حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15094

رؤية نقدية بعين د. مرام أبو النادي لرواية السماء وهو للكاتبة رانيا زريقات

رؤية نقدية بعين د. مرام أبو النادي لرواية السماء وهو للكاتبة رانيا زريقات

رؤية نقدية بعين د. مرام أبو النادي لرواية السماء وهو للكاتبة رانيا زريقات

14-02-2024 11:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. مرام أبو النادي
بدأت الرواية بسؤال وختمتها بسؤال... وما بين السؤالين تقع مئة وثمانون صفحة تلج بالأحداث والشخصيات التي بلورتها عبر لغة أنيقة، سيلمس فيها القارئ فكرة الصراع الجلي؛ فالصراع الأدبي هو أي نوع من التحدي أو النضال أو العوائق التي يجب على الشخصيات المقنعة التغلب عليها. إنه جزء مهم من أي عمل أدبي أما عن نوع الصراع الذي ساد رواية السماء وهو يعرف بصراع الشخصية مقابل الصراع الذاتي، والذي يشار إليه أحيانًا باسم صراع الرجل مقابل الذات.

وربما يكون المثال الأكثر شهرة لهذا النوع من الصراع هو مأساة هاملت لشكسبير وعبارة أكون او لا أكون
في الخطاب، الذي يتأمل فيه هاملت الموت والانتحار، لتفادي الألم وظلم الحياة ولكن يعترف بأن البديل قد يكون أسوأ.

ولكن الصراع الذاتي الداخلي في السماء وهو صراع لامرأة بين ما يطلبه قلبها في أول شعور لها بالحب وهي المرأة المتزوجة برجل حي ولكنه على قيد الموت وما يفرضه الواجب المقدس و جلد الذات لمجرد إحساسها بالحب؛ وقد طرحته بتسلسل سلس والذي جعله كذلك الفواصل أو القفلات لكل جزئية فقد اعتمدت على العناوين الفرعية وبثت في كل عنوان طيفا من أطياف العاطفة وذلك بعد الصفحات باستخدامها الألوان لرواية التي ضمنت فيها زريقات تشكيل قاعدة للانطلاق بالبيئة التي تعيش فيها والتي استخدمت فيها البلاغة و المحسنات البديعية والأسلوبية فكان أثر اللغة واضحا باستخدامها الألوان فاختارت اللون الرمادي للسجادة دلالة على حالة اللاشعور، وعن ذلك المقعد المتحرك الذي ينتظرها كل صباح لتدفئَه، والشمس التي تغفو على شرفتها الزجاجية.. استعانت رانيا زريقات بالأسئلة ومن الذكاء أنها لم تصل إلى إجابة عن تلك الأسئلة المتناثرة في طيات الرواية وقد يرجع ذلك إلى أكثر من سبب: الأول: خلق حافز للقارئ فتلازمه حالة الانشغال والتورط بالفكرة لمتابعتها وفقا لمبدأ التحفيز وإثارة الفضول سعيا لتحصيل إجابة ولن يجدها، والسبب الثاني دفع القارئ ليكون شريكا لها في قضيتها وصراعها عوضا عن أن يكون مصدرا للأحكام ... وأيما كان السبب فهو محمود؛ فيقول الفرنسي فولتير احكم على الإنسان من أسئلته لا من أجوبته... الحس الصوفي والإيماني ظهرا بقوة بدلالاتهما التعبيرية سواء أكانت الدلالة في البعد المادي أم في البعد الوجداني كما تميز أسلوبها بالسردية القائمة على الحوار تارة مع الآخر.. وحوار الذات تارة أخرى.. وسيلاحظ القارئ أن بصمة رانيا زريقات الفكرية الفلسفية تركت أثرها بالاقتباسات وحتى عبارات الحكمة التي تمثل فلسفتها في الحياة والوجود والتي استطاعت إسقاطها في مطارح عديدة خدمت السياق -الحدث الروائي.

ووفقا للمكان فقد امتدت اللغة الى مساحات مكانية كبيرة فلم تكن الأماكن مغلقة فحسب ومع ذلك أجادت في الوصف فتحركت اللغة فيهما وفقا لتحرك الشخصيات والأحداث؛ فكلما كانت الأماكن مفتوحة خدمت صناعة الفضاءات التي أيضا حلقت فيها الكاتبة لتنهل من خزنتها الثقافية فاستعانتها بالآلهة اليونانية وتوظيف أسمائها كآلهة الحب والكوميديا.. مسرح دي روخاس والموسيقى والآلات
فاستخدمت باللغة نوعين ممن الوصف الخارجي والداخلي وكان التركيز على الوصف الداخلي أما الخارجي فكان للأماكن والشخصيات بينما الوصف الداخلي كان الأساس وهو القائم على حالة الصراع.

أما عن صورة الرجل في رواية السماء وهو، تركت زريقات دليلا بقرينة لفظية واضحة؛ فضمير الغائب هو في عنوان الرواية يمثل الرجل؛ ذلك الرجل الذي شكل العقدة والصراع أو كليهما، فمن يقرأ الرواية يرى أن الكاتبة صورت الرجل الأول بجمل مفصلية: " كل شيء كان في قلبي، تلك الحرب بين الهروب و الصمود لم يناضل بها غيري، كنتُ أنا الجندي والسلاح، وأنت يا حبيبي كنتَ المشاهد، لم تكن يوما معي ولم تكن أرضك يوما أرضي، كنت تجلس مكتوف الأيدي تراقبني وأنا أقاتل كان يكفيك إشباعي بكلام الحب"." كل شيء منك كان باهتا رماديا لا جنون فيه ... لماذا كنت عاقلا وضبابيا؟؟"

نجد الصورة الأولى للرجل وهو في حالة من الجمود والسلبية حتى تواجده الإنساني إلى أن انتقلت إلى صورة الرجل الثاني: المغرق بالرومانسية التي كان رجلها الأول فقيرا إليها... وظفت زريقات بيئة خصبة لبناء صورته بدءا من محل الأزهار إلى المسرح فالأوركسترا، العشاء، ثم كلام الحب الشفاف...

صورة ثالثة للرجل الخائن صورة أبيها الذي دعت أمها إلى مسامحته ولم تفعل ...

لم تأت هذه الصور بشكل عبثي، بل جاءت محملة بالقيم، قيم الحفاظ على العلاقة الزوجية ووحدة نسيج العائلة جاءت كقرع جرس الإنذار لكل رجل أهمل زوجته... لم يبتدع الجنون ليس أي جنون بل جنون الحب.

قيمة محاسبة النفس تأنيب الضمير فالإنسان بلا ضمير سيكون جسدا خاويا بلا روح.. ومن القيم تقبيح الخيانة فهي جرم لا يغتفر وإن سامحنا فاعليها لتستمر الحياة فستلوح لنا الندوب بأن الجرح لا يزال غائرا.

مالت الرواية لتضمين نوع أدبي أشبه بالخاطرة النثرية في مواقع مختلفة لا سيما الخاتمة عبرت فيها عن البوح أو التداعيات العاطفية ضمن السياق ...








طباعة
  • المشاهدات: 15094
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-02-2024 11:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم