حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11421

لم تَعزِف القيان للأمريكان

لم تَعزِف القيان للأمريكان

لم تَعزِف القيان للأمريكان

07-02-2024 12:21 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لا ضَيْر ، ولا اظن ان ينزعج القارئ من التذكير بما قاله زعيم قريش يوم ان ارسل ابو سفيان الخبر الى زعماء مكة بان القافلة قد نجت فلا داعي للخروج نجدة لها طالباً منهم العودة ، فما كان من ذاك الزعيم الا ان قال " والله لا نرجع حتى نَرِد بدراً، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً " .

ما أشبه اليوم بالبارحه ، فلا فرق بين زعيم امريكا اليوم وزعيم قريش انذاك فكلاهما أخذتهم الحَمِيَّة مع فرق جوهري في اهداف هذه الحَمِيَّة، فذاك ذهب راكبا بعيره مختالاً يتوعد ويتهدد ويزبِد ويرعِد وقال فيما قال انه سينحر الجزور ويطعم الطعام ويشرب الخمر ويسقيه وتعزف له القيان ، واذا أمعنتَ النظر فيما ورد على لسانه من أقوال تجد انها بالمُجمَل مأكل ومشرب وطرب وغناء ووناسه ،
اما هذا الزعيم فقد جاء على عجل وقد أخذته الحَمِيَّة راكباً طائرته ترافقه بوارجه وصواريخه وغواصاته متوعدا ومهددا ومزبدا ومرعدا نفس ذاك الزعيم مع الاختلاف في اهداف المجيء، فهذا الزعيم جاء بكل ادوات الدمار والخراب ، جاء ليمنع الطعام والشراب
جاء ليمنع عن المرضى الدواء ، جاء ليدمر المدارس والمشافي والجامعات ، جاء ليقتل الاباء والامهات والأطفال ، جاء ليمنع صوت الفرح ويشيع في الناس الذعر والرعب باصوات المدافع والقنابل وصوت الرصاص ، جاء ليجعل الارض خراب .

واجتمع الزعيمان في واحدة من اهدافهم الا وهي اثبات الوجود وترسيخ الزعامة والسيطرة والسيادة
فذاك اراد ان يسمع العرب بما فعله او اراد فعله ليُبقِي المهابة في صدور العرب من مكة وزعاماتها
وهذا اراد ان يثبت للعالم بأنه ما زال سيد العالم وشُرطيه وانه ما زال يمتلك القدرة على ان تكون له كلمة الفصل ، وهذا مُوَجَّه بالدرجة الأولى ربما الى حلفائه كرسائل طمئنه ثم الى من يرى فيه العدو القادم من بعيد وهي الصين التي يعتقدون انها تضم روسيا تحت جناحها ثانيا .

ذاك الزعيم حدد مدة البقاء في المكان الذي اراده ساحة يقيم عليها ذلك المهرجان بثلاثة ايام ثم يعود الى مكة منتصرا منتشياً وقد أقام فيها كل ما وعد به من احتفالات ، ولكنه لم يكن يعلم بأن الطغيان والجبروت انما هي بداية النهايات ،
فكان له ما اراد ، فلم يسمع بمقتله العرب وحدهم بل سمعه العرب والروم والعجم .

لقد كانت فزعة وهبَّة ذاك الزعيم وكان خروجه الذي تسبب باعظم تحول عرفه التاريخ والى الابد ربما كان مبرراً ، فالقافلة لقريش وما تحمله القافلة من بضاعة هي من حُرِّ اموال قريش بمن فيهم من اسلم وخرج مهاجراً او من بقي منهم على دين آبائه فهي أموال لأبناء العمومة والخؤولة وللاخوة والابناء والاحفاد ، والزعامة مكلفة عُرفاً وحُكماً بحمايتها ،
الزعامة اصيلة ومتأصلة بمكة منذ بداية التاريخ فلم يكن ذاك الزعيم مصطنعا او دخيلاً او ذا عهد جديد بالزعامه ، لم يكن في سباق انتخابي للبقاء زعيما كما انه لم يكن يُنَفِّذُ اوامر الدولة العميقة في اين يتحرك واين يقف وماذا يفعل ، فمكة هي ذاتها الدولة العميقة ، وذاك الزعيم الذي اقصده وهو ابو جهل هو احد كبراء سادتها فكان لزاماً عليه ان يفعل كل ما من شانه ان يُقَوِّي مكة وشوكتها وهذا منطق لا اعتقد ان يختلف فيه احد اذا ما تحدثنا بالواقع الذي كانت تعيشه العرب بعيداً عن الدخول في موضوع الدين ،
وخلاصة القول ان ما فعله ذاك الزعيم كان انتصاراً له ولقومه ، فما بال هذا الزعيم!! لِمَن كانت غَضبَته ؟

ثم مرة اخرى التقت اهداف الزعيمين البائد والحي في هدف مشترك وهو الهيبة ، لم يكن يعلم ايضاً ان الحكمة هي دِرعُ الهيبة ، فلم يكن خروجه بعد نجاة القافلة من الحكمة في شيء ، بل كان خروج كبريا واستعلاء وخروج مليء بالامنيات وكلها كانت على ضلال فاطاحت به وبكبار قومه واضاعت هيبته وهيبة الزمرة من زعامة مكة الغلاظ الشداد ،
وكم هي الامنيات الجامحات قاتلات ،
وما اشدّ الشبه في بعض الزعامات !!
يوسف رجا الرفاعي








طباعة
  • المشاهدات: 11421
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
07-02-2024 12:21 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم