تعني بالمطلق رحيل الإنسان بقدر ما تكون بفقدانه الرغبة بالحياة وإغلاق باب قلبه وروحه وخيباته المتكررة ممن يحب.. وشعوره بالوحدة والخذلان.
تلك هي فقط اللحظات التي يكبر بها الإنسان.. أما سنوات العمر ليست سوى أرقام نعيدها عاماً تلو الآخر لا يتوقف أمامها ويعترف بها ويقيد الإنسان من خلالها سوى من لا يفهم الأيام جيداً ومن كبرت روحه حقاً دون أن يعلم ذلك.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-02-2024 09:07 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |