18-03-2024 02:05 PM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
لعبت النقابات المهنية على مدار تاريخها دورًا وطنيًا هامًا على الصعيدين السياسي والاجتماعي، فضلًا عن الدور الإنساني سواءً في الأردن أو فلسطين، وساهمت في الحفاظ على المدينة القديمة في القدس من خلال ملكية مجمّع النقابات المهنية هناك، بالإضافة إلى الدور البارز لنقابة المهندسين الأردنيين في ترميم العديد من البيوت القديمة والأثرية بمبالغ تجاوزت الملايين من الدنانير.
في كل الاعتداءات على غزّة، كان دور النقابات المهنية ومجالسها في الأردن يبرز إلى الوجود مباشرة، بما يُشكّل جبهة دعم حقيقية لوقف العدوان، إضافة إلى المسارعة في تقديم يد العون والمساعدة، ففي الاعتداءات الأخيرة، تحركت نقابة المحامين إلى عقد الاجتماعات العربية والدولية لوقف العدوان، والتبرع لدعم صندوق غزّة في النقابات المهنية بمبالغ تجاوزت الربع مليون دينار، والمساهمة في تقديم المرافعة الأردنية في الدعوى المقامة من جنوب أفريقيا ضد دولة الكيان لدى محكمة العدل الدولية.
أمّا نقابة الأطباء، فقد سارعت فورًا لتوفير الكوادر والمستلزمات الطبية لمستشفيات القطاع، واستطاعت إدخال الكثير من المواد العاجلة لوقف انهيار المنظومة الطبية، بالتعاون مع العديد من النقابات الأردنية والعربية، وقد تشاركت مع نقابة المهندسين لعقد أكبر مؤتمر طبي جمَع ما يزيد على ثلاثمائة طبيب من مختلف أنحاء العالم، لإعادة ترميم وتأهيل كامل القطاع الصحي في غزة.
وتجدر الإشارة إلى أعضاء مجلس نقابة الأطباء، وإلى جهودهم الطيّبة في استثمار علاقاتهم في تقديم الخدمات الطبية، وهذا يدفعني للحديث بأمانة، عن تحركات الدكتور بلال عزّام ومحاولاته المتكررة من أول يومٍ في العدوان في الدخول إلى غزّة، حتى نجح أخيرًا في الدخول إلى هناك، وقد سمعتُ منه عن الحالات والإصابات، ما تقشعّر له الروح.
ولا يقل حديث الدكتور طارق التميمي أمين سر نقابة الأطباء ألمًا، فقد روى لي كيف استقبله الأهل هناك بمحبة صادقة، وكيف أنّهم يُعلّمون الأمة الصمود والبطولة، ويحمل الطبيبان عزّام والتميمي الكثير من القصص الحقيقية التي تُبكي القلوبَ بعضها، وبعضها يرفع منسوب الأمل والعزيمة.
نقابة المهندسين، لا يقلّ دورها بطولةً عن دور شقيقاتها النقابات، إذ سارعت إلى عقد اجتماعات لاتحاد المهندسين العرب، نتج عنها تشكيل لجنة إغاثة، ولجنة لتوثيق الأبنية التراثية، وقامت النقابة بالتعاون مع نقابة المقاولين بعمل حملة تبرعات جمعوا من خلالها خمسة ملايين دولار، واستطاعوا توزيع عشرة آلاف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة، بتكلفة تجاوزت الثلاثمائة ألف دولار، وقاموا بشراء سبعة محطات تنقية مياه متنقلة، تقوم بتوزيع حوالي خمسمائة متر مكعب يوميا، وقامت النقابتان (المهندسين والمقاولين) بعقد مؤتمر دولي في اسطنبول نتج عنه جمع ما يزيد على أحد عشر مليون دولار، إضافة إلى حملات التبرعات المختلفة، للمساهمة في إزالة الأنقاض، وإعادة استخدامها في البنية التحتية، وإعادة ترميم أفران الخبز ومحطات المياه، وتعاقدت مع سبعمائة مهندس لتقييم الأضرار للمباشرة في عمليات إعادة البناء والترميم.
أمّا نقابة الممرضين، ونقابة أطباء الأسنان، فتقومان بتأمين المستلزمات الطبية بنفسيهما، وخاصة المتعلقة بمستلزمات عمليات العظام والعمليات الخاصة بجراحة الوجه والكفين، وما يرافق ذلك من مشقّة وعناء في شراء تلك المستلزمات، وتأمينها للمنظمات الدولية، والتأكد من وصولها إلى المستشفيات في غزّة.
نقابة الصيادلة لها دور عظيم، فهي تقوم بشراء وجمع الأدوية بملايين الدنانير، وتعمل على توفيرها وتأمينها للأهل في غزّة، بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية.
إنّ الجهود الجبّارة للنقابات المهنية الأردنية بنقبائها وأعضاء مجالسها ومنتسبيها، تستحق الإشادة والإشارة إليها، ذلك أنّ آلاف الأطباء وأطباء الأسنان والممرضين والصيادلة تطوعوا للذهاب إلى غزة للمساعدة في الإغاثة، منهم من استطاع الدخول، ومنهم من يحاول، لأنّ في الأردن أهل للأهل في غزّة، يألمون لما يحدث هناك، ويقومون بما يمليه عليهم الواجب، من دون انتظار الشكر، إحساسًا منهم بالمسؤولية، وشعورًا منهم بأنّ هذا هو أقلّ الواجب، فتحية لنشامى النقابات المهنية، الذين يعملون بصمتٍ شديد، ويدفعون من جيوبهم الشخصية، ويقتطعون جلّ وقتهم، تاركين بيوتهم وأعمالهم، استجابةً لنداء الوطن والأهل في غزّة.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-03-2024 02:05 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |