06-02-2024 08:21 AM
بقلم : أ.د. اخليف الطراونة
في تعريف الأخلاق هي منظومة القيم التي يرى فيها الناس مجلبة للخير وطرداً للشر، وهي عنوان الشعوب وأساس الحضارة؛ حثت عليها جميع الأديان السماوية، ونادى بها الأنبياء والرُسل أجمعون.
وتاريخنا العربي والإسلامي حافلٌ بالدعوة لفضائل الأخلاق؛ ففي التنزيل «وإنك لعلى خُلقٍ عظيم».
وقول قدوتنا الحقيقية في الأخلاق نبينا محمد–عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقوله: «وخالق الناس بخلق حسن».
والأردن البلد العربي الإسلامي الهاشمي الأمين، كان على الدوام يفخر ويعتز بأخلاق مجتمعه، دين الدولة فيه الإسلام، كان المخلصون فيه من أبنائه: مُفكرين ودعاة يتصدون دوماً لكل ما يسيء للدين وقيم المجتمع، ويحرصون على صيانة «أخلاق المجتمع» وتزيينه بالقيم الفضلى والسامية، ويُحاربون أي قيم منبوذة أو دخيلة او مُنافية لكل خُلق حَسن.
ولطالما كنا نُحذر دوماً من بوادر لانهيار منظومة قيم الخير والفضيلة في مجتمعنا.
وكنا نقول باستمرار إن المهمات الملقاة على عاتقنا: أسراً؛ ودور عبادة ؛ ومدارس؛ وجامعات؛ ومؤسسات وطنية؛ ووسائل إعلام؛ هي مهمات جَسيمة في تربية وتنشئة جيل واعٍ مثقف معتز بدينه وتاريخه الحضاري والإنساني وبفضائل أخلاقه والدعوة لها.
وكنا ننادي، وما زلنا، بالتصدي للأفعال المشينة في مجتمعنا التي لا يقرها دين أو عرف أو شريعة أو خُلق.
فنحن نعيش الآن، بكل أسف، في زمن تردّت فيه بعض الأخلاقيات أو تراجعت عند البعض، سواء في السلوكيات اليومية أو أخلاقيات العمل أو الوظيفة أو حتى في القيم و المبادئ أو حتى في المعاملة مع أقرب الناس. لقد أصبحنا اليوم بأمس الحاجة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه من أخلاقياتنا، وربما نحتاج لـ» ميثاق شرف"عاجل يلتزم به الجميع، لأن أخلاقياتنا ببساطة هي أحد مظاهر الضبط والأمن الاجتماعي لدينا؛ ولأننا بتنا نلمس، وبوضوح، ما يلي:
1. سلوكيات البعض أصبحت لا تُمثّل شَرقيّتنا، ولا تعكس حتى حضارتنا أو موروثنا الأصيل أو بيئتنا بحجّة المعاصرة، لدرجة أن بعض المجتمعات المخمليّة تناست لغتنا وهويتنا وقيمنا، فهنالك فرق كبير بين الانسلاخ عن أصالتنا من جهة والمواءمة بين الأصالة والمعاصرة من جهة أخرى.
2. أخلاقيات العمل تتراجع لدرجة أن البعض لم يعد «مخلصاً» في عمله بل بات يمتلك «كل أساليب التحايل» في عمله، ويعمل على نظرية المفكرة التربوية مادلين هنتر: «تستطيع أن تُحضر الحصان للنهر لكنك لا تستطيع أن تُجبره على شُرب الماء»، بمعنى أنه يحضر لراتبه دون عطاء يذكر.
3. أصبحت- إلى حد ما -آداب وقيم وقواعد وضوابط الأخلاقيات بين أصحاب المهنة الواحدة دون معايير أو مرجعيات، فكلّ يغنّي على ليلاه.
4. النصيحة لم تعُد تُسمع هذه الأيام وإن كانت من القلب، وأصبح كل شخص يخال نفسه على صواب، وحتى النصيحة التي تُزجى للناس وللأحبّة بالسرّ لا أثر لها، وربما نصائح العلن التي تُستخدم للشماتة هي الأفضل! فتحوّلت النصيحة لفضيحة!
5. أخلاقيات الحوار والمهنة والعِلم والوظيفة والبحث العلمي والتدريس والتعامل والضمير والتربية والتواصل وغيرها وأدبياتها لم تعُد موجودة أيضاً عند البعض، لدرجة أن بعض الناس بات لا يُفرّق بين الصراحة والبذاءة بالرغم من الخيط الرفيع الذي يفصل بينهما!
ويتناسى بعضنا أن الدين الخُلق والمعاملة، فالإيمان يقتضي معاملة الناس بالحُسنى والخُلق الحَسَن. وأن الأخلاق مرتبطة بالأفعال، وأنها أساس صلاح المجتمع.
بصراحة: لكل شيء أخلاقيات؛ فهي الإطار المهم لضبط السلوكيات الحَسنة، وهي الضمير الحي الذي يضبط القانون وتطبيقه، وهي رأس المال الحقيقي لسمعة الإنسان،
إن كل واحد منا مدعو في هذه الأيام الفضيلة أن يعرض عن اللغو والنميمة، وأكل لحوم البشر من خلال الإشاعة أو الترويج لها أو من خلال إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
وأن يكون كل واحد منا «سارقاً للقلوب» بعطفه، وبأخلاقياته، وبتواضعه، وبإحساسه واحترامه للآخرين..
فـحتماً سارق القلوب هذا لا تقطع يده.
وهلاّ بادرنا بتصويب السلبيات وتعزيز الإيجابيات؟ هذا ما نرجوه ونتطلع إليه بأمل ورجاء.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-02-2024 08:21 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |