21-02-2024 08:44 AM
بقلم : د. صلاح جرّار
لم يكتف الاحتلال الصهيوني بتسليح نفسه بأحدث ما أنتجته المصانع العسكرية الصهيونية والغربية من طائرات بمختلف الأنواع والأشكال والاستخدامات ودبابات وصواريخ هائلة التدمير وقذائف لا تحصى عدداً ووسائل استخبارية متنوّعة وجنود ومرتزقة ومستعربين وشاباك وموساد وكلاب بوليسية وغير ذلك ممّا لا يعدّ ولا يحصى، حتّى عمد إلى دعم ذلك كلّه بالحرب النفسية والإعلامية صحفاً ووسائل إعلام ومرتزقة من الإعلاميين والسياسيّين المأجورين في معظم أنحاء العالم كي ينشروا هذه الأكاذيب والمزاعم والادّعاءات والاتّهامات ومحاولة إقناع الرأي ال?ام العالمي بها.
ومن أهمّ أسلحة الحرب النفسيّة والإعلامية التي يستعين بها الصهاينة سلاح التهم الجاهزة، فقد دأب هؤلاء الصهاينة على إعداد مجموعة من التهم لا تتغيّر بتغيّر الزمن وجعلوها في جعبتهم، وكلّما انتقدهم أحدٌ في أيّ مكان من الأرض وضعوا أيديهم في جعبتهم وتناولوا أيّ تهمة تقع عليها أيديهم وأشهروها في وجه هذا الخصم أو المنتقد، ثمّ يأخذون في البحث عن أدلّة تثبت هذه التهمة، وكثيراً ما يصطنعون الإثباتات والأدلّة ويحاولون إقناع العالم بها.
ومن أكثر التهم التي درجوا على إشهارها في وجوه خصومهم تهمة النازيّة وتهمة معاداة الساميّة وتهمة الانتماء لداعش وتهمة الانتماء لحماس وتهمة الارتباط بإيران وتهمة الإرهاب أو دعم الإرهاب وغير ذلك.
أمّا الأهداف التي يسعى الاحتلال الصهيوني إلى تحقيقها من جرّاء استخدام هذه التهم فأهمّها إيجاد ذرائع للجرائم الوحشية والممارسات العدوانية التي يمارسونها في حقّ الشعب الفلسطيني وشعوب الدول العربيّة من قتل وتشريد وحصار ومصادرة للأراضي والممتلكات، ومن الأهداف أيضاً استدرار عطف الشعوب الغربيّة لتقديم مزيد من الدعم المالي والسياسي والعسكري للصهاينة، وكذلك تأليب المجتمعات الغربيّة ضدّ الإنسان العربي والفلسطيني.
وقد أفرط المسؤولون الإسرائيليون منذ عملية السابع من تشرين الأول في توزيع الاتهامات على كلّ من اعترضَ على عدوانهم الوحشي على قطاع غزّة وارتكابهم المجازر الفظيعة ضدّ المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ وأطباء وممرّضين ومرضى وعمّال إغاثة وصحفيين وغيرهم، ولم يسلم من اتّهامات الصهاينة مسؤولو المنظمات الدولية بدءاً بالأمين العام للأمم المتحدة ومروراً بمسؤولي الأنروا ومنظمة الصحة العالمية والجمعية العامّة للأمم المتحدة ومنظمة اليونسيف ومنظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية وغيرها بالإضافة إلى زعم?ء دول غربيّة وإفريقية وشرقية مثل إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا وجنوب إفريقيا والبرازيل، فقد وجّه إليهم نتنياهو وزمرته الشريرة تهمة معاداة الساميّة واليهود، مع أنّ هؤلاء الذين يتّهمون غيرهم بمعاداة السامية هم أعداء السامية الحقيقيون.
وبعد الاجتماع الذي عقدته محكمة العدل الدولية للنظر في الشكوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدّ الكيان الصهيوني لارتكابه جرائم إبادة في قطاع غزّة شنّ رئيس الوزراء الصهيوني وعصابته هجوماً ثلاثياً من الاتّهامات ضدّ محكمة العدل الدولية وضدّ الأنروا، لأنّ المحكمة استندت في قراراتها على تقارير صادرة عن الأنروا، وضدّ دولة جنوب إفريقيا، وكان آخر الاتّهامات التي وجهها الصهاينة لوزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور أنّها تمثّل الذراع القانوني لحماس وأنّها على ارتباط مع إيران.
غير أنّ من التهم التي تثير السخرية والضحك ما عرضه نتنياهو في أحد تصريحاته عن كتاب (كفاحي) لهتلر وأنه عثر عليه في أحد أنفاق حماس، متهماً بذلك حماس بالنازيّة.
وإلى جانب هذه التهم فقد أظهر المسؤولون الصهاينة شططاً كبيراً في اتهاماتهم غير المنطقية، مثل وجود أنفاق لحماس تحت مدارس الأنروا، ومشاركة موظفين من الأنروا في عملية السابع من تشرين الأول، ووجود أنفاق لحماس تحت المستشفيات والمساجد، ووجود أنفاق في معبر رفح من الجانب المصري، وغير ذلك من سفاسف الاتهامات.
ومن المضحك أيضاً في هذه التهم التي يوزّعها الصهاينة على خصومهم أن يطلقوا تهمتين متناقضتين على شخص واحد أو جهة واحدة، كأن يكون منتمياً لداعش ومرتبطاً بإيران، أو أن يكون من حماس ويتبنى الفكر النازيّ، وهكذا، ممّا يدلّ على التخبّط في توزيع هذه التهم ويؤكّد طبع الكذب والتزوير والتزييف وتغيير الحقائق لدى الصهاينة.
إنّ استخدام سلاح التهم الجاهزة إلى جانب التهم المتجدّدة المرتبطة بمستجدّات الظروف هو واحد من الطباع الخبيثة التي يشتهر بها هذا الاحتلال البغيض من أجل تكريس احتلاله وإطالة أمد بقائه في الأرض التي يحتلّها، إلاّ أنّ هذا الطبع الخبيث لم يعد ينطلي على الناس، ولا بدّ لهذا السلاح أن يسقط كما تسقط أسلحته الأخرى، ولا بدّ للأرض أن تلفظ هؤلاء المحتلّين وتعود لأصحابها الشرعيين.
Salahjarrar@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-02-2024 08:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |