25-02-2024 10:48 AM
بقلم : د. عدلي قندح
تشير مختلف الدراسات إلى أن تداعيات الحرب في غزة على الاقتصاد الاردني تعتمد على طولها وشدتها وتخضع لدرجة كبيرة من عدم اليقين، فكلما طال أمد الحرب واتسع نطاقها، زاد تأثيرها على الاقتصاد الأردني.
دراسة الأمم المتحدة التي أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تشير إلى أن التكلفة الاقتصادية للحرب في غزة على الدول العربية المجاورة متمثلة في الأردن ومصر ولبنان، قد ترتفع إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار هذا العام، وتدفع أكثر من 230 ألف شخص إلى براثن الفقر والبطالة، ويمكن أن تتضاعف آثارها إذا استمرت الحرب 6 أشهر أخرى.
صندوق النقد الدولي حذر من أن استمرار الحرب لعام وأكثر مع اتساع نطاقها قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الأردن إلى أقل من 2%، مقارنة بحوالي 2.7% حسب توقعات الموازنة العامة للعام 2024.
هناك اجماع بين مختلف الفعاليات على أن الحرب شكلت تهديداً للنشاط السياحي وللملاحة وإيراداتهما، خاصة بعد التعافي القوي للقطاع السياحي من أزمة كورونا، حيث نما قطاع المطاعم والفنادق بوتيرة سريعة وكان عدد السياح الأعلى منذ عام 2019.
تشير التقارير الأولية لجمعية الفنادق الأردنية ووكالات السياحة إلى أن 57 ألف أردني يعملون في القطاع السياحي تأثرت أعمالهم بشكل كلي أو جزئي، حيث انخفضت معدلات اشغال الفنادق والحجوزات، بنسب تتراوح بين 50 إلى 75 في المئة خلال الأربعة الأشهر التي تلت بداية الحرب، خاصة في المواقع السياحية الشهيرة مثل البتراء، كما انخفض الاقبال على المواقع السياحية بنسبة 40%، وتراجعت حجوزات المطاعم السياحية ما بين 60-70% منذ بدء الحرب. وأشارت تقارير وكالات السياحة إلى أن صناعة الطيران، التي كانت تتعافى لتوها من خسائرها المرتبطة بأزمة كورونا، قد تتكبد تكاليف تشغيلية أعلى لأنها تتخذ مسارات أطول لتجنب التحليق فوق مناطق الحرب، وقد تنشأ تكاليف إضافية أيضا في حالة ارتفاع أسعار الوقود، مما قد ينعكس على سعر المستهلك النهائي ويؤثر بشكل أكبر على السياحة.
وتشير معلومات قبل نهاية عام 2023 الى أن 23 رحلة طيران عارض، و26 رحلة بواخر إلى العقبة أُلغيت منذ بدء الحرب، حتى نهاية العام، وهذه الإلغاءات الحقت خسائر بالمنشآت الفندقية إضافة لحجوزات المجموعات السياحية التي تشمل برامج سياحة المؤتمرات والحفلات وحجوزات المطاعم والمرافق ذات الاستخدام اليومي.
واذا ما طال أمد الحرب قد يؤدي ذلك الى تراجع الايرادات وفقدان فرص العمل في هذه القطاعات، الأمر الذي قد يؤثر على مساعي وزارة السياحة في تحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي خلال الفترة (2023-2033) لتوفير 99 ألف فرصة عمل في قطاع السياحة، وتحفيز الاستثمار في القطاع وزيادة الدخل السياحي.
ومما قد يؤكد من تلك التوقعات هو أن بيانات البنك المركزي أشارت إلى انخفاض إيرادات قطاع السياحة بنسبة 3.4 في المائة خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول 2023، مقارنة مع ذات الشهر من عام 2022 ليبلغ 359 مليون دينار، وعزت ذلك إلى تراجع أعداد السياح بنسبة 8% إلى 416.6 ألف سائح مقارنة بالشهر نفسه قبل عام.
وبينت دراسات البنك الدولي أن تراجع السياحة قد يكون له آثار أوسع على النشاط الاقتصادي من خلال الروابط الخلفية والأمامية مع القطاعات الأخرى الأكبر حجما، على الرغم من أن وزن قطاع المطاعم والفنادق لا يزال صغيراً مقارنة بإجمالي القطاعات فإنه يرتبط ارتباطا وثيقا بقطاعات مهمة أخرى في الاقتصاد الأردني، ولا سيما تجارة الجملة والتجزئة، والنقل، والبناء.
من جهة ثانية، تشير بعض الدراسات الى ارتفاع تكاليف نقل البضائع القادمة إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر من جنوب شرق آسيا بنحو 160%، وارتفاع تكاليف الشحن المتجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة بما يتراوح بين 60 و100%. كما وكشفت ارقام نقابة ملاحة الأردن عن انخفاض ملموس بحجم المناولة في موانئ العقبة بنسبة 45% خلال الثلاثة أشهر الماضية، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي والذي سبقه، إلا أنه لم تسجل حتى الآن شكاوى حول نقص أو عدم وصول البضائع وانما تأخر وصولها فقط. ويعزى انخفاض حجم المناولة إلى الأحداث الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة خاصة للبضائع التي تعبر باب المندب باتجاه العقبة إلى جانب وجود عطلة لدى المصانع الصينية التي تنتج أكثر احتياجات المملكة، في وقت تستمر وزارة النقل بتوفير بدائل متعددة للأزمة التي تعيشها منطقة البحر الأحمر من خلال خطوط التغذية والخطوط التي ما تزال تعبر باب المندب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-02-2024 10:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |