06-03-2024 08:23 AM
سرايا - في رحلة تطوّع استثنائية أجريت خلالها مئات العمليات الجراحية في مستشفى غزة الأوروبي، روى استشاري جراحة الأوعية الدموية الدكتور وليد مسعود وزميله استشاري جراحة العظام الدكتور طارق التميمي، المعاناة الإنسانية والطبية التي يعاني منها سكان غزة، وسط تأكيدات على الحاجة الملحة لرفد القطاع بمزيد من الكوادر الطبية لمعالجة المصابين والمستلزمات المتعلقة بالعمليات الكبرى، خاصة لفاقدي الأطراف وأصحاب الكسور.
وعلى مدار أكثر من ساعتين من عرض تجربتهما خلال ندوة حوارية لمنظمة النهضة العربية "أرض" عقدت مساء أول من أمس ندوة بعنوان "غزة: الاعتداء على المعايير الإنسانية"، تحدث خلالها مسعود والتميمي بحضور نقيب الأطباء الدكتور زياد الزعبي، عن عملهما خلال أسبوعين ضمن وفد طبي عالمي جرى تنسيق موافقات وصوله عبر منظمة "رحمة" العالمية، انطلاقا من القاهرة إلى سيناء ومن ثم إلى رفح جنوبي القطاع، في ظروف معقدة لم تتوقف خلالها عمليات قصف الاحتلال لمحيط المنطقة.
وأكد الطبيبان الحاجة الملحّة لأطباء جراحة العظام والأوعية الدموية، بسبب طبيعة الحالات التي تصل المستشفيات، إضافة إلى الحاجة لكوادر التخدير والتمريض كأولوية قصوى في هذه المرحلة من الحرب.
وقال مسعود خلال الحوار الذي أدارته الدكتورة سوسن المجالي، إن الفريق الطبي الأردني الذي شارك في هذا الوفد، لم يكن باسم نقابة الأطباء الأردنيين، وإن التسهيلات الممنوحة اليوم هي للمنظمات الدولية، بسبب تعذّر التنسيق بين النقابة وسلطات الاحتلال.
وروى مسعود الذي وثق كل مراحل المهمة، العديد من قصص المصابين، وخاصة الأطفال المصابين بشظايا عديدة بعضها كان يخترق أجساما عدة قبل أجسادهم، مبينا أن طبيعة الإصابات تكشف عن بشاعة الأسلحة المستخدمة، مؤكدا في الوقت ذاته "الإيمان المطلق" الذي يتمتع به أهل غزة رغم المعاناة الكبيرة.
وقال مسعود الذي زار قطاع غزة في مهمات مشابهة لنحو 40 مرة، إن سكان القطاع يحاولون أن يمارسوا حياتهم كالمعتاد في الخيم وأشباه الخيم وأماكن النزوح، وإن العديد من الكوادر الطبية عزفت عن العمل بسبب استشهاد عشرات الأفراد من عائلتها.
ونقل عن أحد الأطفال الغزيين، خلال تجواله في المستشفى وهو يحمل مصحفا بيديه الصغيرتين ويقرأ بعض الآيات ظانا منه أنه لا يجيد القراءة، ليتضح بأن الطفل كان ملتحقا بدار لتحفيظ القرآن، فكافأه الطبيب بمبلغ مالي، لكن والدة الطفل هرعت بعد ساعات إلى المستشفى، لتسأله فيما إذا كان بالفعل قد أعطى هذا المبلغ لابنها أم أنه سرقه.
وقال مسعود متأثرا: "نسيت هذه المرأة الغزية كل المعاناة والظروف التي يعيشونها، وكان كل همّها ألا يكون ابنها قد حصل على هذا المال بطريقة غير مشروعة"، وأشاد بعزة النفس لأهل القطاع رغم الظروف المأساوية التي يمرون بها.
وأكد أن الوفد الطبي الأردني جمع بين اختصاصات مختلفة، من أهمها أيضا اختصاص جراحة التجميل والترميم، حيث أجرى الجرّاح الأردني صالح أبو الحاج الذي كان يترأس الفريق، القدر الأكبر من عمليات الترميم للحروق والتجميل للتشوهات بسبب الإصابات، وفقا لمسعود.
وكشف عن جوانب معيشية في حياة الغزيين، مثل الغلاء الفاحش في أسعار السلع والمواد الأساسية خلال فترة تواجد الوفد الأردني في رفح، الذي انتهت مهمته في 18 شباط (فبراير) المنصرم، مشيرا إلى أن الكيلوغرام الواحد من اللحوم وصل في ذلك الحين إلى ما يعادل 35 دينارا أردنيا على سبيل المثال لا الحصر.
وتحدث عن الحالة النفسية التي يعاني منها اليوم سكان القطاع، مؤكدا الحاجة الى كوادر طبية نفسية أيضا لتخفيف صدمات الحرب عنهم.
وبين مسعود أن العمليات كانت تجرى في ظروف صعبة، حيث يعج المستشفى بالمراجعين والمصابين، حتى في غرف العمليات.
في الأثناء أكد من جهته نقيب الأطباء الأردنيين الدكتور زياد الزعبي خلال مداخلة سريعة في اللقاء، أن هناك مساعي حثيثة لإيصال وفد رسمي طبي أردني من خلال جمعية هيئة الإغاثة الطبية العربية، وعبر تعاون جامعة الدول العربية، واتصالات جارية مع الأمينة العامة المساعدة الدكتورة هيفاء أبو غزالة.
وبين الزعبي أن هناك توجها أيضا لنقابة الممرضين الأردنيين بإرسال ألف ممرض على دفعات على نفقة النقابة، متأملا أن تتكلل الاتصالات بالنجاح لإرسال هذه الوفود.
من جهته، قال الدكتور التميمي استشاري جراحة العظام، إن بعثتهم الدولية التي يشارك بها أطباء أميركيون وفرنسيون أيضا، تأخرت لنحو 9 ساعات عن موعدها، مع مواجهتهم حينها لاحتمالات عودتهم بسبب الإجراءات على المعابر رغم الحصول على الموافقات الأمنية، وإدراج قائمة الوفد رسميا عند سلطات المعابر.
وبين التميمي بأن حالات الكسور التي تعامل معها معقدة للغاية، بسبب إصابات قديمة بحاجة إلى "ترميم" وتعقيم، وأن العمليات كانت تستغرق ساعات مضاعفة، وبعضها كان يستمر حتى منتصف الليل.
ولفت إلى أن الوفود الطبية الأردنية مرحب بها عند المواطنين الغزيين، قائلا إنهم غادروا القطاع "بدمع العين".
وأكد أن شاحنات المساعدات مكدسة على جانبي الطريق المؤدية إلى معبر رفح، فيما أكد أن هناك جهودا جبارة تبذلها الهيئة الخيرية الهاشمية لإيصال المساعدات إلى غزة، بالرغم من كل التأخير.
وأضاف بالقول: "بالرغم من عمليات التأخير لوصول المساعدات يجب ألا نتوقف عن التبرع وإيصال المساعدات".
ولفت التميمي إلى أن الفريق الأردني أجرى المئات من العمليات الصغرى والكبرى، وأن المستشفى كان يقدم الخدمات الطبية لنحو 700 مريض ومصاب يمكثون في المستشفى مع عائلاتهم، عدا أعداد النازحين الذين تقدر أعدادهم في مباني المستشفى بنحو 30 ألفا.
ويعتبر هذا الفريق هو الثاني الذي يضم أطباء أردنيين توجهوا إلى القطاع عبر المؤسسات الدولية، فيما يتوقع أن يصار إلى إيفاد وفود رسمية باسم النقابة في الأسابيع المقبلة.
وأكد الطبيبان في حديثهما بأن الوفد حمل صناديق من المعدات الطبية والمستلزمات التي تم شراؤها من القاهرة وتحميلها في الحافلات التي أقلتهم إلى رفح.
وأقام الفريق الطبي الأردني والأميركي في اليوم الأخير لخدمتهم في القطاع، حفلا لأطفال المنطقة لتوديع السكان شارك فيه نحو 500 من الأطفال، لحاجتهم أن ينعموا ببعض الفرح والراحة هم وعائلاتهم.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-03-2024 08:23 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |