بقلم : سهير بشناق

لربما ندرك في الحياة أن الاعتياد على الألم أقسى من الألم ذاته.. والاعتياد على غياب من نحبهم أصعب من غيابهم عن أيامنا.

كلما اعتدنا على الاشياء التي تحدث بعمرنا ألفنا وجعها وقسوتها.. فلا نعود مختلفين بالتجارب والغياب.

وحرب غرة وأطفالها ودمارها وكمية الوجع على تلك الأرض.. لربما اعتدنا عليها ولم نعد نملك القدرة على أن نحزن أكثر.

كيف يمكن لاطفالها تحت مطر السماء ووجع طفولتهم وقهر رجالها وحزن نسائها ان يجعلنا نعتاد؟

كيف يمكن لأحلام طفلة بوجه أمها ورائحتها وحضنها وانكسار قلبها أن نعتاد عليه فيصبح فقد الأمهات اعتياد؟.

كيف يمكن أن نعتاد على ذاك الحزن وتلك الحياة بقسوتها دون أن ندرك أن الاعتياد اغتيال أحلام وفقدان شغف العمر.. وحياة كالموت لا روح فيها.

هم لم يعتادوا إلا على وحدتهم.. فتلك الحرب وهذه الحياة التي يعيشونها.. اليوم لم تكن لهم سوى فصل في رواية خذلان جميع أبطالها يؤدون أدوراهم دون أن يتذكر أحدهم أن فصول الروايات في نهاياتها والبدايات جميعها تتشابه.

لا شيء أقسى على القلوب من أن تعتاد بعد من تحب.. وأن تعتاد على حياة لا روح فيها.. وأن نشهد اغتيال أحلامنا مرات ومرات دون أن نقوى على الحلم من جديد.. فتلك قسوة أيام نموت بها مرات ومرات.

سنجيد الاعتذارات كما اعتدنا.. وسندعي أننا لم ننس، ولكننا إن لم ننس فنحن بدأنا نتجاهل أحداث غزة ووجع ناسها.. وباتت حربها تشبه اعتيادنا على أيام العمر دون قلوب من نحب ودفء وجودهم.. وسعادة كنا نعتقد أنها ممكنة.

هو ذاك الاعتياد الذي يهزمنا ويؤكد لنا حقيقة أن لا أحد يعيش وجع الآخر.. ولا يمكنه أن يكون مكانه ليعاني.

نحن منذ زمن اعتدنا على أن نحيا بأنصاف الأحلام.. وأنصاف القلوب.. وأنصاف الحياة..

واعتياد مكتمل لا يرضى بأنصاف الأمور!!

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا