09-03-2024 01:00 AM
سرايا - بينما يرتفع صخب العالم احتفالاً بإنجازات المرأة في يومها العالمي، الذي يوافق 8 مارس/ آذار من كل عام، تبقى الأم الغزية نجلاء سلمان غير مبالية بهذه الاحتفالات.
فمثل غيرها من الأمهات في قطاع غزة، تركز نجلاء (37 عاما) كل جهودها على مهمتها الحقيقية، وهي إطعام أطفالها وضمان بقائهم على قيد الحياة، في ظل ممارسات التجويع التي تفرضها إسرائيل بالتزامن مع حربها الحالية على القطاع.
ولإنهاء المهمة سريعًا، طلبت الأم الفلسطينية من احد الصحفيين الانتظار قليلاً قبل الحديث معه، فإشباع بطون أطفالها الذين يصرخون من شدة الجوع أولى من أي شيء آخر.
نجلاء اضطرت إلى النزوح مع عائلتها إلى مستشفى "اليمن السعيد" في مدينة جباليا شمالي قطاع غزة بعد قصف جيش الاحتلال منزلها في بلدة بيت لاهيا الواقعة أيضا شمالي القطاع، ما أدى إلى استشهاد والدها.
فيما أجبر جيش الاحتلال زوجها على النزوح إلى مناطق جنوبي القطاع.
ولم تجد نجلاء طعاما آخر لتوفيره لأطفالها الجائعين سوى هذا الحساء المكون من صلصة البندورة والماء، لتسكت به جوعهم في ظل شح الطعام شمالي غزة.
** الوجبة الأولى والأخيرة
وفي ظل ظروف صعبة، وعدم توفر إمكانيات طهي جيدة، تقف نجلاء أمام موقد بدائي منذ ساعات الصباح، منشغلة في إعداد الطعام لأطفالها الذين ينتظرون بفارغ الصبر تناول وجبتهم الأولى والأخيرة لهذا اليوم.
وتقول نجلاء لمراسل الأناضول: "طعامنا اليوم هو مجرد مياه وصلصلة البندورة، أطفالي منذ الصباح يصرخون يريدون تناول الطعام".
وتضيف: "رغم الظروف الصعبة التي تواجه المرأة في غزة، فإنها ما زالت صامدة، وتتحمل الجوع والفقر والتشرد".
وتتابع: "نعمل كل ما في وسعنا لتوفير الطعام لأطفالنا الذين ينتظرونا بفارغ الصبر، على الرغم من ندرة الطعام في شمال غزة بسبب الحصار الإسرائيلي".
وجراء ممارسات التجويع الإسرائيلي، توفي 20 فلسطينيا في قطاع غزة، أغلبهم من الأطفال، وفق أحدث أرقام بهذا الخصوص أعلنتها وزارة الصحة في قطاع غزة، الأربعاء.
** "المرأة الغزية تستحق الإشادة"
وتلفت نجلاء إلى أن "المرأة في غزة تستحق الإشادة بسبب صمودها في وجه ظروف صعبة جراء الحرب والحصار وقلة الموارد والطعام والمياه".
وتوضح: "منذ بداية الحرب، تحملنا الصبر وتعبنا، نبذل جهوداً كبيرة للعثور على المياه والطعام، وتعرضنا للإهانة والظلم".
وتضيف: "ما زلت شابة صغيرة في السن، لكنني بدأت أعاني الأمراض بسبب حمل المياه والجلوس لفترات طويلة عند النار لطهي الطعام".
** ضغوط نفسية كبيرة
وتتحدث نجلاء عن مشكلة أجرى تواجه المرأة في قطاع غزة في ظل الحرب.
وتوضح أن النساء والفتيات في غزة يواجهن ضغوطًا نفسية كبيرة؛ حيث يجدن صعوبة في الحصول على الفوط الصحية خلال فترة الحيض بسبب ندرة وجودها، ما يتسبب في تعرضهن لظروف محرجة.
ووفقًا لإحصائية للأمم المتحدة، يوجد في قطاع غزة أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في سن الحيض بحاجة ماسة إلى الفوط الصحية خلال فترة الدورة الشهرية، إضافة إلى الحاجة للمياه النظيفة والمراحيض والخصوصية.
وتختم نجلاء حديثها مناشدة نساء العالم الوقوف إلى جانب نظيراتهن في قطاع غزة اللواتي يعانين ويلات الحرب والتدمير والجوع والتشريد.
** "نسعى للكرامة كبقية نساء العالم"
بدورها، تشارك الفتاة سندس (18 عاما)، شقيقة نجلاء، تفاصيل حياتها مع مراسل الأناضول أثناء مساعدتها لشقيقتها في إعداد الطعام، حيث قالت: "نسعى للكرامة كبقية نساء العالم".
وتضيف: "على الرغم من صغر سني فإنني شعرت أن الأيام الصعبة جعلتني أكبر من عمري بكثير".
وتتابع: "رغم تعرضي لقصف إسرائيلي وفقدان والدي الذي استشهد، وبالرغم من أن أسرتي مكونة فقط من الفتيات، فإنني مستعدة للمساعدة في جلب المياه والبحث عن الطعام".
وتشير إلى أنها في كثير من الأيام تضطر إلى الصبر على الجوع، إذ لا تجد طعامًا لتناوله لمدة تزيد عن يومين.
وتعبر الفتاة الفلسطينية عن أملها أن يكون لها حقوق مثل نساء العالم، وتتمنى أن تنتهي الحرب قبل حلول شهر رمضان المبارك، المتوقع أن يحل في 11 مارس/ آذار الجاري.
وتوجه سندس، أيضًا، نداءً إلى نساء العالم للوقوف بجانب الفلسطينيات في قطاع غزة في مواجهة التحديات والصعوبات.
** 8900 شهيدة غزية و2100 مفقودة
وعن معاناة المرأة الغزية في ظل الحرب، قال مدير عام المكتب الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، لمراسل الأناضول: "استشهد خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع 8 آلاف و900 امرأة فلسطينية، وأُصيبت نحو 23 ألفا".
وأضاف: "هناك 2100 امرأة مفقودة، و60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية، كما أن هناك مليون امرأة نازحة".
وجراء الحرب والقيود الإسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عامًا.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية ودمار هائل بالبنية التحتية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".