17-03-2024 09:26 AM
بقلم : بلال حسن التل
كشفت معركة طوفان الأقصى، وما تلاها من عدوان إسرائيلي غاشم على قطاع غزة، جوانب من معركة الثقافة التي تشن على أمتنا. ففي الوقت الذي تضيق فيه إدارات وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها «فيسبوك»، على الأخبار والمقالات التي تتحدث عن صمود غزة وتضحيات أهلها، وما يواجهونه من حرب إبادة جماعية، فان هذه الإدارات تغرق متابعيها بمواد تكرس ثقافة التفافها والفرقة والاختلاف.
ففي مجال تكريس ثقافة التفاهة، تغص مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة التخمة، بأخبار طلاق فنانيين وفناتات وتعدد زيجاتهم ذكورا واناثا، وبأخبار علاقاتهم الغرامية، وخياناتهم الزوجية، وبالعلاقات العابرة في حياة الزوج أو الزوجة، وكذلك بأخبار جمال ابنائهم وبناتهم، وبعلاقات أبنائهم وبناتهم، وبصور جلسات التصوير الجريئة لبعض الفنانات، حتى في غرف النوم وملابسها الفاضحة، فمقياس الجرأة. صار يقاس بحجم التعري ومقداره، فكلما زاد التعري قيل انه اكثر جرأة.
وفي نفس الوقت الذي تهتم به هذه الوسائل باخبار العري والخيانات الزوجية بين الفنانين والفنانات، فأنها تظهرهم على السجاد الأحمر، وتنشر حفلات تكريمهم وتمجيدهم والتسابق لالتقاط الصور لهم أو معهم. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الوسائل تغيب أخبار الفنانين والفنانات، الذين يسلكون سلوكا محترما، ويقدمون أعمالا محترمة!.
ظاهرة التركيز على الفن الهابط، وعلى من يقدمونه، ليست ظاهرة بريئة، بل لها أهداف خبيثه، وهي جزء من معركة الثقافة التي تشن على أمتنا، لسحب شبابها ذكورا واناثا للانحراف عن السير على الطريق الجاد علميا وفكريا، لذلك تغيب عن وسائل التواصل الاجتماعي اخبار العلماء والمخترعين، المتفوقين في أي مجال جاد، كما تغيب اخبار المبدعين في كل مجالات الفكر والادب من شعراء وروائيين... الخ. أما المقاومين للاحتلال فإرهابيون ومتعصبون.
التركيز على التفاهة وصناعها عمل مقصود أحد أهدافه تغير مفهوم القدوة لدى شباب الأمة وصباياها، فبدلا من السير على درب العلماء المخترعين المبدعين من أهل الفكر والأدب، يقدم لهم صناع التفاهة كنموذج يقتدون بهم فيتكرس ضعف الأمة وضياعها، ويتكرس سكوتها عن حقوقها السليبة.
هذا عن تكريس التفاهة، أما تكريس إدارات هذه الوسائل لحجم الخلافات فيظهر من حجم ما تبثه هذه الوسائل من مقاطع تبين خلافات الامة حول المسألة الواحدة، خاصة في الأحكام الشرعية، دون بيان اهمية الاجتهاد كباب من ابواب التشريع، واحترام الإسلام للعقل والأثر الزمان والمكان على الاستنباط الشرعي للأحكام، مما يضع المتلقي العادي في حيرة وشك من أمره.
وما ينطبق على طريقة إدارات وسائل التواصل الاجتماعي مع تعدد الاجتهادات واظاهرها على انها خلافات، كذلك يجري الامر مع القضايا الوطنية والقومية، بهدف ترسيخ الخلافات وترسيخ ثقافة الإحباط و اليأس.
أما تكريس هذه الإدارات للفرقة بين ابناء الأمة، فأبرز صوره طوفان المواد التي يهاجم بها بعض الشيعة أهل السنة والجماعة، وكذلك ما يفعله بعض أهل السنة والجماعة ضد الشيعة، وإعطاء ذلك كله صفة الصراعات السياسية والمذهبية والعرقية مما يؤجج الصراع داخلي بين أبناء الامة، ويمنعهم من توحيد صفوفهم امام اعدائهم المشتركيين، وهذه واحدة من اخطر اهداف ونتائج الحرب الثقافية التي تشن على أمتنا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي. مما يجعلها وسائل تناحر اجتماعي.
الرأي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-03-2024 09:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |