28-02-2024 05:55 PM
بقلم : سعيد ذياب سليم
يتميز تاريخ الشرق الأوسط بأن الحرب هو العامل المؤثر على حياة أبنائه في مراحل كثيرة تمتد إلى عقود بعيدة، ويظهر تأثيره في كل مجال سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا و يشكل مخاوفنا و أحلامنا فهو ينغرز في حياة أبنائه كالخنجر.
كما تميز بوجود وفرة في العناصر الخلافية السياسية و المذهبية بالإضافة إلى ما يملكه من ثروة طبيعية و مصادر الطاقة المتنوعة، جعلته عرضة لأطماع وتدخلات الدول الأجنبية.
جعل كل ذلك منه ميدانا للفوضى و الصراع السياسي و العسكري الذي لا يبدو له نهاية.
فما عليك إلا أن ترجع إلى دفاتر التاريخ و تقلب صفحات الحرب العالمية الأولى أو الثانية أو الحروب العربية الإسرائيلية و ربما يكفيك أن تسمع بعض ذكريات جدك فما من بيت إلا وترك الحرب على عتباتها ألما و معاناة، فقد واجه الأردن وشارك ببسالة في الرد والدفاع عن حياض العرب والإسلام و لم يدر لها ظهره.
كان و مازال وجود الكيان الصهيوني المغتصب كالحربة في خاصرة الأمة سببا في عدم الاستقرار والذي لا ينفك عن إثارة الفوضى و إشعال الحرب والفتنة بشكل دوري، هو لا يعترف بحق إنساني ولا يردعه مبدأ أو قانون دولي ولا وازع أخلاقي.
وما الحرب الأخيرة في غزة إلا نتيجة من نتائج غطرسته و اعتداءاته التي لا تنقطع على الإنسان الفلسطيني-والعربي- و حقه في الوجود على أرضه و ممارسة حياته و إقامة شعائره الدينية بحرية كفلتها السماء.
فهي حلقة من مسلسل مستمر لم تبعثها عملية 7 أكتوبر -كما تبدو للعالم- ولكن أطماع الكيان الصهيوني الاستيطانية وخطته في إعادة استعمار قطاع غزة و ترحيل سكانه إلى مجاهل الأرض و إقامة المستوطنات من جديد فهل سينجح في ذلك أم سينتصر عليه صمود أبناء غزة الأسطوري.
هذه الحرب التي تابعناها ساعة بساعة امتدت خمسة شهور حتى الآن أهلكت مقومات الحياة و أبادت أسرا عديدة شاهدنا فيها أفظع الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني انتقاما لسمعته كجيش لا يُقهر والذي بدى كدمى ورقية تمزقت بأيدي المقاومة في عملية 7 أكتوبر التي حدثت بسبب الحصار الذي تعاني منه غزة فمن المعلوم أن الفقر والحاجة و انسداد الآفاق هي من الأسباب التي تؤدي إلى الثورة وما خبر الثورة الفرنسية عنا ببعيد .
شاهدنا في هذه الحرب البؤس على وجوه الأطفال و الحزن في عيون النساء و الشقاء في ملامح الشيوخ، تحدثت أواني الطبخ الفارغة التي يحملها أبناء غزة عن الجوع، شاهدنا آلاف منهم يركضون وحولهم الرصاص لعلهم يحصلون على حفنة من طحين لكن كثيرا منهم لم يفز إلا بالشهادة.
شاهدنا و شاهدنا و شاهدنا لكن لم نصل إلى الغاية التي يريدها نتنياهو من حربه هذه!
تارة يصرّح بأنه يبحث عن بديل لحماس و منظمات المقاومة وذهب به خياله إلى تغيير المناهج التعليمية و تقييد الأئمة بخطبة قد يكتبها هو نفسه، وتارة أن جيشه لن يخرج من القطاع، وتارة يتحدث عن مشاريع سياحية و مدن ألعاب على الشاطئ وكأنه يعلن بذلك عن مساهمته في خلق شرق أوسط جديد تنطلق فيه قطارات السكك الحديدية من إسرائيل حتى الهند – التي شارك المرتزقة منها في حرب غزة – حلم "سريالي" ترى فيها دولا عربية تعتنق الهم الإسرائيلي فهل يأمنون جانبها وجانب رجالاتها الذين يعشقون دم الأطفال؟
هذا و مازالت المقاومة ثابتة في موقفها تشاغل العدو و تستنزف قواه
في ميدان المعركة وعلى مشارف رفح التي ترقبها القلوب وعلى طاولة المفاوضات يرسمون أملا في مستقبل جميل.
سعيد ذياب سليم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-02-2024 05:55 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |