بقلم : محمد عبدالله الروابدة
منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة إنبرت الأقلام المشككة بصدق نوايا المخططين والمنفذين لهجوم السابع من اكتوبر وحاولت تشوية المقاومة كفكرة بحجة الإبادة التي تعرض لها وما زال يتعرض لها كل شيء في غزة حجراً وبشراً وقاموا بطرح اسئلة لا بد من الوقوف عندها .

لماذا السابع من أكتوبر ؟

بأي ذنب يقتل اهل غزة الان ومن يتحمل وزرهم ؟

ما جدوى المقاومة اصلا ؟

اعتقد جازماً انها لم تكن اسئلة بريئة بل هي جرعة من السم دُست في دسم الامة كما سابقاتها ولكن سأجيبها تباعاً
بعد إنهيار الاتحاد السوفييتي وتشكل النظام العالمي أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة تنبه العالم الى استفاقة التنين الصيني ووضعت أمريكا مسألة " احتواء الصين " على سلم أولويات الاستراتيجية الامريكية ولكنها فشلت في ذلك فبدأ النظام العالمي يتشكل بطريقة مختلفة نحو الثنائية المتعددة وذلك بمعنى ان تكون الصين وأمريكا قطبين مهيمنين يحكمان العالم من خلال اقطاب اصغر على مستوى القارات والاقاليم وتبلور ذلك في تكتلات اقتصادية وسياسية واسعة تضم معظم الدول ذات التاثير مثل ال(BRICS) وظهور زعامات إقليمية غير تقليدية مثل البرازيل في القارة اللاتينية والإمارات في الشرق الاوسط وتركيا في آسيا المتاخمة للإتحاد الأوروبي .

فتنبهت القوى العظمى الى اهمية ترتيب آركان النفوذ بينها وتقسيمها وفقاً لما تراه القوى الإقليمية التابعة لها او بالأحرى ما تنقله لها من تقارير تحاول من خلالها تقديم صورة "الرجل السمين في الحي " لربتها.

وعليه حاولت روسيا ان تقنع الصين انها الحليف القادر على اضعاف المعسكر الغربي وحاولت اسرائيل ان تقنع أمريكا انها عقدت تحالفات واتفاقيات تطبيع مع قوى عظمى في الشرق الاوسط كالامارات والسعودية وانها بذلك سيطرت على المنطقة وقادرة على حماية المصالح الغربية في الشرق الاوسط.

فجاء طوفان الاقصى كالماء البارد على وجه العالم كاملاً ليقول للجميع أن العالم لن يحظى بالاستقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية ولن يستطيع الغرب حماية مصالحه بواسطة اسرائيل التي حاولت اقناع الجميع انها القوة العظمى في الشرق الاوسط وتبين انها أضعف من بيت العنكبوت ولا تستطيع حماية نفسها على المستوى العسكري والاقتصادي وساعد في ذلك اغلاق الحوثيين للبحر الاحمر .

اما رداً على السؤال الثاني فالاف الشهداء والجرحى والنازحين والمشردين الى الان فقط فهذا لا تلام عليه المقاومة وانما يلام عليه النظام المجرم الاسرائيلي وجميع اعوانه ويبقى وصمة عار على جبين العالم ولن يقلل من انجاز المقاومة شيء فالثورة الجزائرية لم تشوه رمزيتها بمليون شهيد سقطوا فيها وانما زادها بريق واشراقاً .

اما رداً على اصحاب السؤال الثالث مع انهم اقل من ان نرد عليهم فأقول لهم لن تفهم الدجاجة ان حرية الصقر اغلى عليه من بواقي طعام البشر ، وان الجبان لن يصدق ان الساموراي يقتل نفسه قبل ان يسقط في يد عدوه ، فلن تفهموا ان البحث عن العلف مختلف في مسعاه عن البحث عن الشرف ، ولن تفهموا اعظم ما قاله الحطيئة في هجاء الزبرقان :

دع الـمكارم لا تـرحل لـبغيتها وأقـعد فـأنت الـطاعم الكاسي