12-03-2024 08:30 AM
سرايا - أبو بكر الصديق
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، يلتقي نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم عند الجد السادس (مُرة بن كعب)، ويكنى بأبي بكر، وهي من (البكر) «الفتي من الإبل»، ولُقب بالصديق لكثرة تصديقه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وُلد بمكة المكرمة بعد ولادة أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بعامين وبضعة أشهر.
صفات أبي بكر الصديق
وقد جاء في صفات أبي بكر الصديق حديث عن ابنته عائشة -رضي الله عنها- قائلة: «رجلٌ أبيض، نحيف، خفيف العارضين أجنأ -أي: منحني الظهر-، معروق الوجه -أي: قليل لحم الوجه-، غائر العينين».
وفي صفاته الخُلقية، كان رضي الله عنه متواضعا رغم مكانته الكبيرة وقتها، ورحيما ورقيقا، فقد قال الرسول -عليه السلام- عنه: «أرحمُ أُمَّتي بِأُمَّتي: أبو بكرٍ».
ويقول ابن إسحاق: «كان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بها، وبما كان فيها من خير وشر، وكان رجلا تاجرا، ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام، من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه».
قصة إسلام أبي بكر
عندما نزل الوحي من الله عن طريق جبريل إلى رسولنا الكريم بالرسالة، أقبل صلى الله عليه وسلم إلى صديقه أبي بكر الصديق؛ ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة، ويدعوه للإيمان، إلا أن أبا بكر لم يتردد في تصديقه مطلقا، لأنه كان يعلم مدى صدق النبي صلى الله عليه وسلم من خلال صحبته وملازمته له، فكان أول من أسلم من الرجال، وقد روى ابن إسحاق عن بداية إسلام أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فقال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحصين التميمي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين دعوته، ولا تردد فيه» ومعنى ما عكم: أي ما تباطأ.
دعوة أبي بكر للإسلام
بدأ أبو بكر في دعوته للإسلام، وكان أول ثمار هذه الدعوة هي استجابة خيرة من الرجال آنذاك، لما كان يتمتع به أبو بكر من ثقة ومحبة في المجتمع المكي، ومن هؤلاء الرجال: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم أجمعين، الذين أصبحوا من العشرة المبشرين بالجنة بعد ذلك.
قصص أبي بكر مع النبي
ومن أشهر قصص أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم، هي قصة هجرة النبي من مكة إلى المدينة، عندما لازم أبو بكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في طريقه للهجرة إلى المدينة، ونام معه في غار ثور أيّامًا، وهو من طمأنه عندما أتى المشركون إلى الغار بحثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم لإيذائه، وقد أنزل الله -تعالى- فيه قوله: «إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا».
قال ابن إسحاق: (فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج، أتى أبا بكر بن أبي قحافة، فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمد إلى غار بثور- جبل بأسفل مكة- فدخلاه، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر؛ وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره، ثم يريحها عليهما، يأتيهما إذا أمسى في الغار. وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما).
خلافة أبي بكر الصديق
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بايع المسلمون أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- وأصبح أول الخلفاء الراشدين، في السنة الحادية عشرة للهجرة، وقد كانت مدَّة خلافته سنتين وثلاثة أشهر، وهي مدةٌ قصيرةٌ لكنَّها كانت فترةً مهمةً وعظيمةً للدعوة ونشرها.
أعمال أبي بكر في الخلافة
ومن أشهر أعمال أبي بكر بعد توليه الخلافة مباشرة، هي حروب الردة، فبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ارتدَّ عددٌ كبيرٌ من النَّاس؛ فكان لا بدَّ من تأمين الدَّعوة الإسلامية والدِّفاع عنها وردِّ من تصدّوا لها وهاجموها، فجهّز -رضي الله عنه- الصحابة لردع الردّة، وقاتل من أَبى أن يعود للإسلام.
وفاة أبي بكر الصديق
تُوفي أبو بكر الصديق وهو في عمر 63 عاما في نفس عمر النبي عندما تُوفي، كما دُفن بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى المسلمون عليه بإمامة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
رثاء أم المؤمنين لأبيها
وقالت ابنته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في رثائه: «نضّر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلّا بإعراضك عنها، وللآخرة معزّا بإقبالك عليها، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزؤك، وأعظم المصائب بعده فقدك، إن كتاب الله ليعد بالعزاء عنك حسن العوض منك، فأنا أنتجز من الله موعوده فيك بالصبر عليك، وأستعيضه منك بالدعاء لك، فإنا لله وانا إليه راجعون، عليك السلام ورحمة الله، توديع غير قالية لحياتك، ولا زارية على القضاء فيك».