حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11790

سلاح العقوبات يطلق حرباً مالية عالمية

سلاح العقوبات يطلق حرباً مالية عالمية

سلاح العقوبات يطلق حرباً مالية عالمية

22-02-2024 04:25 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - مهَّد القرن الحادي والعشرين الطريق لـ "عهد جديد من الحروب المالية" بما فرضته الولايات المتحدة من عقوبات مالية صارمة على معارضيها. وخلافاً للعقوبات التجارية التقليدية، تُركِّز هذه الإجراءات على تعطيل قنوات المعاملات المالية المتعديَّة لحدود دولةٍ مُستهدفة بغية عزلها عن الاقتصاد العالمي.

البنوك غير مؤهلة بشكلٍ كاف لتطبيق أنظمة معقدة لمراقبة الصادرات


لكنَّ هذا أيضاً سمح لأمريكا باستغلال مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية على مستوى العالم. وفضلاً عن ذلك، هناك عدد قليل نسبيّاً من البنوك العملاقة المسؤولة عن غالبية المعاملات العابرة للحدود على مستوى العالم، وهي تعتمد على الدولار الأمريكي لتنفيذ عملياتها الأساسية. ومنع الوصول إلى الدولار يُعدُّ حكماً بالموت السريع على غالبية المؤسسات المالية الكبرى، حسبما أفاد علي أحمدي، باحث تنفيذي في مركز جنيف للسياسة الأمنية، وعويس أرشد، مستشار إداري سابق في التطورات الجيوسياسية وأنظمة العقوبات وضوابط التصدير والمخاطر السيادية والتجارة والأسواق الناشئة.


أمركة الامتثال
لذلك تبنَّت البنوك بسرعة التفضيلات الأمريكية فيما يتعلق بالممارسات القانونية – التي يُطلق عليها بعض العلماء اسم "أمركة الامتثال" – وأنشأت بيروقراطيات امتثال ضخمة ارتقت من إدارات وسطى إلى مراكز محورية داخل عمليات الشركات. وليس من غير المعتاد أن يشكِّل موظفو الامتثال 10% من موظفي البنك الواحد. والآن، تضع إدارة بايدن هؤلاء في قلب عملية فرض العقوبات الأكثر إلحاحاً في الغرب كله؛ ألا وهي تطبيق ضوابط التصدير.

وفي حين لا يزال للعقوبات المالية دور جوهري للولايات المتحدة وحلفائها، فقد تحول التركيز إلى ضوابط التصدير. وكانت العقوبات الاقتصادية مؤثرةً جداً في تقويض اقتصادات دول مثل إيران وسوري وفنزويلا.

السلاح المفضل
وقال الباحثان في مقال مشترك بموقع مجلة "ناشونال إنترست": في ظل تحوُّل العقوبات إلى سلاح مفضل في عصر التنافس بين القوى العظمى، أمست الأضواء مُسلَّطَة على ضوابط التصدير. وأدَّت الحاجة إلى تقييد وصول روسيا العسكري والاقتصادي إلى المنتجات التكنولوجية الغربية عالمية القيمة وإبطاء القاعدة العسكرية والصناعية الصينية سريعة التوسع إلى أنْ أعادت واشنطن اكتشاف حماسها لضوابط التصدير التكنولوجية التي تخلّت عنها لصالح تعزيز التجارة الحرة بعد سقوط جدار برلين.

ويتفق المحللون على أن نتائج تدابير ضوابط التصدير كانت متفاوتة حيث دعا مسؤولو مراقبة الصادرات الأمريكية للتحلي بالصبر، مؤكدين على أن هذه التدابير تحتاج إلى وقت لتظهر آثارها الكاملة، إذ لم تعتد شركات التكنولوجيا والتصنيع المتطورة على خدمة الأهداف السياسية الخارجية لبلدانها الأصلية. وسلاسل التوريد التكنولوجية أيضاً معقدة للغاية وتصعب مراقبتها، شأنها شأن التدفقات المالية.


تأثير رقابي وثغرات
وأوضح الباحثان أن رقمنة السجلات المالية وتزايد مركزية البنى التحتية المالية العالمية المُتمركزة في الغرب أساساً تجعل تعقب المعاملات المالية وإحباطها وإجراءات تحقق البنوك المعقدة سهلة نسبيّاً، مما يفضي إلى تأثير رقابي يحمل في طياته ثغرات قابلة للاستغلال. ولا يُوجد معادل لذلك في مجال التكنولوجيا، إذ تُقر الشركات بصعوبة مراقبة الأماكن التي تصل إليها منتجاتها بعد تمام البيع.

لذلك سعت واشنطن بشكلٍ متزايد إلى الاعتماد على البنوك في تنفيذ وظائف مراقبة الصادرات، إذ تتمتع مؤسسات الخدمات المالية بدرجةٍ كبيرة من مراقبة العقوبات وتجارة المنتجات التكنولوجية. وبوسعها أيضاً تسهيل هذه المعاملات عبر دفعات مالية عابرة للحدود، وتقديم خدمات مثل معالجة خطابات الاعتماد أو إصدار خطوط ائتمان للأطراف المعنية. وتعقد واشنطن الآمال على الاستفادة من قدرات البنوك الحالية في الامتثال للعقوبات لتعويض القيود المفروضة على شركات التكنولوجيا والتصنيع المتطورة.

البنوك غير مؤهلة
وأضاف الباحثان: البنوك غير مؤهلة بشكلٍ كاف لتطبيق أنظمة معقدة لمراقبة الصادرات، وذلك لأن نموذج الامتثال التقليدي يعتمد أساساً على إجراء المصدرين فحص العناية الواجبة المطلوب. ففي التمويل التجاري مثلاً، يمكن فحص أطراف هذه المعاملات وفقاً لقوائم العقوبات. ورغم ذلك، فإن تفتيش السلع الأساسية أكثر صعوبة. أولاً، قد لا تتمكن البنوك من الوصول إلى وثائق مهمة، أو قد لا تطلع سوى على جانب واحد من الصفقة، مما يجعل التدقيق صعباً.

ولمَّا أدركت موسكو نقطة الضعف هذه، أقامت شبكات معقدة للتهرب من العقوبات والحصول على مكونات خاضعة للحظر، لدرجة أنها شاركت حلفاءها قائمة بالعناصر بالغة الأهمية، وصرّحَت بواردات موازية لتعويض قيود العقوبات. ويفسر ذلك كيف أن عناصر محظورة مثل سيارات السيدان الفاخرة ما زالت موجودة في معارض موسكو.

ويُزعم أن الأدوات المالية الأكثر أهمية للتهرب من العقوبات هي منتجات تمويل التجارة المُستخدمة في التجارة الدولية، مثل خطابات الاعتماد وضمانات البنوك. وتكشف الملاحقات الأخيرة لوزارة العدل الأمريكية عن أن عملاء موسكو يستوعبون مراقبة الصادرات الأمريكية وقيودها على التقنيات البالغة الحساسية استيعاباً عميقاً، مما يجعل استخدام منتجات تمويل التجارة والشحن إلى دول ثالثة مخططاً كلاسيكيّاً متكرراً.
مراجعات استباقية للعملاء
ورأى الباحثان أن تنفيذ مراجعة استباقية ومستمرة للعملاء ومراجعة محددة لأنشطة الأعمال ذات المخاطر الأعلى من منظور التحايل على العقوبات سيصبح أمراً ضروريّاً، على أن تتجاوز تلك المراجعات نطاق مكافحة غسل الأموال التقليدي. وسيشكل تأمين الموظفين المناسبين لهذه الأدوار تحديّاً كبيراً، إذ إن مجموعة المهارات المنشودة لتدقيق الخدمات المالية في سياق ضوابط التصدير وديناميكيات الأمن الجيوسياسي في الوقت ذاته تُعدُّ فريدة ونادرة.

ورغم ذلك، أشارت جهات التنظيم إلى أن التصدي للتهرب من العقوبات يمثل أولوية لمجموعة الدول السبع، ويُحتمل أن تتخذ إجراءات إنفاذ مُستدامة بمليارات الدولارات ضد المؤسسات المالية الأجنبية، على غرار ما شهدته البنوك الأوروبية في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

ولفت الباحثان إلى إمكانية ظهور صدامات بين الأنظمة، مما يزيد تعقيد قدرة البنوك العالمية على الامتثال لأنظمة مختلفة. وإذر العقوبات الغربية فرضت موسكو عقوبات مضادة كبيرة. ورغم أنها ليست بالقدر ذاته من الأهمية، فقد جمَّدَت هذه القيود بالفعل مجموعة كبيرة من رؤوس الأموال الغربية داخل روسيا، إذ هدد الكرملين بتأميم هذه الأصول إذا صادرت بروكسل مدفوعات الفائدة المُستحقة في إطار النظام المالي للاتحاد الأوروبي.

وتُعدُّ قضايا ضوابط التصدير أكثر تعقيداً نظراً للطبيعة المترابطة لسلاسل التوريد الدولية. فيمكن مثلاً لضوابط التصدير الإستراتيجية التي تفرضها الصين على صادرات المعادن الأرضية النادرة الحيوية أن تُعطِّل نشاط التصنيع.

ويخلص الباحثان إلى أن فعالية هذه الإجراءات ستواجه تحديات وستستغرق وقتاً. وستحتاج البنوك الدولية إلى وقت لتنفيذ أنظمة معقدة ومكلفة لتلبية المتطلبات الجديدة. وأشارا إلى أن فرض عقوبات مدمرة على البنوك الصينية من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد المنافسة الصينية الأمريكية إلى ما هو أبعد مما تشعر إدارة بايدن بالراحة تجاهه. ومع ذلك، فقد يحدد نجاح هذا النهج الجديد منافسة القوى العظمى لسنوات قادمة.











طباعة
  • المشاهدات: 11790
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-02-2024 04:25 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم