حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6973

دمج (إسرائيل) بالمنطقة العربيّة!

دمج (إسرائيل) بالمنطقة العربيّة!

دمج (إسرائيل) بالمنطقة العربيّة!

14-02-2024 08:33 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. صلاح جرّار
منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأوّل ونحن نسمع على ألسنة الساسة الأميركان وعلى رأسهم جو بايدن وجون كيربي وأنتوني بلينكن ما يطلقون عليه دمج إسرائيل في المنطقة العربيّة بوصف ذلك الحلّ الذي يجلب السلام والأمن إلى المنطقة وللإسرائيليين أيضاً.

ولهذه العبارة التي تتردد على ألسنة هؤلاء الساسة معانٍ ودلالات لا أدري إن كان هؤلاء الساسة يدركونها، أهمّها أنّ مصطلح الدمج في مجتمع ما يعني أنّ ينخرط من يختلف عن هذا المجتمع في أمرٍ أساسيّ أو أكثر في هذا المجتمع، وهو اعترافٌ أميركي صريح أنّ الإسرائيليين هم عنصر يختلف عن المجتمع العربي وأنّهم ليسوا ممن ينتمون إلى هذا المجتمع لا عرقياً ولا ثقافياً ولا لوناً ولا عقيدة وفكراً ولا لغة ولا عادات ولا تقاليد ولا غير ذلك.

ومن دلالات هذا المطلب الأميركي أن الإسرائيليين لم ينجحوا خلال ما يزيد على خمسةٍ وسبعين عاماً في الاندماج في المنطقة العربيّة، بسبب عمق اختلافهم عن هذه المنطقة، وبسبب تعميق هذا الاختلاف نتيجة الجرائم التي اقترفها ويقترفها الإسرائيليون ضدّ أهالي فلسطين من أقصاها إلى أقصاها، ونتيجة الحروب التي شنتها على بلدان عربيّة كثيرة مثل الأردن ومصر وسوريا ولبنان، ونتيجة الروح الشرّيرة التي تسكن هذا العنصر الطارئ على المنطقة العربيّة.

إنّ مطلب الساسة الأميركيين هذا يفتقر إلى أدنى أساس من المنطق والرؤية السياسية الناضجة، لاستحالة تحقيق هذا الدمج بين طارئ يجاهر بعداوته لأهل المنطقة التي يريد أن يتعايش مع أهلها، ولا يكتفي بالمجاهرة بالعداوة بل يترجم هذه العداوة إلى قتل وتدمير وتهجير وتشريد وتجويع وتعطيش، وكيف يمكن لهذا العدوّ أن يطمع في الاندماج مع مجتمع ينظر هذا العدوّ إلى أبنائه على أنهم «حيوانات»، ويرى نفسه أنه ينتمي إلى حضارة وأنّ هذا المجتمع غير متحضّر؟! وهل يرضى أبناء المنطقة العربيّة أن يستوعبوا عدوّاً ينظر إليهم على أنّهم «حيوانات»?وأنّهم بعيدون عن التحضّر؟!

وكيف يمكن للمنطقة العربيّة أن ترحّب باندماج هذا العدوّ معها وهو يعتبر نفسه فوق كلّ القوانين ويقتل ويصيب أكثر من مئة ألف غزّي في مجزرة متواصلة منذ أكثر من أربعة أشهر؟

إنّ مفهوم الدمج هو في الأصل مفهوم تربوي يقوم على إتاحة الفرصة للطلبة من ذوي الإعاقة أن يلتحقوا بالمدرسة الأقرب لمكان سكنهم ومع نظرائهم من الطلبة غير المعاقين وتمكينهم من القيام بأدوار مماثلة لأقرانهم من غير ذوي الاحتياجات الخاصّة.

إلاّ أنّ هذا المفهوم لا يسمح للشخص الذي يسعى للاندماج مع الأشخاص الآخرين أن يمارس الاستعلاء عليهم ويهدّدهم بالأسلحة الفتاكة ويستقوي عليهم بالدعم الذي يتلقاه من جهات عديدة ويبطش بهم كيفما شاء ومتى شاء، لأنّ مثل هذا الوصف لا يمكن تسميته بالدمج، بل هو احتلال وطغيان وعدوان لا يقبل به أحدٌ على وجه الأرض.

إنّ الدمج في مثل الحالة الإسرائيلية هو أمرٌ مستحيل وغير قابلٍ للتطبيق على الإطلاق، ولا بدّ لكلّ من ينادون بدمج الإسرائيليين في المنطقة العربيّة- كما يقولون- أن يتأكدوا أوّلاً من تقليم مخالب هذا العدوّ الطارئ تقليماً تاماً ونزع كلّ أسلحته وتجريده من كلّ سلطة أو مسؤولية، وأنّ تجري محاسبته على كلّ قطرة دم تسبّب في إراقتها، وعلى كلّ دمعةٍ ذرفتها عين عربيّة منذ أكثر من خمسة وسبعين عاماً، وعلى كلّ ذرّة رمل ألحق بها ضرراً.

وإذا استحال تنفيذ هذه الشروط فإنّ الأولى بمن ينادون بدمج (إسرائيل) في المنطقة العربيّة أن يستضيفوا هؤلاء القتلة ويدمجوهم في مجتمعاتهم، فهم أقرب الناس إليهم ثقافياً وفكريّاً وعقيدة وأخلاقاً وسلوكاً.

وأخيراً لنا أن نتساءل كيف يمكن لمن يمارس الفصل العنصري بأبشع صوره وينادي بها جهاراً نهاراً أن يطالب بالدمج في المجتمع الذي يمارس عليه الفصل العنصري البغيض؟.

Salahjarrar@hotmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 6973
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-02-2024 08:33 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم