17-02-2024 04:35 PM
بقلم : د.عبدالكريم الشطناوي
هي حاكورة وما أدراك ما الحاكورة،لها حكايات وقصص وروايات،وإن تعددت رواياتها بتعدد رواتها حسب اختلافهم في الثقافات والميول،فهي وإن اختلفت شكلا إلا أنها تبقى في المضمون متقاربة.
والحاكورة والبيادر وآبار مياه الجمع،من سمات تراثنا الشعبي في قرانا الأردنية عامة والشمال
خاصة،وهي رمز للخير،للبركة، وفيها يتجلى التكافل والتضامن
بين الناس،حيث أنها تشكل ألفة،
محبة وتعاونا كقواسم مشتركة
فيما بينهم.
جلست وحيدا أتصفح نسخة يتيمة تحكي قصة نشوء بلدتي حوارة،كقرية صغيرة منذ القدم تقع شرق قرية اربد في حينها،
وقراءة الرحلات المكوكية إلى الشام في عهد الدولة العثمانية من أجل إرساء وضعها الجيود
يموغرافي(جغرافيتها،مساحتها
ومكونها العشائري).
ويمكن القول حسب المعطيات أن آخر استقرار لوجودها يعود إلى(منتصف القرن التاسع عشر
١٨٤٠ تقريبا).
مما لا شك فيه أن في قراءة التاريخ متعة لما يجده الفرد من
حكايا الآباء والأجدا،وهي تشكل
جزءا كبيرا من ثقافتنا.
أثناء قراءتي بتمعن وشغف في
ثنايا هذه النسخة جلب انتباهي
قصة حاكورة(........)وما كانت تتعرض له من مد وجزر(بناء و هدم).
فقد أقيمت على قطعة أرض مساحتها حوالي عشرة دونمات تقريبا كانت مُسوَّرة بسنسلةٍ ب حجارة(دبش)تُقَهقر فوق بعضها
بدون اسمنت،ويوضع بدلا منه طين من التراب مجبول بالتبن
الخشن.
ولما كانت القرية في بداية وضع الإستقرار،فكانت تتعرض
لإعتداء من حاسد،باغض،من شخص يهدف إحداث فتنة لنشر
البغضاء والعداوة بين مكونها العشائري.
فما أن ينتهي بناء السور ولمَّا يمْضِ عليه أيام،يُفاجأ صاحبها بهدم السنسلة،فيجد حجارتها مبعثرة هنا وهناك.
وقد تكرر الحال عدة مرات، فيضطر إلى طلب النجدة في
كل مرة،يهب الأقارب والجيران متكافلين متضامنين،يعيدون بناءها مرة ثانية وثالثة وهكذا.
ومن الجدير بالذكر وبحمد الله فقد تميزت قريتنا بروح التسامح والمحبة بين الناس، كانت وما زالت مضرب المثل في أمنها،أمانها،إستقرارها بين مكونها الديموغرافي.
وكانت الحاكورة مغروسة بأشجار الزيتون،كما كان فيها شجرة توت لم تسلم من عبثنا،
شقاوتنا في طفولتنا فكنا نقوم بتسلقها من أجل الحصول على ثمرها لننعم بتذوقه.
وكان فيها أيضا على ما أتذكر حوالي خمسة آبار تٌجمع فيها مياه الشتاء،على كل بير(خرزة)
يستقي منها الأهل والجيران.
وكانت تشكل مصدرا هاما في تزويد الإنسان بما يحتاجه من الماء،حيث لا وجود لتمديدات المياه ولا للحنفيات.
وبالمناسبة فقد كانت خرزات المياه محط فخر للعشائر،فقد وصف أحد أبناء مدينة اربد ب (إربد الخرزات)كان لكل عشيرة
فيها خرزة تستقي منها.
ونحن في هذه الأيام نتحسر على تلك الأيام حيث كانت
حياة الناس من طعام وماء تقوم على التكافل والتضامن
الذي كان سائدا بروح إيمانية دينية احتسابا وتقربا من الله العلي الكريم.
وكانت الحاكورة في الماضي معلما بارزا في القرى،متناثرة بين البيوت،ولها طابعها الخاص.
ويبقى للماضي عبق التاريخ،أي رائحته،هو معنى مجازي يقصد
به أننا مازلنا نحس،نشعر،بأصالة
الشيئ على الرغم من تقادمه.
والعبق يمثل الشاهد الصادق على كل التحولات الإجتماعية والحضارية التي مرت بها البلاد لفترة طويلة وما زالت تقاوم الزمن وتطاول ببهائها التطور العمراني .
وهكذا فإنه يبقى للماضي وجود في الحاضر كذكرى بالفكر
والوجدان،فالذكريات صدى
السنين الحاكي.....
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-02-2024 04:35 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |