21-03-2024 10:43 AM
بقلم : د.نشأت العزب
ما يحصل الان لهو نتيجة لسبب ما كان بالأمس و ما سيحصل غداً لهو السبب لنتائج لم يتم حلها اليوم، فمن غير الممكن في هذا العالم الرقمي اللوغاريثمي محاولة تحليل اسباب و نتائج "الأن" دون النظر اليها باكبر عدد ممكن من درجات الزاوية ال ٣٦٠، و لان هذا الكون بناء على شكل حلزوني متزامن وجب ايضاً النظر إلى هذه النقطة من ابعادٍ مختلفة، عندها سوف نرى و من احدى وجهات النظر الكموميه ان اي حدث و منذ ان كان فكرة فقد بدأ بإيجاد احتمالات كبيرة جداً تنطلق من هذه الفكرة في اتجاهات يراها عقلنا كماضي و حاضر و مستقبل لكن أين هو الماضي و الحاضر و المستقبل في فضاء لا يعمل بلغة الكتل الفيزيائية بل يعمل بخوارزميات لا تعمل إلا بنظام يؤثر و يتأثر بالسلوك كمرحلة اخيرة و بالفكرة كنقطة اولى، دون النظر إلى عامل الوقت، فعند النظر إلى واقع اي حدث سنرى ان هذا الحدث لما يبدأ الآن بل في الحقيقة أنتهى الآن، فالحدث هو نتيجة لأسباب كثير اولاً، و قبل ان يكون سبب لأسباب مولدة لنتائج، ففي هذا العالم الخوارزمي الذي تنتمي اليه عقولنا التي بافكارها تمثل انعكاساً لواقعنا يبنى ما يسميه البشر تصوراً لأفكارهم لكن ما نسبة الحقيقة في هذا التصور و حاجة الكون له إذا ما ترجم إلى واقع !
ان حاجة الكون للاستمرارية الوجودية لهي الحواجز التي من خلالها تتم فلترة الأفكار قبل ان تصبح واقعاً، و الواقع لهو احدى مراحل الفلترة الكونية التي من خلالها قد يسمح او لا يسمح بتقدمها إلى المرحلة القادمة من مراحل الفلترة و تبنى النقطة الاولى و الأخير لمراحل الفلترة الكونيه على أساس راسخ و هو سيادة و سمو الإنسانية السليمة المتوازية مع مناخ صحي و سليم، فعبور احدى مراحل الفلترة لا يعنى أبداً جودة الفكرة او حاجة الكون لها بل لهي حالة رقمية سمحت بانتقالها لوجود معاير اخرى في هذه المرحلة ليس من ضمنها إيقاف هذه الفكرة حتى و ان لم تكن سليمة، لكن و من دون شك في مرحلة ما سيتم اخراجها من السيمفونية الكونية في حال عدم تطابقها مع حاجة الكون الوجودية لها للإستمرار و البناء و التطور .
عند النظر إلى تصميم هذا الكون و الطريقة التي يسير بها و اقصد هنا النظر بعين العقل، نجد ان ما يسمى كتلة في عالمنا الفيزيائي يعتبر شيء متناهي الصغر مقارنة بالقدرة التي تعمل بها هذا الفلاتر الضامنة للوجود الكوني الحريص على الوجود البشري على المنهج الإنساني، فالمطلق هي كلمة يسقطها الدماغ على ما يمكنه تخيله كشيء "أقصى" لكن ما هو المنطق في وجه المقارنة بين أقصى درجة للقوى الأم مقارنة مع جزء يكاد لا يذكر منها!، فمن هنا ندرك حقيقة النسبية فما هو مطلق في عالمنا لهو هش جدا إذا ما كان في مرحلة فلترة لا يسمح بها الكون باسمراريته، فمن هنا تبرز ضرورة الإستناد إلى نقطة ارتكاز إنسانية سليمة في حالة التفكير في بلورة اي فكرة خصوصاً في ظل هذه المرحلة الحرجة من رحلة البشرية.
قامت الفيزياء الكمومية باضفاء إمكانيات اكبر للعقل في محاولة فهم كوننا و إدارك القوانين و ما تنتجه من إحتمالات ينتج عنها الواقع و مستقبله، إلى ان أدركنا ان فكرة الماضي و الحاضر و المستقبل ما هي إلا مفاهيم فيزيائية بحته تمثل شيء أسميناه واقعاً لعوامل عديدة منها الوسط المحيط بنا ، الفهم الجمي للمصطلحات، التنشئة و غياب المعرفة بالفلسفة و حقيقة اخذنا بمسلمات في كون لا يؤمن بالمسلمات و الحقائق بالطريقة التي يسير بها عالم الكتلة، فهذا الكون الذي نمثل نحن بوجودنا فيه واقعنا الذي بتسليمنا للكثير من المعتقدات اعتبرناها قوانين و حاولنا اسقاطها على الكون ككل فأصبحنا نعيش اليوم هذا الواقع الذي لا يتناغم من السيمفونية الكونية بأي شكل، لا بل اصبحنا بسلوكنا نعتقد و نؤمن بما هو كفيل بإفناء المسيرة البشرية مثل إعلاء ال "أنا" دون الأخذ بالحسبان نتيجة هذا السلوك و اثره على مستقبلنا البشري.
قد يكون التصور انعكاسًا للواقع، ولكنه ليس دائما كذلك، في بعض الأحيان، يمكن أن يكون التصور مختلفًا عن الواقع بسبب العوامل الشخصية أو الثقافية أو العواطفية، و من هنا تبرز أهمية التحيز و الانتماء للإنسانية دوناً عن اي انتماء آخر، فالتصور يعكس فهمنا وتفسيرنا للواقع، إلا أنه قد يكون محدودًا بآفاق الخبرة والمعرفة التي نمتلكها، فالحقيقة الفعلية قد تتجاوز حدود التصور، وقد يكون الواقع متعدد الأبعاد ومتغيرًا باستمرار، مما يجعل من المستحيل التعبير عنه بشكل كامل. إذ يمكن اعتبار التصور كأداة لاكتساب فهم أعمق للواقع، لكنها تظل قطعة من مجموعة أكبر لا تمثل الواقع بشكل تام، و لصعوبة إحاطة الواقع من كامل زواياه وجب الاستناد على ركيزتين أساسيتين و هما العلم و الإنسانية.
لا يمكن لنا إلا أن نؤمن بالعلم من منظوره الفلسفي و جميع جوانبه و أبعاده بغض النظر عن محاولات اختزاله في نطاق الكتلة الضيق، فعند السماح للعلم بقيادتنا من دون أطر ضيقة، سيقودنا حتماً و من دون ادراك منا إلى طريق الإنسانية السليمة، فالعلم جزء من كل و لان كل شي متصل و منفصل في نفس الآن فلا يمكن إلا ان يقودنا إلى بر الأمان و ان لم يفعل فهذا اكبر دليل على ان ما أمامنا ليس علماً و إنما شيء آخر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-03-2024 10:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |