12-02-2024 11:53 AM
بقلم : فايز الفايز
«الكروسياسية» لا تبتعد كثيراً عن مفهوم أنا أريد وأنت تريد، لأن كرة القدّم باتت تعلو علواً فاحشاً ومورداً مالياً لا قبِل للعديد من الدول ومنها الأردن، وصارت تجتذب لاعبين مميزين تُنفق الأندية العالمية عليهم مليارات الدولارات، وهذا بالطبع يُحيلنا إلى سوق المضاربات والرهانات التي تدخل بباب الربا، ولكن هذا زمن لم يعد فيه من خجّل فالمال أصّبح هو المقياس، كما نراه في الأندية الأوروبية والعالمية بشكل عام، ومع ذلك يبرز الأردن على شح موارده المالية ليُصّدر أغلى ما يملك من شبابنا ذوي الكفاءة العالية في جميع المجالات من العاملين في دول أشقائنا في الخليج العربي وأمريكا وأوروبا.
وبعيداً عما حدث في مباراة الفريقين الأردني والقطري من تجاذبات خارج إطار اللعب، فقد تناول العديد من المعلقيّن ملاحظاتهم على مجريات المباراة، وربطوها بأبعد من ذلك كي يدخلوا السياسة بالرياضة، علماً أن ليس هناك أي رابط سياسي يرتكزون عليه، فالفريق الأردني قدمّ لعبّا نظيفاً ونزاهة عالية، قابل بها الفريق القطرّي بحرفيّة، رغم ما جرى من أحداث لم تكن مفهومة، و مع ذلك كسب الفريقان نهائي المونديال واستمتعت الجماهير تحت ضغط الأدرنالين، وفي النهاية فقد فاز الجميع بكأس آسيا عربياً.
ما أرّيد قوله، أن هذا البلد يعطي أنموذجاً للشباب الأردني، وأينما تراه أو تسمع عنه فإنك تأخذ التغذية الراجعة عنهم بالتصّفيق لهم و علو همتهم وشغفهم بكافة الأعمال التي يتصدون لها، وكثيراً ما سمعت من الأشقاء في دول الخليج أن الأردني منبته طيب وهو على السليقة يتعامل بكل نخوة ويقدم أفضل ما عنده، والأكثر من ذلك أنهم يقدمون بلدهم أمام الجميع وفي كل الدول، رافعين رؤوسهم بالأغلبية، وهذا ما يحتم علينا أن نخلق جيلاً عملاقاً متسلحاً بالعِلم وأدوات العمّل و التأهيل الكفؤ والخبرات غير المتناهية في شتى صنوف الأعمال.
اليوم نرّى كيف بدأت الحلقّة تضّيق مالياً ووظيفياً، وإحلال عمالة خارجّية بدل العمّالة الأردنيّة، وهناك عشرات الآلاف ممن ينتظرون دورّهم للتعييّن الحكوميّ، مع أن الإدارّة العامّة لم تعد قادرة على استيعاب كل تلك الأفواج التي تتخرّج من الجامّعات والكلياّت، حتى باتّ وبّاء البطالّة يُقعد الشبّاب ويترّكهم على قوارّع المقّاهي ونفث دخّان الأراجّيل، ويذهب بهم العمّر.
من هذه التجربّة الرياضيّة والفوّز بمركز الوصّيف لأول مرّة في تاريخ الكرّة الأردنيّة، على وزرّاء العّمل و التخطيّط والشبّاب وبقية الوزارّات أن تقوم فوراً بزيارات خارّجية تستهدف فيها تسوّيق الشباب الطمَوح وتقدمّ لهم المساعدة في إيجاد الوظائف، لا أن تتُرك لشركات توظيّف قد تستغلهم، وعليهم أيضاً الترويج للمنتج الأردني المكافح، وفوق هذا أن تهتم بهم السفارات الأردنية المترامية في جميع دولنا العربية والعالمية، وهذا من شأنه إعادة النشاط الماليّ، حيث نرى احصائيات البنك المركزي تكشف عن حولات مالية تقفز في سنين ماضية قرابة الخمسة مليارات، ولكنها تراجعت اليوم لأسباب متعددة.
ليس لي في كرة القدم شأن، ولكن عندما نرى لاعبي منتخبنا وهم يحصدون التصفيق من جميع دول العالم ممن حضروا أو شاهدوا المباراة النهائية، فهذا مؤشرّ أن شبابنا ومهاراتنا وعنفواننا لا يمكن إلا أن يكون على قدر المسؤولية، و بصراحة أنا رأيت خلال عام مضى الكم الهائل من الشباب المتعطلين، والآباء الذين يطلبون وظائف في أي مكان ودون تحرّج، طلباً لتدبير مصروفهم أو تزويجهم أو رعاية أسرهم، و علينا جميعاً أن نثقّ بقدرّة الأردني الوطنيّ ودعمّه ورّعايته لا أن نركَب ظهّره لمكاسب شخصية في سوق الانتهاز لغايات مكشّوفة.
Royal430@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-02-2024 11:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |