05-02-2024 09:29 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
من أجل ألا نحيد عن البوصلة يجب أن نتذكر جيدا أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع الآخذ في التشتت نتيجة تعدد المواجهات التي يتسع نطاقها في المنطقة ، والتي تبدو مرتبطة بما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة ، ومن اعتداءات في أنحاء الضفة الغربية ، ولكنها في الحقيقة مواجهات ترتبط بصراعات أخرى غير تلك القضية بصورة مباشرة !
منذ الأحداث التي وقعت يوم السابع من شهر أكتوبر الماضي وضع الإعلام الغربي خطة للتركيز على سؤال واحد مكرر (هل تدين حماس ؟) وبغض النظر عن الإجابة فقد كان الهدف إعطاء الحق لإسرائيل كي ترتكب جرائمها تحت إدعاء الدفاع عن النفس ، وجرت محاولات مدروسة للمحافظة على هذا العنوان (حماس وإسرائيل) لمنع التركيز على جوهر الصراع المتمثل في الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه ، بعاصمتها القدس الشريف .
على مدى أربعة أشهر من القتل والتدمير في أقبح مذبحة يشهدها عصرنا الحاضر ، امتدت المواجهة إلى جنوب لبنان والبحر الأحمر ، وسوريا والعراق ، ولكن ضمن ما يعرف بقواعد الاشتباك ، أي صدامات مسلحة محدودة الهدف والنطاق ، وتحت عنوان اوقفوا العدوان على غزة ليتوقف كل شيء !
ليلة السبت الماضي شنت أميركا غارات على مواقع في العراق وسوريا واليمن دفعة واحدة وذلك على إثر العملية التي استهدفت قوات أميركية عند نقطة تماس بين الحدود الأردنية العراقية السورية ، إلى جانب مواصلة ضرب مواقع الحوثيين على خلفية استهداف السفن في البحرين العربي والأحمر ، والجميع يقولون إنهم لا يرغبون بحرب إقليمية ، أي أن الأمر يخضع للتفاهم عند نقطة محددة ، وإن لم يكن كذلك فالحسابات حتما ستتغير وتتبدل ، وترجع القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى مربع من بين مربعات كثيرة أخرى !
ذلك ما كان الأردن يسعى دائما إليه التركيز على جوهر الصراع ، وذلك هو المبدأ الذي ظل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يتمسك به وقبل أن تتفجر كل هذه التطورات الخطيرة في قطاع غزة والضفة الغربية بعدة سنوات ، وحين كان يحذر من على منبر الأمم المتحدة ، وفي جميع المؤتمرات والمحادثات من أن إنكار حقوق الشعب الفلسطيني ، والاعتداء المتواصل عليه يمكن أن يوسع الصراعات في هذه المنطقة ، وذلك انطلاقا من فهم الأردن لطبيعة التناقضات الناجمة عن الاختلال في التوازنات الإقليمية ، وارتباطها المباشر بالتوازنات الدولية ، الأمر الذي سيجعل الحديث عن تسوية القضية الفلسطينية ضمن الحديث عن تسوية الصراعات الإقليمية ، وربما على حسابها .
غني عن القول مدى ارتباط الأردن بقضية الشعب الفلسطيني ، والمبدأ الواضح بأن إقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين هو مصلحة أردنية عليا ، وأن الدفع في اتجاه استثمار التوجه الذي يتصاعد عالميا لمنح الشعب الفلسطيني دولته من خلال حل الدولتين أمر ضروري وحاسم بالنسبة للجوهر، ولكي يأخذ مسار (ما بعد غزة) إلى القضية المركزية وليس إلى أي مكان آخر .
من الضروري أن تبقى تلك المعركة في إطار النضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال والدولة المستقلة ، ونحن نعرف أن ذلك هو التحدي المصيري الذي يواجهه الاحتلال الإسرائيلي ، وبغض النظر عن كل هذه الارتدادات الإقليمية المتوقعة فإن أولى الناس في فهم الحقائق والتعامل معها بجدية وإخلاص هم الأردنيون والفلسطينيون ، لأنهم يعيشون هذه القضية مثلما لا يعيشها أحد سواهم !
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-02-2024 09:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |