18-03-2024 08:06 AM
سرايا - "اليوم ولأول مرة منذ نصف قرن عادت الولايات المتحدة إلى القمر، ولأول مرة في تاريخ البشرية قادت شركة تجارية الرحلة إلى هناك. يا له من انتصار، لقد وصلت أوديسيوس إلى القمر". بهذه الكلمات أعلن مدير وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" بيل نيلسون نجاح هبوط مركبة فضائية أميركية على سطح القمر لأول مرة منذ مهمة "أبولو 17" في عام 1972.
لكن رحلة "أوديسيوس" إلى سطح القمر، والتي بدأت على متن صاروخ صنعته شركة "سبيس إكس" المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك؛ كانت أكثر أهمية لسببين آخرين:
الأول أنها كانت المرة الأولى التي تتمكن فيها مركبة فضائية بنتها شركة "أنتيوتف ماشينز" الخاصة -وليس برنامج فضاء حكومي- من الهبوط التجاري الناجح على سطح القمر في أحدث سلسلة محاولات الهبوط التي تقوم بها البلدان والمؤسسات الخاصة التي تتطلع إلى استكشاف القمر والاستفادة منه إن أمكن.
الثاني أن هذه هي المرة الأولى أيضا التي تزور فيها مركبة فضائية مكانا حتى الآن في جنوب القمر، وهو الموقع الذي تتسابق دول مختلفة لاستكشافه لوجود مياه جليدية على سطحه، وقد يكون هذا الموقع أحد أكثر موارد القمر قيمة، وهذا من شأنه أن يمثل بداية حقبة جديدة في استكشاف أقرب جيران الأرض.
العودة إلى القمر.. لماذا الآن؟
في ذروة الحرب الباردة، كانت المنافسة بين وكالتي الفضاء الأميركية والسوفياتية شرسة، فقد احتشد البلدان للحصول على فرصة صناعة التاريخ من خلال الوصول إلى القمر أولا.
وفي عام 1959، تغلب الاتحاد السوفياتي على الولايات المتحدة ليصبح أول دولة تصل إلى سطح القمر بمركبتها الفضائية "لونا 2″، لكن الولايات المتحدة كانت أول دولة تضع إنسانا على سطح القمر في عام 1969.
وحتى يومنا هذا لا تزال الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي أوصلت رواد الفضاء الذين ساروا على سطح القمر، فقد حصل 12 إنسانا فقط ـجميعهم أميركيونـ على هذا الامتياز، ومنذ أكثر من 50 عاما لم يتغير عددهم، ولكن هذا العدد سيتزايد قريبا.
وعلى الرغم من نجاح بعثات أبولو الأميركية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في الهبوط في المقام الأول قرب خط استواء القمر، فإنه حتى الآن لم تتمكن سوى 5 دول فقط -وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان والهند- من تحقيق هبوط سلس ناجح على سطح القمر.
لكن في مثل هذا المجال الذي يزيد ازدحاما يوما بعد آخر، يُطرح السؤال الكبير عمّن سيصبح اللاعب العالمي الرئيسي التالي في المرحلة القادمة من استكشاف القمر؟ ولن يكون بعد الآن حكرًا على وكالات الفضاء الوطنية، فالشركات التجارية تريد أيضا جزءا من العمل القمري.
وبعد مرور 5 عقود على آخر بعثات أبولو أصبح القمر مرة أخرى هدفا لاستكشاف الفضاء، لكن وكالة ناسا لم تعد لديها القدرة على استكشاف القمر بنفسها. وكما أصبح معتادا؛ تعمل مع عدد من الشركاء التجاريين -مثل لوكهيد مارتن وبوينغ وإيروغيت روكيتيدين وسبيس إكس وكولينز إيروسبيس- لبناء البنية التحتية ببرنامج أرتميس.
وتسعى الآن العديد من الحكومات والشركات التجارية من أوروبا والشرق الأوسط إلى جنوب المحيط الهادي لإطلاق مهمات إلى مدار حول القمر أو الهبوط على سطحه، مدعومة بالأدلة على وجود المياه والموارد الطبيعية الأخرى، ويمكن لأي شخص قادر على إثبات وجود كبير على القمر أولا أن يكون له آثار كبيرة على الأرض وكذلك على الكون.
ومنذ أواخر الستينيات كان هناك أكثر من 20 هبوطا سلسا ناجحا على سطح القمر، 6 منها كانت بعثات أبولو المأهولة التابعة لوكالة ناسا. ومن المتوقع على مستوى العالم أن تجري أكثر من 100 مهمة قمرية -سواء من قبل الشركات الخاصة أو الحكومات- بحلول عام 2030، وفقا لوكالة الفضاء الأوروبية.
وفي السنوات القليلة الماضية، أرسلت اليابان وكوريا الجنوبية والإمارات وروسيا والهند والعديد من الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية مركبات فضائية آلية في مدار القمر بدرجات متفاوتة من النجاح.
وفي أغسطس/آب الماضي، حققت الهند إنجازا آخر لتصبح الدولة الرابعة التي تهبط على سطح القمر، وأول دولة تنجح في الهبوط الناعم بمركبة "تشاندريان 3" غير المأهولة على بعد نحو 370 ميلا (600 كيلومتر) من القطب الجنوبي للقمر، وهو أقرب من أي مركبة فضائية إلى هذا الموقع الذي يعتقد العلماء أنه على الأرجح يحتوي على احتياطات كبيرة من الماء.
وحدث ذلك عقب محاولة روسية فاشلة في وقت سابق من ذلك الشهر، وهي المحاولة الأولى منذ 47 عاما، أي منذ الحقبة السوفياتية، وقادتها مركبة الفضاء الروسية "لونا 25" التي كان من المقرر أن تهبط في المنطقة نفسها، لكن الاتصال انقطع معها بعد اصطدامها بسطح القمر، وخرجت عن نطاق السيطرة وتحطمت.