حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,8 سبتمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 5652

«حيلف يلف ويرجعلي»

«حيلف يلف ويرجعلي»

«حيلف يلف ويرجعلي»

13-02-2024 10:12 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سارة طالب السهيل
تابعت بوسائل الإعلام خبرا يتناول اجراء احدى الجامعات امتحان للطلاب عن أغاني المطربتين أليسا ونانسي عجرم، في البداية أخذتني الدهشة من اختيار الجامعة لهما، ولكني سرعان ما تداركت أن كلا المطربتين لديهن من سنوات الغناء ما يتجاوز العشرين عاما يعني جيلين، وأن بعض أغاني اليسا تعبر عن حالات واقعية رغم اختلاف الرأي العام ما بين مستنكر ومتقبل وسط هذا الجدل لمعت في ذاكرتي احدى أغنيات اليسا والتي تقول في جزء منها (حيلف يلف و يرجعلي) فهل اللف والدوران سنة كونية؟سنة الله في خلقه أم ماذا؟

وتخيلت أنه بكل لفة من لفات الارض او دورة من دورانها فهي تعود إلى حيث كانت

وكذلك دورة حياة الانسان و الحيوآن و النبات

ولكن كان تركيزي في مسألة عودة الناس إلى الطبيعة بعد ان استهلكوا انفسهم بكل ما هو ضار و كيماوي و مصنوع اصبحوا يبحثون عن سلال القش و البندورة العضوية وبدائل الادوية من الاعشاب والعطارة.

هل فعلا احتاجت الناس دورة من الزمان لتقتنع أنه كان يجب عليها أن تعود سريعا لا بل أن لا تذهب في تجارب تهدر الوقت والمال و الجهد والصحة بل وتلوث البيئة و الهواء والطعام وتعطل الارض عن مسارها الطبيعي وتغير المناخ وتشح المياه وتكثر الامراض والسرطانات.

إنها فعلا دورة مكلفة وباهظة الثمن

وهي تماما كمن يخطئ بحقك ويعود حاملا بين أنيابه الندم ربما لا تسامح و لا تصالح فالذنب اقوى و انت اضعف من ان تنسى

فلا يغفر الذنوب إلا الله. فهل تسامح الارض وهل تصفح السماء وهل تعود على ما كانت عليه سابقا، ام سنعيش الدمار و الخراب المتزايد و المتراكم إلى مالا نهاية.

مشكلتي مع «اللفة» وليس مع العودة

فلماذا تكلف نفسك لفة ودوران وتكلف كرامتك ذل الاعتذار وتكلف الآخرين عبء الصلح والغفران بعد الانهيار.

من هنا نستنتج انه ليس كل التجارب مفيدة فبعض الحكمة تقر بأن السلامه احيانا تكمن في عدم الخوض في تجارب خاطئة مذموم عقباها.

وبالعودة إلى فكرة العودة تأملت المعنى ومدى تحققه على أرض الواقع، وجدت أنه بالفعل، الناس بدأت تحن إلى ماضيها رغم إغراقها في زمن الفضاء الافتراضي الإلكتروني، فتحن للقاء الصحبة تحت شجرة في الأرياف بعيدا عن صخب المدن، والهروب الى الشواطئ لاصطياد الاسماك في أوقات الإجازات، وإعداد أفران بلدية من الطين لطهي الطعام في المناطق الزراعية أو الصحراوية، والبحث عن أصدقاء الطفولة واصطيادهم عبر «الفيسبوك» لاستعادة الزمن الماضي ولتبادل الذكريات المشتركة.

البعض الآخر يستدعي وجبة غذائية من ذاكرة الجدة لإعدادها بنفس الطريقة القديمة، رغم مغريات الوجبات السريعة وبريقها وعناصر جذبها.

والكثير من الشعوب عادت للتداوي بالأعشاب بعد استفحال خطورة العلاج الكيماوي الحديث، كما عادت بعض الشعوب لوضع الماء في الأواني الفخارية والطهي عليها، وانتشرت الزراعة العضوية بعيدا عن الكيماويات التي تسببت في انتشار السرطانات المختلفة، وكذلك الحال الى الملابس والدقة في اختيار الملابس المصنوعة من العناصر الطبيعية كالأقطان والحرائر الطبيعية والاصواف، وتهميش المنسوجات المصنوعة من البوليستر.

الطريف أن «اليوتيوب» مليء بالعديد من القنوات في دول الشرق والغرب التي تتفنن في تقديم إعداد طعام الجدات والطهي وطرقهم المتوارثة في تجهيزها، وهكذا بدأ العالم في احياء ماضية، بعد ان اكتشف خسارتها من تجاهل هذا الماضي ونسيانه لعقود من الزمن، فعاد إلى الطبيعة نادما على كل المراحل التي غفل بها عن موروثه الانساني الطبيعي والذي أثبت نجاحه في حياة أسلافهم.

ومورثاتنا الشعبية حبلى بالعديد من الحكم التي هي خلاصة تجارب الأجيال المتعاقبة ومنها من (فات قديمه تاه)، وغيرها الكثير من هذه الامثولات تعكس خبرات عميقة في الحياة ومن يستمع إليها ويصدقها ويهضمها بعقله ينجو من مخاطر عديدة في الحياة يدفع الانسان ثمنها غاليا من ماله وصحته وشبابه وراحته النفسية.

أتمنى، ونحن نعيش في زمن تعدد مخاطره يوميا وتهلك الانسان في عمره وعافيته وعمله وقوت يومه، أن يستفيد منذ بداية طريقه من خبرات السابقين عليه، وان يستمع لآراء الخبراء والمفكرين دون الاغترار بالتحديث اليومي لمفردات يومية من علوم تكنولوجية وتقنيات وأساليب حياة مادية يلهث فيها وراء كل جديد.

فالتحديث اليومي لمعطيات حياتنا المعاصر قد يكون مفيدا في بعض جوانب الحياة، لكن معظمه أكثر ضررا وفتكا بإنسان هذا العصر، ومن الذكاء ان نستفيد من الخبرات لنختصر إضاعة الوقت والعمر والجهد فيما لا طائل من ورائه سوى الخسائر الفادحة فالتجارب فيها خسائر كبيرة في الأثر وقد لا تكون الخسائر فردية وانما يمتد تأثيرها على الأسرة والمجتمع سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.

الشاب المراهق كثيرا ما يجد النصائح من الأبوين والأسرة الكبيرة لتجنب أصدقاء السوء خاصة ممن يتعاطون المخدرات وتتوالى نصائح الأطباء في الفضائيات والمدارس عن كوارث تعاطي المخدرات، ولكن الشباب يرفضون الاستفادة من هذه الخبرات ويصرون على التجربة فيقعون في براثن الإدمان، وبعد أن تضيع حياتهم يلفون ويرجعون إلى ذويهم طالبين النجدة والخلاص.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 5652
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-02-2024 10:12 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم