حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8751

إذ تخونهم اللغة ..

إذ تخونهم اللغة ..

إذ تخونهم اللغة ..

21-03-2024 01:35 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : السفير قيس شقير
قالوا: " إن للإنسانية لغةً واحدةً تتواصل فيها قيمنا المشتركة" ولعلّ مما قصدوه الموسيقا، التي تنقل أحاسيس البشر على اختلاف أجناسهم وأديانهم ومشاربهم الفكرية. وإن صحّ أن للموسيقا لغةً، فهناك إلى جانب اللغات التي نعرفها من عربيةٍ وإنجليزيةٍ، وغيرها، لغاتٌ جرى العرف أن نشير إليها فنقول: "لغةٌ سياسيةُ"، وأخرى دبلوماسيةٌ وما شابه من مصطلحاتٍ نعود إليها لنرمي لغايةٍ.

ومن هنا، غزت مفرداتٌ حياتنا العملية أبرزها ما يستخدم في لغة التواصل الاجتماعي، وعلى شبكات الإنترنت. فيما تظل مفرداتٌ دبلوماسيةٌ تلحّ على أسماعنا كل يومٍ - كحق النقض "الفيتو" مثلًا - ونحن نرقب مآسٍ تعصف بعالمنا، ومجازر لا حدّا منظورًا لها، ولا أمدًا، لمنطقتنا منها الحظ الأوفر، فنصبح على قصفٍ لمستشفىً في شمال غزة، ونمسي على قتل نساءٍ وأطفالٍ،ٍ وشيوخٍ وشبابٍ في رفح، سوّغ لأنفسهم الجوعُ التعلّق بشاحنات المساعدات لينالوا شرف الحصول على وجبة غذاءٍ طال انتظارها منذ بدء العدوان الجائر على غزة من أكثر من خمسة شهور.

ورغم مشاهد التقتيل والتجويع، والتهديم على رؤوس من لا ناقة له بالحرب الدائرة ولا جمل، تخون اللغة، بل لغات العالم أجمع، دولًا ظننّا أنّ ديدنها حرية الإنسان وحقوقه، ومنظماتٍ علمنا أنها أنشئت للدفاع عن الحقوق هذه، فترتقي بها إلى مصاف ما تنصّ عليه مواثيقها من قيمٍ إنسانيةٍ تجاوز حقائق الجغرافيا وحدود الدول، فإذا بقتل الأطفال الخدّج يثير قلقًا لا رفضًا، فزعًا لا إدانةً، ولا ما يستتبع المفردات تلك من فعلٍ يضع حدًا للمعتدي، فينصف الضحية ولو نسبيًا، فكلنا يعرف أن لا عدالة في الأرض، بل إن موطنها السماء.

قصرت لغاتهم عن إيجاد مفردةٍ تصف الحال كما هي على الواقع، فاختفت من قواميسهم كلماتٌ ذات معانٍ حسيةٍ وحركيٍةٍ، وخانتهم الذاكرة فلم تستعد إلا مفرداتٍ أثقلوا بها أسماعنا ترفض العدوان على بلد بعينه، فتدينه، وتحشد الدعم للوقوف في وجه من استباح سيادة أراضي دولة ما، وحرمة مدنييها قتلًا، واغتصابًا وتهجيرًا، دون سواها.

أسعفت العالم ذاكرته في مصائب، وخذلته في أخرى، فلم نسمع في تصريحات كثيرين مفردات إدانة القصف الهمجي للمدنيين في غزة، ولم نلحظ مفرداتٍ في صفحات صحفٍ عالميةٍ ترفض اعتداء قوةٍ قائمةٍ بالاحتلال على شعب أعزل منذ سبعة وعقود ونيّف.

وجاوز الأمر حد المعقول ليمتنع الطرف الثالث بين طرفين متحاربين، حتى عن استخدام مصطلحاتٍ: "وقف إطلاق النار"، بل رفضها بحججٍ واهيةٍ، وتردّد في أن يدعو للدخول الحرّ غير المقيّد للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، متعلّلًا بمصطلحاتٍ تخلّت مجبرةً عن معانيها كحق الدفاع عن النفس لمحتلٍ معتدٍ، لا لمن لا يملك ما يدافع به عن نفسه، سوى كلماتٍ يطلقها من فقد بيته، وقبله عائلته أمام من سوّلت له نفسه، ونزواتها، وعنجهيتها، ولا إنسانيتها أن يستبيح الحرمات، ويُزهق الارواح.

أهي اللغة التي خانت، أم أن القيم الإنسانية ما عاد لها اثرٌ إلا على الورق؟!!








طباعة
  • المشاهدات: 8751
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-03-2024 01:35 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم