حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8885

الملك وربع قرن من إغناء حوار الحضارات وتعزيز لغة الـحـوار

الملك وربع قرن من إغناء حوار الحضارات وتعزيز لغة الـحـوار

الملك وربع قرن من إغناء حوار الحضارات وتعزيز لغة الـحـوار

19-03-2024 09:35 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد الحوراني
منذ تسلم سلطاته الدستورية، تميز فكر جلالة الملك بانفتاح مطلق على العالم الواسع، وجاءت تأكيدات جلالته المستمرة عبر لقاءاته وزياراته وأحاديثه المتعددة، على المضي في مواصلة التصدي لحملات التشويه التي تستهدف ديننا الحنيف وتقديم الصورة الحقيقية له والتي مضمونها الوسطية والاعتدال، مؤكدًا جلالته أن الأردن كان على الدوام داعية لترسيخ مبادئ العقيدة وتعاليم الدين السمحة باتزان وانفتاح ضمن مفاهيم التيسير والتبشير والتبصير بقواعد الشريعة، والتمسك بمبادئ رسالة الإسلام وتحقيق المبادئ السامية التي جاء بها نبي الأمة محمد عليه الصلاة والسلام.

وجسدت خطابات جلالة الملك حرص المملكة الأردنية الهاشمية على تعزيز منظومة التفاعل بين الثقافات العالمية وتعزيز قيم التسامح والاعتدال ووسطية الإسلام وفهم ثقافة الآخر، وقد تضمنت معظم خطابات جلالته المحلية منها والإقليمية والدولية، التأكيد على ضرورة العيش المشترك بين الشعوب على أسس إنسانية مشتركة تعزز قيمة التسامح، وعليه فقد تميزت نظرة جلالة الملك بعمقها وشموليتها ودلالاتها التي عكست الفهم العميق لجلالته لمعالم الصورة الحقيقية للإسلام الذي جاء به من عند الله جدّه الأعظم محمد عليه السلام.

جلالته أطلق العديد من المبادرات التي أكد في مضامينها على حقيقة أن الدين والإيمان هو ما يلهم الناس لعمل الخير في حياتهم اليومية، وأنهما يقوداننا نحو الازدهار والنماء، عن طريق جمع الحضارات والثقافات المختلفة حول المبادئ المشتركة للإنسانية، ويقول جلالته في كلمة له في مؤتمر التراث الإسلامي: تعزيز الوئام والعيش المشترك المنعقد في الهند في الأول من آذار لسنة ألفين وثمانية عشرة (أن العالم أسرة واحدة. فمهما اختلفت دولنا وشعوبنا، توحدنا مسؤولية مشتركة تجاه بعضنا البعض وتجاه المستقبل).

ولعل أبز المبادرات التي أطلقها جلالته كانت رسالة عمان في العام ألفين وأربعة والتي جاءت كبيان مفصل أصدره جلالته في رمضان من ذلك العام بهدف أن تعلن على الملأ حقيقة الإسلام وما هو الإسلام الحقيقي، وتنقية ما علق بالإسلام مما ليس فيه، والأعمال التي تمثّله وتلك التي لا تمثّله. وكان هدفها أن توضح للعالم الحديث الطبيعة الحقيقية للإسلام وطبيعة الإسلام الحقيقي، وبالتالي فإنها قد شكلت أحد أهم الردود على دعاة الفتنة والفرقة والطائفية. وذلك من خلال إبراز الصورة الحقيقية والمشرقة للإسلام الذي يدعو للاعتدال والتسامح والسلام، والتعايش والانفتاح والحوار، والانخراط والمشاركة في رقي وتقدم المجتمع الإنساني.

وأما المبادرة الثانية فكانت (أسبوع الوئام بين الأديان) التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني خلال القاءه كلمته في اجتماعات الدورة الـخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في مدينة نيويورك في 23 أيلول من العام 2010، وجاءت المبادرة في إطار الجهود المكثفة والحثيثة التي بذلها جلالة الملك على هذا الصعيد ودعت إلى حوار عالمي قوامه التفاهم والنوايا الطيبة وتعزيز مفهوم التعايش وإحقاق العدالة ونشر السلام والمحبة بين شعوب الإنسانية جمعاء، وبهذا قال جلالته إن ما نقترحه هو أن يتم تكريس أسبوع من كل عام، تقوم خلاله دور العبادة المختلفة بالتعبير عن تعاليم دياناتها الخاصة حول التسامح واحترام الآخر والسلام. وآمل أن يحظى مشروع القرار هذا بدعمكم.

إن أسبوع الوئام بين الأديان إنما هي مبادرة أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني متحملًا فيها مسؤولية تاريخية هاشمية لتقديم إيضاح تفصيلي شامل للعالم وتذكيره أن لغة الإسلام وثقافته لم تكن ثقافة غزو وتخريب وتقتيل، وأنها لم تحاول تدمير أو محو الثقافات الأخرى التي وجدت قبلة، وان هناك لغات وثقافات متعددة قد نشأت في ظل الإسلام الذي استطاع أن يقدم نمطًا حضاريًا راقيًا منفتحًا على العالم وثقافاته المتعددة وكان له إسهامات عظيمة في اغناء هذه الثقافات الأخرى وتعدد مفرداتها وأدبها.

إن الأردن كان ولم يزل الأرض التي تلاقت فيها الحضارات المختلفة وتعايشت في رحابها العقائد والديانات السماوية، في جو من التسامح والعدالة التي أشاعتها فوق ثراه القيادة الهاشمية التي بنت مجتمعًا إنسانيًا خيّرًا، يقوم على الوعي وانفتاح النفوس والقلوب والعقول على الخير والعلم إلى أن غدا الأردن شعلة مضيئة وضعت معالم النهضة الإنسانية المعاصرة، التي نمت وترعرعت وتميزت في السنوات الأخيرة بفضل جهود جلالة الملك عبد الله الثاني في المحافظة على الإرث التاريخي وتطويره وتجذيره وتفعيله في دعم التعايش وترسيخ قيم الاحترام المتبادل والمساواة وروح المودة والإخوة على الأرض الأردنية.

لقد أكدت مساعي جلالة الملك أن الحضارة الإسلامية أسست للغة الحوار كوسيلة حضارية ناجحة لحل المشكلات والنزاعات، فهي قادرة على التحاور مع الآخر في كافة المجالات والقضايا وبالتالي فإن جهود جلالته قد لعبت دورًا مهمًا في نشر مظلة قيم التفاهم والتعايش والحوار بين شعوب العالم، والتركيز على المشترك الإنساني ونبذ كل صور وأشكال التطرف والعنف والكراهية، كما كان لجلالته دورًا مؤثرًا وبالغًا في تعميق الحوار والتواصل بين الثقافات والديانات لتعزيز التعايش الإنساني والاحترام القائم على حرية الأفراد ونبذ التفرقة ومواجهة من يريدون اختطاف الإسلام وقيمه السمحة.

ونختم بقول من كلمة جلالته خلال استقباله المشاركين في مؤتمر «التحديات التي تواجه المسيحيين العرب في عمان بتاريخ 3 أيلول 2013 حيث قال» تواجه منطقتنا حالة من العنف والصراع الطائفي والمذهبي والعقائدي، الذي طالما حذرنا من تبعاته السلبية التي تفرز مظاهر من السلوك الغريبة على تقاليدنا وإرثنا الإنساني والحضاري، القائم على مبادئ الاعتدال والتسامح، والتعايش وقبول الآخر. وهذه التحديات والصعاب المشتركة التي نواجهها كمسلمين ومسيحيين، تستدعي منا جميعا تضافر الجهود، والتعاون الكامل لتجاوزها، والتوافق على منظومة سلوك تجمع ولا تفرق.

Ahmad.h@yu.edu.jo

الراي








طباعة
  • المشاهدات: 8885
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-03-2024 09:35 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم